مقالات وآراء

        يا جبل ما يهزك ريح

  

بقلم السفير/
علي عبد الله البجيري

تداول كثير من المحلليل والمعلقين خبايا ومعاني زيارة الاخ الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي لبريطانيا بين مؤيد ومشكك في النتائج الرائعة لهذه الزيارة والتي حضيت باهتمام دولي واقليمي ومحلي غير مسبوق بالنسبة للقضية الجنوبية.

لقد حمل الأخ الرئيس رسالة شعب الجنوب إلى عالم الدول العظمى، رسالة شعب تواق لعودة دولته المستقلة، موضحا حجم المعاناة التي لحقت بمسيرته والمصاعب والتحديات التي واجهته منذ حرب 1994م إلى الغزو الحوثي عام 2015م، ثم الحرب المفتوحة مع الارهاب القاعدي والداعشي ومن يموله يمنيا واقليميا ودوليا حتى اليوم.

لقد مثلت زيارته هذه رسالة واضحة مضمونها ان الدولة الجنوبية القادمة هي دولة ديمقراطية مدنية تعددية يشارك فيها كل ابناء الجنوب، تلك الرسالة التي هي بمثابة الرد المفحم على التقولات الاخوانية المشككة في طبيعة الدولة الجنوبية القادمة.

لا ندعي ان الحكومة البربطانية اعلنت موقفها تجاه تطلعات شعب الجنوب التي حملها اليها الاخ الرئيس عيدروس الزبيدي باعترافها ولكنها استمعت واستلمت رسالة شعب الجنوب، ذلك الشعب الذي تربطه بالشعب البريطاني علاقات تاريخية تداخلت فيها الثقافة والادارة والقانون والنظام والتعليم والصحة، ويأسس على ذلك عودة تلك العلاقات لما فبه مصلحة الشعبين الصديقين. هكذا جاء قول الاخ رئيس المجلس بوصفه ان ”بريطانيا كانت دولة استعمارية في الماضي، لكنه يمكن لها ان تكون شريكا لنا في المستقبل ”.

وبهذا يكون الجنوب قد كسب حليفا دوليا قويا في مسار السياسة الدولية، يمكن للجنوب ان يستفيد من علاقاته به تحقيقا لمصالحه ولعودة دولته الحرة والمستقلة.

وكردود افعال غير متوازنة لزيارة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي لبريطانيا تابعنا محاولة تأسيس ماسمي بإتلاف الجنوب اليمني الموالي للشرعية في محاولة للتشويش على نتائج تلك الزيارة،

وهنا نؤكد على اننا لسنا ضد اي تجمع وطني جنوبي يمتلك ارضية وشعبية في وطنه وموقفه واضحا مع استعادة الدولة الجنوبية، ولكننا نختلف مع اي اتلاف تستنسخه الحكومة ، خدمة لسياساتها والتفافا على قضية شعبنا، فمصير هكذا تجمع هو نفس مصير تلك الحكومة، فبسقوطها سوف يسقط وبزوالها سوف يزول حتما.

هكذا اثبت لنا التاريخ. فانظروا إلى حقائقه ولكم في مصير المؤتمر الشعبي العام بعد مقتل زعيمه علي عبدالله صالح خير مثال وفي الحزب الاشتراكي اليمني خير دليل، وفي الحزب الوطني المصري الذي زال عن الوجود بزوال رئيسه حسني مبارك. انها احزاب النظام وشعارها المصالح اولا والسياسة ثانيا
.
 بفشل إنعقاد المؤتمر في القاهرة اصيبت المواقع والقنواة الاخوانية ومنها الجزيرة وسهيل  وبلقيس والشرعية والمسيرة اصيبت بالنكسة، وتداعت الى توحيد مواقفها بشن حملة اعلامية مشتركة، داعين إلى زعزعة الوضع في مدينة عدن عاصمة الجنوب دون خجل.

  لقد اراد المتنفذ اليمني ان يفرض على الحكومة الشرعية ان ترفض الاعتراف بالمجلس الانتقالي الجنوبي كقوة امر واقع مدعوم من شعب الجنوب، بينما يفرض عليها الاعتراف بالمليشيات الحوثية كقوة امر واقع، عليها ان تتحاور معه وتتودد اليه لحفظ ماء وجهها، هذه هي الحقيقة التي نشاهدها على الارض
.
هذه هي السياسة القذرة، وهكذا سيكون مصير المكونات السياسية المدعومة من قبل الدولة بالمال والوظائف والامتيازات دون الاكتراث باحوال الشعب شمالا وجنوبا الذي ينطحن بويلات الحرب ويئن من اوجاع الأمراض ومن ضنك العوز والجوع ومن الفوضى الامنية وتدهور الاحوال المعيشية وضياع المستقبل والذهاب إلى المجهول .

ختاما :  يقول إرنست رينان :
          السياسة حرب باردة والحرب سياسة ساخنة.

زر الذهاب إلى الأعلى