تقارير وحوارات

خارطة الطريق اليمنية ..«فشل حتمي» فرضته ظروف ذاتية وأخرى موضوعية ماهي؟

كريترنيوز/ تقرير

ما المحطات والمنعطفات التي أعاقت خط سير خارطة الطريق اليمنية ، ومنعت راعيها وراكبيها من مواصلة المسير؟ وهل كانت هشاشة بنودها سببا رئيسيا في فشلها؟ أم أن هنالك ظروفا موضوعية وأخرى ذاتية جعلت فشلها أمرا حتميا لابد منه؟

 

توقع مراقبون ومحللون سياسيون جنوبيون وعرب وأجانب فشل خارطة الطريق اليمنية بصيغتها الحالية طالما أنها اعترفت ضمنياً بمليشيات الحوثي الإرهابية المتمردة وأعطتها أفضلية أكبر من حجمها، قدمت بموجبها تنازلات كارثية لجماعة الحوثي على حساب الجنوب وأكرمتها بعروض مغرية في كافة الجوانب، عروض يراها مراقبون تزيد من قوة وعدوانية جماعة الحوثي على الجوار وعلى الملاحة الدولية في الحاضر والمستقبل ، وفي المقابل أقصت الشريك الجنوبي المخلص المتعاون مع المجتمعين الإقليمي والدولي الذي هزم المشروع الإيراني المسيطر على الجنوب ألا وهو المجلس الانتقالي الجنوبي ومارست ضده أساليب سياسية وعسكرية لا أخلاقية بهدف إزاحته من المشهد.

بعض الدول الراعية لخارطة الطريق كان همها الأول والأخير هو الهروب من المستنقع اليمني وإبرام سلام كيف ما كان ، ومهما كان ثمنه مع الحوثي، الأمر الذي عزز موقف جماعة الحوثي وجعلها تتسيد المشهد وتستقوي على حساب إضعاف الأطراف الأخرى. هذا ما يخص الظروف الذاتية أما بخصوص الظروف الموضوعية تحديداً الخارجية أو العوامل المحيطة ، فأهمها الصفقة الأمريكيّة السعودية التي بموجبها تتعهد الولايات المتحدة الأمريكية بتوفير الحماية الكاملة للمملكة من أي اعتداء خارجي ، فأصبح موضوع نجاح الخارطة من عدمه أمرا استثنائيا للمملكة عقب زوال الخطر والتهديد الحوثي. بالإضافة إلى تزويد المملكة برقائق إلكترونية ذكية وبناء مفاعل نووي للأغراض السلمية، كل ذلك عزز موقف المملكة ، فأصبحت هي صاحبة اليد الطولى وفي المقابل تم تقزيم جماعة الحوثي واستبعاد خطورتها.

إلى جانب قرارات محافظ البنك المركزي بالعاصمة عدن أحمد المعبقي التي بموجبها سيتم تجفيف جميع الأوعية المالية لجماعة الحوثي وتصفير عدادها المالي ، وبهذا تكون جماعة الحوثي محاصرة عسكرياً من قبل القوات الأمريكيّة وأيضًا الجنوبية على خطوط التماس الحدودية واقتصادياً من قبل مركزي عدن والبنك الدولي وبنوك الدول الخارجية ، وباتت الجماعة تمر بأضعف حالاتها منذ سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء قبل 10 سنوات تقريباً، ومجبورة على تقديم تنازلات. فيما يرى محللون أن الظروف أصبحت مؤاتية لإبرام اتفاق عسكري أمني استخباراتي بين المملكة العربية السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي سيما أن الطرفين يسيران في طريق متواز ومكملين لبعضهما البعض خصوصًا في هذه المرحلة.

 

وبحسب العرب اللندنية

عبّر المجلس الانتقالي الجنوبي عن تشاؤمه بشأن مسار السلام الذي تعمل الأمم المتحدة بالتعاون مع قوى إقليمية ودولية على إطلاقه في اليمن لإيجاد مخرج سياسي من الصراع الدائر فيه منذ قرابة العشر سنوات.

ووصف رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي القائد عيدروس الزُبيدي، الذي يشغل أيضا عضوية مجلس القيادة الرئاسي الحديث عن السلام مع الحوثيين بأنّه لم يعد مجديا.

 

التقارب السعودي الأمريكي واستبعاد خطورة الحوثي :

 

ووفق وسائل إعلام عربية قالت مصادر مطلعة على المفاوضات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إن البلدين سرعا اتصالاتهما في الأسابيع الأخيرة ، وقد يتوصلان إلى اتفاق في غضون أسابيع.

وبحسب المصادر فإن العديد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية يعربون عن تفاؤل كبير بإتمام الصفقة التي ستعزز بشكل كبير التحالف الدفاعي بين البلدين،

وسيوفر الاتفاق للسعودية ضمانات أمنية كبيرة في المقابل ستستفيد الولايات المتحدة من تعزيز موقفها الإقليمي ضد إيران والصين، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي.

ستحصل المملكة العربية السعودية على إمكانية الوصول إلى المعدات العسكرية الأمريكية المتقدمة، والاستثمار المكثف في التقنيات المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وستتلقى أيضًا المساعدة في تطوير برنامج نووي مدني.

ويرى مراقبون أن الصفقة السعودية الأمريكيّة استبعدت خطورة جماعة الحوثي على المملكة تماماً.

 

قرارات المعبقي القشة التي كسرت ظهر الحوثي :

 

في المقابل أثارت القرارات الأخيرة لقيادة البنك المركزي في عدن غضب مليشيات الحوثي الإرهابية التي سارعت لتهديد السعودية والتلويح بالخيار العسكري إلا أن الجانب السعودي لم يصغ ولم يبالي للتهديدات الحوثية.

