مقالات وآراء

المعركة القادمة

كتب/ ماجد الطاهري

سيتعيّن فيها على الشعوب العربية أن تخوض معركة تحرير من نوعٍ آخر لا مثيل لها قديمًا أوحديثًا، إنها معركة تحرير العقول …

هي معركة لا تحوجهم الى بندقية أو دبابةٍ أو مدافع ولا صواريخ أوطائرات فلا وجه للمقارنة ولا تكافؤ بين موازين القوى أما وقد أضحى الحال مُسَلّمًا به بسقوط الأرض من بين أيدينا وبِأيدينا ! فنحن من شِيِءَ لنا أن نقتتل فيما بيننا ونحن من إستنجدنا بعدالتهم وإنسانيتهم ونحن من انخدعنا بشعارات ديموقراطية جوفا، نحن من استلهمنا عنهم ثورتهم وتغنينا بحريتهم ، فقالوا لنا مايفصلكم عن استنشاق عبير الحرية، وعن حياة الرفاهية، إلا شرذمةٌ رجعيةٌ حمقا، فهاكم بندقية، وهاكم مدفع ودبابة وكل عتادٍ حربي وبالمثل إن لم يكن ضِعفًا أهدوا الطرف الآخر دعماً حربياً وسياسياً واقتصادياً إذ إختلسوا دربًا ملويًا نحو الشرذمة الرجعية…

فأخذنا نهدم مساجدنا وكنائسنا نحو طريق الحرية، ومن بين غمار الموت وسماع بكاء الاطفال الجوعاء من بين نحيب الأم الثكلى وانيين الجرحا ، من بين جنينٍ ولد فصار رضيعًا ثم وفتًا يحبو ثم يتهادئ ويركض وقد بلغ سنينًا سبعًا لايعرف أباه، قيل له انه شهيد الحرية مغدورٌ من إبن عمه الضال الباغي هناك في الناحية الأخرى ،فالتكبُر ياصغيري سريعًا لتأخذ بثأره ولتقتفي أثره!!

أليس هذا أبشعُ طرق الإستعمار وأخبثها على الإطلاق منذ الأزل؟
عدوٌ لايقتلك مباشرة بل يسيطر على عقلك ترغيبًا وترهيبًا ثم يستخف بك ويستغلك ويستخدمك لخدمته ويوجهك لتحقيق مأربه عبر ريموت كنترول عن بُعد،وديدنه الدعوة الى تحكيم العقل وضبط النفس وشراكه وتعازيه ومواساته الشجب والتنديد وعدم التعدي على حقوق الانسان…

استعمارٌ يستهدف السيطرة على العقول فيزرع فيها الوهم كطلاسم سحرة فرعون ، ومعركة هذا الجيل العربي تُعنى بفك هذه الطلاسم وإزالة الغشاوة عن الفكر وتحرير العقل وهي معركة أعظم من مواجهة الجيوش الجرارة بإسلحتها المدمرة والفتّاكة …

زر الذهاب إلى الأعلى