منتسبو وزارة الداخلية يرفضون قرار ربط استلام رواتبهم عبر حسابات بنكية تجارية ويصفونه بالإجراء التعسفي

العاصمة عدن
اصدر منتسبو وزارة الداخلية ، ضباط وصف ضباط وافراد ، يوم امس الجمعة بياناً ، يوضحون فيه رفضهم لقرار الوزارة ، بخصوص اشتراط صرف مرتباتهم بفتح حسابات بنكية وتطبيقات إلكترونية لدى جهات مصرفية تجارية .
وصنف البيان قرار الوزارة ، بأنه سابقة خطيرة يترتب عليها انعاكاسات وخروقات تمس جوانب دستورية و حقوقيه ، و انظمة قانونية ، و كرامة الإنسان . واستغلال ضرف منتسبي الوزارة .
فيما يلي نص البيان :
بسم الله الرحمن الرحيم
في سابقة خطيرة تمس الحقوق الدستورية والضمانات القانونية والكرامة الإنسانية، أصدرت وزارة الداخلية توجيهات ملزمة لمنتسبيها، تشترط فيها فتح حسابات بنكية لدى جهات محددة وتفعيل تطبيقات إلكترونية كشرط لصرف المرتبات الشهرية.
وإذ نعبر عن رفضنا القاطع لهذه التوجيهات، فإننا نعلن الآتي:
أولاً : عدم قانونية القرار
يعتبر الراتب حق قانوني مكفول بموجب الدستور والقوانين النافذة، ولا يجوز ربطه بأي إجراء إداري غير منصوص عليه صراحة في التشريعات، بما في ذلك إلزام الموظف بفتح حساب بنكي أو استخدام تطبيق إلكتروني معين.
لا يوجد نص قانوني أو قرار جمهوري يمنح وزير الداخلية أو أي جهة تنفيذية سلطة اشتراط وسائل صرف معينة مقابل دفع الرواتب، وأي محاولة لفرض ذلك تمثل تجاوزا واضحا للصلاحيات، وخرقا لمبدأ المشروعية الذي يحكم عمل السلطات.
حرمان الموظف من راتبه بسبب رفضه فتح حساب بنكي هو إجراء تعسفي، يشكل جريمة إدارية ومسؤولية قانونية تستوجب المساءلة أمام الجهات الرقابية والقضائية المختصة.
ثانيا: انتهاك للخصوصية وتهديد للأمن الوطني
إجبار موظفي الوزارة خصوصا العاملين في القطاعات الأمنية والحساسة على مشاركة بياناتهم الشخصية والمالية مع جهات مصرفية أو تطبيقات غير خاضعة للرقابة الوطنية، يعد تهديدا مباشرا للأمن القومي، ومخالفة صريحة لقواعد حماية البيانات وواجبات السرية المؤسسية.
5. تسليم معلومات حساسة تتعلق بأفراد الأمن إلى جهات تجارية أو شبكات رقمية غير مؤمّنة بشكل كاف، يفتح الباب أمام الاختراقات والتسريبات، ويعرض حياة الأفراد والضباط وسلامة المؤسسات للخطر.
ثالثا: شبهة فساد واستغلال
فرض وسائل صرف محددة يفتح الباب أمام ممارسات غير مشروعة، كفرض عمولات غير قانونية، أو التربح من فروقات التحويل والصرف، وهي تصرفات تمس نزاهة العمل الحكومي وتعد نوعا من “السمسرة الرسمية” المحرّمة أخلاقياً وقانونياً .
هذا التوجه يفتقر إلى الشفافية ويخالف مبادئ النزاهة الإدارية، ويكرّس حالة من الإذلال المالي والإذعان القسري للمنتسبين وزارة الداخلية مقابل الحصول على حقهم المشروع.
رابعا: استخفاف بالواقع الإنساني والمعيشي .
يأتي هذا القرار في وقت لم يتسلّم فيه آلاف الموظفين من وزارة الداخلية مرتبات شهري أبريل ومايو، في ظل انهيار اقتصادي، وانقطاع خدمة الكهرباء والخدمات الأساسية ، وارتفاع أسعار الغذاء والدواء، ما يجعل هذه التوجيهات أشبه بعقوبة جماعية تفتقر لأبسط معايير الرحمة والعدالة.
إن إصدار أوامر من خارج البلاد تعاقب منتسبين وزارة الداخلية بدلاً من تخفيف معاناته، يُعد تصرفًا غير مسؤول ومجرداً من البعد الإنساني، ولا يليق بمسؤول يفترض به أن يكون أول المتفاعلين مع أوضاع منتسبي وزارته.
خامساً : دعوة للمحاسبة والإصلاح.
نحمل وزارة الداخلية، ممثلة بالجهات التي أصدرت هذه التوجيهات، المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن جميع الأضرار الناتجة عن هذه السياسات، بما في ذلك حرمان الموظف من راتبه، وتعريض أمنه وسلامته للخطر، وانتهاك خصوصيته.
على ذلك ندعو الجهات الرقابية، وعلى رأسها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والنيابة العامة، والبرلمان، والإعلاميين، ومنظمات حقوق الإنسان، إلى التدخل الفوري لوقف هذه التجاوزات، وفتح تحقيق عاجل في خلفيات القرار والجهات المستفيدة منه.
نطالب بإلغاء هذه التوجيهات فوراً ، وضمان صرف المرتبات بوسائل رسمية معتمدة وشفافة، مع إبقاء استخدام الحسابات البنكية والتطبيقات الإلكترونية اختيارا طوعيا لا يفرض على أحد .
كما ندعو إلى إعادة تقييم أداء وزارة الداخلية، وإطلاق عملية إصلاح إداري شاملة تعيد الاعتبار للقانون، وتصون كرامة منتسبين وزارة الداخلية وتعزز من ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.
سادساً : مفارقة الالتزام والتعسف
لقد التزم منتسبو وزارة الداخلية، خلال السنوات الماضية، بكافة التوجيهات الإدارية والتنظيمية، بما في ذلك إصدار البطاقة الشخصية الذكية في مختلف وحدات الوزارة، رغم ما رافق ذلك من صعوبات مالية كبيرة تضاف على عاتق منتسبين وزارة الداخلية ، إدراكاً منهم لأهمية التطوير المؤسسي واحتراما للنظام.
غير أن هذا الالتزام يقابل اليوم بتوجيهات تعسفية تصادر حقوق منتسبين وزارة الداخلية بدلًا من حمايتها، في وقت تصدر فيه هذه التعليمات من قيادة لم تكن يوماً جزءا من الجهاز الأمني، ما يثير تساؤلات جدية حول عدالة هذه السياسات ومدى فهمها لواقع منتسبي الوزارة.
إن هذا الانفصال بين القيادة الإدارية والكوادر الأمنية الميدانية، وما ينتج عنه من قرارات قهرية، يعد مؤشرا خطيرا على غياب الرؤية المؤسسية، ويُهدد بانهيار ثقة العاملين في مؤسستهم، ويستدعي تحركا عاجلًا لإصلاح هذا الخلل العميق.
ختاماً : نؤكد أن كرامة رجل الأمن وحقوقه غير قابلة للمساومة، وأن أي إجراء إداري يجب أن ينطلق من نصوص القانون، ويراعى فيه الواقع الإنساني، ويخدم المصلحة العامة لا المصالح الخاصة.
صادر عن:
منتسبو وزارة الداخلية (ضباط، وصف ضباط، وجنود)
التاريخ: الجمعة، 30 مايو 2025م