المناضلة رضية إحسان الله عمر .. عاشقة وحاملة نبراس مدينة عدن
كريتر نيوز/تقرير / نوال باقطيان
لم تكن المناضلة الفقيدة رضية إحسان الله عمر كغيرها من المناضلات اللواتي حصرن نضالهن في مجال واحد ، بل كانت امرأة من طراز رفيع مزيجا من المواهب المتعددة ،وحافلة بالعطاء على العديد من الأصعدة النقابية وقائدة فذه ، ومناضلة ضد الاستعمار البريطاني ، وحقوقية في مجال المرأة وفي القضية الفلسطينية.
كاتبة متميزة لها العديد من المؤلفات والكتب لتاريخ عدن النضالي ، تعدت إمكانياتها ومواهبها الكتابية من التاريخ إلى الأدب إلى الاستشراف والتنبؤ بمستقبل عدن.
•نشأتها :
ولدت الفقيدة المناضلة رضية إحسان الله عمر في مدينة كريتر في العاصمة الجنوبية عدن عام ١٩٣٣م في مبنى مجاور لفندق والدها إحسان الله عمر الذي ذاع صيته آنذاك، وكان ضمن سلسلة فنادق ومكتبات ومطابع ومؤسسات تجارية ومالية برزت منذ أواخر القرن الماضي.
والدها إحسان الله عمر من أبرز الأيادي البيضاء الذين ساهموا بعطائاتهم الجزيلة لنصرة ضحايا العدوان في حيدر أباد وكشمير وجزيرة زنجبار في شرق افريقيا وبور سعيد في مصر.
حيث تلقت رضية إحسان الله تعليمها الابتدائي والمتوسط في عدن ثم ذهبت إلى سوريا لتلقي تعليمها الثانوي، كما حصلت على البكالوريوس في القانون من جامعة في العراق ، والتحقت بعد ذلك بجامعة البنجاب العريقة في جمهورية باكستان وحصلت على الماجستير في العلوم الإسلامية ،كما حصلت أيضاً من نفس الجامعة على الماجستير في الآداب.
أرادت الفقيدة رضية إحسان الله إكمال دراستها للحصول على درجة الدكتوراه ،لكنها لم تستطع إكمال اطروحتها في الأدب العربي حول أبي العلاء المعري.
• أعمالها :
على الرغم من الشهادات والتخصصات المتعددة ، تفرغت الفقيدة رضية إحسان الله لأعمال خاصة ، حيث عملت مديرة لفندق والدها فندق إحسان في وسط مدينة كريتر ،ثم أصبحت مديرة لمطبعة البعث المملوكة للأستاذ محمد سالم علي عبده ، كما عملت في مجال التدريس لعلوم اللغة العربية والشريعة في جامعة عدن.
• إنجازاتها :
ولأنها مناضلة من طراز فريد لم تنحصر أعمالها في مجال التدريس والإدارة فقط ولم تنسى أن مسيرتها الأساسية هي النضال في وجه الاستعمار البريطاني ، فقد بدأت حراكها النضالي كداعية لحقوق المرأة ، وعملت مع زميلاتها على إنهاء دور نادي نساء عدن الذي إنشأته السلطات البريطانية.
وذلك من خلال تأسيسها جمعية ( جمعية المرأة العربية ) وقد اختيرت أميناً عاماً للجمعية ، وعندها استجابت ( ٦٩)سيدة عدنية في يناير ١٩٥٦م للدعوة التي وجهتها السيدة رقية محمد ناصر الى حضور اجتماع تأسيسي في منزلها لتشكيل الجمعية العدنية للنساء.
كما انتخبت الجمعية رقية ناصر رئيسة لها ،وسعيدة محمد عمر الشيبة نائبة للرئيس ،وتولت السيدة ماهية نجيب سكريترة للجمعية ، بعد أن أصبحن عضوات في نادي سيدات عدن الذي تأسس عام ١٩٤٩م والذي كان خليطاً من سيدات اجنبيات وعربيات ، وفي عام ١٩٦٠ م انسحبت بعض العضوات من نادي سيدات عدن ، وأسسن جمعية المرأة العربية مما شكل ضربة قاضية للاحتلال البريطاني، كما شاركت رضية إحسان الله في العديد من الأنشطة المجتمعية والتطوعية والسياسية والنقابية ، منها عضوه الهيئة العليا لحزب الشعب الاشتراكي ،وعضوة إدارية ومسؤولة التوعية في نقابة الصناعات المتنوعة بعدن ، ومسؤولة التوعية في جبهة التحرير وعضو مستقل في مجلس التنسيق لمحافظة عدن ، ومؤسسة لجمعية الحفاظ على الزي الوطني في مدينة صنعاء اليمنية.
• اعتقال :
لم يرُق للسلطات البريطانية آنذاك حراك الفقيدة رضية إحسان الله الاجتماعي والسياسي ، خاصة بعدما أصبحت ملهمة لكل النساء العدنيات للانبثاق من عبأءة المحتل البريطاني ، فاعُتقلت من قبل الاحتلال البريطاني مرتين لمدة شهرين أضربت خلالها عن الطعام مستمرة في نضالها وتمردها ضد الاحتلال البريطاني ،وتم الإفراج عنها لاعتلال صحتها بسبب الإضراب.
• مؤلفاتها :
لها العديد من المؤلفات في مجال الشريعة وتاريخ عدن ،منها :
_ وثائق حرب اليمن _ عدن ٥/٥/١٩٩٤م صدر في عام ١٩٩٦م.
_ التعريف المبسط للشريعة الإسلامية ، المدخل الى الشريعة الإسلامية صدر عام ١٩٩٩م.
_ الكامل في ترجمة ابن فرمان إمام الزجالين.
_ عدن : قضية ممنوعة خلف التعتيم الإعلامي العالمي : يوميات الاحتلال اليمني في عدن ( 1995_ 1999م ) صدر في عام 2001م.
_ الفعل يحاكم خالقه آخر صرخة منكر في الغرب.
• وفاتها :
امرأة معجونة بماء الوطن ، فعشقت مدينتها عدن ، فوثقت حروبها ومانالت من ظلم سواء على المستوى العربي أو العالمي ، وسخرت حياتها النضالية بالدفاع عن مدينتها سواء من الاحتلال البريطاني أو اليمني.
وعلى الرغم من حياتها الحافل بالعطاء المتنوع والإنجازات الفريدة في شتى المجالات ، إلا أنها لم تبرز بالمحافل المحلية والعربية ، ولم تذكر بأي من التمرينات والشهادات التقديرية تقديراً لمجهوداتها.
ووسط ضجيج إنجازاتها ترجلت الفقيدة رضية إحسان الله عن صهوة حياتها مع بزوغ فجر الثلاثاء ١٤ يناير عام ٢٠٢٠ م عن عمر يناهز ٨٣ عام ، في شقتها الصغيرة بحي سواد في سعوان في صنعاء ، وحسب الأستاذة رضية شمشير لم يكن هناك من مؤنس في وحشة غربتها سوى ذكرياتها المفعمة بالوطنية.