التدخلات التركية

[su_post field=”post_date”][su_spacer size=”10″]

كتب/
د. عيدروس النقيب
سياسي جنوبي بارز

حيثما تتدخل تركيا تلتهب الأوضاع ويتصاعد التوتر ولا تخرج إلا بعد أن تتأكد أن كل شيء قد تم تدميره بإتقان.
*. تدخلت في سوريا، فأفرغت الثورة السورية من مضمونها السلمي المدني الجميل، وطفشت رجالات الفكر والثقافة والسياسة السوريين، وحصرت دعمها في التيارات الإرهابية ونشرت داعش والقاعدة، وقال اردوجان أن حلب خطٌ أحمر، ولم ينسحب من حلب إلا بعد أن تأكد أنها غدت حطاماً، وبعدها لم تعد حلب لا خطا احمر ولا اصفر ولم يبق منها إلا لون الخرائب ورمادها.
*. تدخلت في ليبيا ولم تختر الوساطة او إصلاح ذات البين بل ارسلت المرتزقة والمعدات العسكرية، للطرف الذي تهيمن عليه الجماعات الإرهابية وغطاؤها السياسي، الإخوان المسلمون، وأججت الصراع وعمقت عوامل الحرب واليوم تحاول إفشال التوافقات التي يحاول الليبيون التوصل إليها من خلال الحوارات في المملكة المغربية.
*. ولم يكن التدخل التركي في شمال العراق إلا من خلال قصف الطيران للقرى الكردية العراقية وتشريد الأهالي وتدمير الممتلكات، ولم يكلف اردوجان نفسه حتى بإجراء اتصالٍ هاتفيٍ مع الرئيس العراقي أو رئيس وزرائه لتبرير هذا العدوان قبل الإقدام عليه.
*. وفي نزاع ناجورني كاراباخ بين أذربيجان وارمينيا لم تسع تركيا للتقريب بين الدولتين الجارتين لها وحل النزاع سلميا ومن خلال التفاوض، وكان بإمكانها ذلك، لكن اردوجان سارع إلى الورقة الوحيدة التي يتقنها وهي إرسال المرتزقة والأسلحة والأموال إلى أحد طرفي النزاع (أذربيجان) وزيادة الموقف التهاباً فوق التهاباته القديمة-الجديدة.
*. في شرق المتوسط (والمقصود هنا بحر إيجا ومحيطه الإقليمي) وبعد تقسيم قبرص عن طريق الغزو عام ١٩٧٤م، ثم إعلان جمهورية تركية شمال قبرص عام ١٩٨٣م، يواصل اردوجان مراهقاته المتأخرة من خلال استفزاز قبرص واليونان ومشاريعه التي يقيمها من طرف واحد في منطقة مكتظة بعوامل وأسباب التوتر والنزاع.
*. وفي اليمن حيث ما يزال التدخل التركي يسير على استحياء لا يدعم الأتراك إلا لونا معينا من القوى السياسية المعروفة بنزوعها الإرهابي وميلها للعنف وإلغاء الخصوم وحتى الشركاء، وسيستمر الحال هكذا حتى يشتعل النزاع بين الرئيس الشرعي ومعه جميع الأطراف اليمنية، وبين وكلاء تركيا لتختار الانحياز إلى وكيلها، ولن تخرج من اليمن (كما يتمنى أردوجان وأنصاره اليمنيين) إلا وصنعاء وعدن مثل حلب بعد أن لم تعد خطاً أحمرَ.
والخلاصة:
• تركيا لم تتدخل قط من خلال مبادرات لحل النزاع، ولم تجمع قط بين طرفين متنازعين في أي مكان، بل لا تتدخل إلا لدعم احد طرفي النزاع، وغالبا حيث تقف الجماعات المتطرفة والإرهابية.
• تركيا دولة توسعية لذلك هي لا تدعم احداً من منطلق فعل الخير أو مناهضة الباطل، ولا حبا في شعبه او نصرة لحقه بل لمد نفوذها حيثما يصل جنودها ومرتزقتها وأسلحتها.
• يشعر اردوجان بفائض قوة لم يحسن استخدامها، فبدلا من إقامة شراكات بناءة مع جيرانه وأصدقائه يذهب إلى تصدير المرتزقة والاسلحة وصرف ملايين الدولارات للتخريب والتدمير وأبقاء وكلائه في حاجة دائمة إليه ليستثمر هذا الوضع في إطار مشروعه الإمبراطوري الذي يحلم به.
لذلك أفلست كل المشاريع التي اعتمدت على المال التركي والمرتزقة المجلوبين من تركيا وعبرها، وستفشل حيثما حاول أردوجان استنساخها، بما في ذلك في اليمن.