مقالات وآراء

( المؤدلجون)؟

كتب/ عبدالسلام قاسم مسعد

تكمن مصيبة شعبنا الفكرية في ظهور ثلاث نظريات فلسفيه ترى كل واحدة منها مدى صدقها وأمتلاكها للحق دون غيرها وهي تتمثل من دعاة الفكر الأشتراكي اللينيني أولاً والفكر الأخواني ثانياً ثم من دعاةالفكر السلفي ثالثاً.
عندما نرى كل دعاة تلك الأفكار أو النظريات أو المعتقدات او لتسميها ما اردنا من مسمى ستجد دعاتها ينادون بأنفسهم كأصحاب للحق المطلق والغريب أن مخرجات اجيالها جيلاً بعد أخر يستمد تفكيره من تفكير من سبقه من رعاه ،حتى لو كان الزمان غير الزمان والمتغيرات غير المتغيرات.
تلك مشكله سنضل نعاني منها طالما والتربية الوطنية الحقيقية غائبه والتثقيف السياسي ايضا مستمر في توجيهه لصالح شخص أو منطقه أو حزب. ً

فالمؤدلجون هم الذين تأدلجوا في ايدلوجية (العقل الغائب) والمغيب اثناء حكم الحزب الأشتراكي اليمني (للجنوب العربي) وتحت مسمى (مدارس البدو والرحل) ثم الملتحقين في ايدلوجية مايسمى حينذاك معهد باذيب للعلوم الأشتراكية.
والصنف الثاني هم الفاتحون للإسلام في الجنوب بعد حرب صيف 94 والملتحقون بما يسمى المعاهد العلمية التابعة لحزب الإصلاح اليمني.
أما الصنف الثالث فهم اخواننا المتأسلمون خريجي المعاهد السلفية في عموم الوطن .
فالثلاثه الأصناف رغم الاختلاف في الفكر بينهما والذات مع الصنف الأول الذي انكر عروبة وإسلام بلدنا إلاّ أن التطرف الفكري الأوحد والادعاء بالفئة الناجيه وصاحبة الحق في الوجود دون غيرها هي السمه التي اعتادت عليها تلك الأطراف.

يبقى اولئكَ ((المؤدلجون)) هم أشد معضله تواجه الوطن وتمنع أي تقدم أو تعايش أو أستقرار سياسي لبلدنا نظراً لبقاء افكارهم قائمه ومتوارثه الى حد مايشبه التزاوج جيلاً بعد جيل منذ روادهم الأوائل وحتى اليوم وهو القول والعمل الذي لايقبل أي صوت إلاّ صوته ولا يعترف بالحوار والقبول بالأخر ،ويعشق الإقصاء الى حد العشق المُغلق الغير قابل للفتح أو حتى لمجرد التشاور.

اليوم نحس أننا مازلنا نعاني من ظهور (مهور)صاعده الى المسرح السياسي الجنوبي التي ولدت من رحم تلك (الإيدلوجيا) التي تتأثر عن وراثه دون علم أو عن هواء عابر وماض غابر تحاول أن تستنشقه لتعيد زفراته الى الوجود.

المؤدلجون من ( *الصُحبه* ) هم أشد تأدلج من المؤدلجون في قاعات ( *التأدلج* ) الخاصة بذلك،وهُنا تكمن مشكلة مجتمعنا من اولئك المأدلجون الذين جعلوا من الايدلوجية تحل محل (العقل والسلوك والعلاقات والتعايش والقيم) وجعلوا منها هي الحقيقة المطلقة التي لايمكن تجاوزها أو حتى مجرد الغوص في تفاصيلها.
لنأخذ مثالاً في ذلك من تأدلج في فكر المعاهد العلمية لاتستطيع أن تقنعه أن العالم الإسلامي اقطار ودول متعدده غير متقاربه بفعل التطرف الفكري الذي حلّ كما أسلفت محل العقل والقيم.

ثانياً الذين تخرجوا من الدول الأشتراكية سابقا ،البعض منهم ذهبوا ليتعلموا (العربده) بالمفهوم الشعبي السائد ليحن بهم الحنين اليوم الى تلك الفتره الزمنية الغابره التي أضاع فيها الجنوب تاريخه لصالح اليمن الشمالي بفعل (كأس من الفكر) ؟! وهو كذلك حال الخريجين من معهد باذيب للعلوم الأشتراكية الذين وزعوا خريجيه للوحدات العسكرية ومنظمات الحزب وسكرتاريتها بالمديريات والمحافظات ومرافق الدولة وجعلوا من (لينين) إله مقدس وفكره يُقابل الرسالة المحمدية معاذ الله من قول ذلك.
اليوم مازلنا نعاني من اولئك الخريجين ومن (المهور) الصغيره التي ولدوها وتركوها تنبت وتذر بويضاتها وتوزعها لمختلف المناطق غير واعضين انهم بفكرهم هذا قد اضاعوا علينا (وطن وتاريخ وهويه) وصار من المستحيل إقناعهم (بالأخر) ووصل الأمر أن ينفر شخص تحس انه قريب منك بسبب انتمائك لغير انتماءه وهذه هي (الكارثه) الوطنية التي هي من مخرجات تلك (الايدلوجية) .

أعود لأقول وأجزم أن أي فكر ايدلوجي ( *مستورد* ) لايأتي من الطين البلدي الوطني لايمكن أن يستمر سيله ولايكتب له البقاء،وعلى النخبة السياسية التي ترعى وتشجع ( *المهورالصغيرة* ) أن تعي الزمان والمكان والواقع والعصر الذي نحن فيه وماهي متطلبات المرحلة الوطنية الحساسة التي تُلزم الجميع الى التخلي عن *(العناد الفكري)* المستمد من نظرية(الغاب) نحو بناء الوطن الجديد الذي لاشك ولاريب هو ملك لكل ابناءه .

زر الذهاب إلى الأعلى