وأصدر البنك المركزي الخميس الماضي قرارات قضت بإلغاء التعامل مع 6 من البنوك التجارية رفضت تنفيذ قراره بنقل مقراتها من صنعاء إلى عدن، كما وجه البنك إعلاناً يُمهد لإلغاء العملة القديمة المتداولة بمناطق سيطرة الحوثي.

قرارات وخطوات البنك أثارت غضب مليشيا الحوثي، حيث وصفها زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي في خطاب الخميس الماضي بأنها (خطوة عدوانية ولعبة خطيرة)، وعدوان في المجال الاقتصادي.

زعيم مليشيا الحوثي سارع إلى مهاجمة الرياض ، حيث زعم بأن الضغط على البنوك في صنعاء يأتي ضمن الخطوات الأمريكية دعما للكيان الإسرائيلي، وقال بأن الأمريكي يحاول أن يورط السعودي في الضغط على البنوك في صنعاء.

ووجه زعيم المليشيات الحوثية تهديدات ضمنية إلى السعودية التي قال بأنها في غنى عن المشاكل ، مهدداً الرياض بالقول بأنها ستقع في مشكلة كبيرة إذا تورطت في الملف الاقتصادي حسب زعمه.

قيادات الجماعة الحوثية سارعت على مواقع التواصل الاجتماعي إلى إعادة تهديدات زعيم الجماعة الموجهة نحو السعودية مع إطلاق تهديدات أخرى باستئناف الحرب نحوها وعلى الجبهات الداخلية انتقاماً من هذه القرارات. ولكن ذلك لم يجد نفعاً. واستمرت القافلة في المسير.

 

السفير الأمريكيّ يطلق رصاصة الرحمة على خارطة الطريق اليمنية :

 

وتزامنا مع المستجدات آنفة الذكر أكد السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن أن خارطة السلام التي قدمتها المملكة العربية السعودية للأمم المتحدة ليست اتفاقية بما تعنيه الكلمة، مشيرا إلى أن الحكومة اليمنية لن توقع على اتفاقية سلام يكون للحوثيين الكعب الأعلى.

 

وأضاف فاجن في مداخلة له في ندوة أقامها معهد واشنطن للدراسات السياسية بعنوان : السعي نحو سلام مستدام بما يحفظ المصالح الأمريكية هذه الخارطة إذا ما كنا واقعيين لن تكون قابلة للتطبيق على المدى القريب، بالنظر لنوايا الحوثي ودوافعه، وبالنظر أيضا لتعقيدات هذا الصراع لذلك يجب علينا عدم التسرع وكذلك أن لا نبني احتمالات غير واقعية،

وتابع “مع الهجمات الحوثية الأخيرة في البحر الأحمر وجب علينا أن نتعامل مع الصراع في المنطقة من زواية أكبر، نحن لا نريد أن يتوسع الصراع في المنطقة أو أن تعود الحرب لليمن بأي شكل كان ، سياستنا قائمة على خفض التصعيد في المنطقة عموماً واليمن جزء منها.

وقال السفير الأمريكي “هناك عدة سيناريوهات محتملة بإمكانها أن تفشل أي مساع للسلام ، فلا توجد ضمانة أن خارطة الطريق ستكون مثالية في الواقع فماذا لو سيطر الحوثيون على كامل اليمن وهذا برأيي سيكون كارثياً لليمن والمنطقة هذا سيعنى أن اليمن ستكون دولة معزولة بدون أي تنمية ليكون وضعها مشابها للصومال.

وردا على سؤال ميسر الندوة مايكل نايت وهو باحث متخصص بالشأن اليمني : عن ماهية شكل السلام الدائم الذي تطمح إليه واشنطن، قال فاجن إن “رؤيتنا للسلام النهائي لم تتغير. بالطبع، يصعب رؤية تلك النهاية المثالية اليوم، نريد أن نرى اليمن يسير على طريق السلام والتنمية الاقتصادية المستدامة، وأن لا يشكل تهديدًا خطيرًا للمنطقة أو المجتمع الدولي.

وقال من وجهة نظر الولايات المتحدة ، فإننا لا ندعم عودة أي طرف إلى الحرب داخل اليمن ولا نعتقد أن هناك حلا عسكريا للأزمة. نعتقد أيضًا، نحن والمجتمع الدولي، أن الحوثيين هم الآن مكون سياسي في اليمن يجب التعامل معه. أما فيما يتعلق بكيفية لعبهم دورًا في المستقبل، فهذه من ضمن التفاصيل، لكن المهم هو أن يكون هناك حل شامل. ما يحتاجه اليمنيون هو تنمية مستدامة شاملة، ونوع من الترتيبات السياسية الانتقالية”.

وتابع قائلاً : أستطيع القول الآن إننا بعيدون عن تحقيق ذلك الحل الجذري، ولكننا نعمل على بناء نوع من الترتيبات الانتقالية، من خلال خلق خطوات لتسيير عملية السلام”.

وجدد التأكيد على أن الحكومة اليمنية لن توقع اتفاقية سلام يكون للحوثيين الكعب الأعلى من خلال استمرار حصولهم على الأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ، هذا الأمر مستحيل لن نستطيع تحقيق سلام حقيقي بهذه المعادلة.

 

وقال: لكن يجب على المجتمع الدولي مواصلة دعم الحكومة اليمنية وتعزيز مؤسسات الدولة وتعزيز دور المجتمع المدني. وهذه عوامل يمكن أن تساعد في دفع عملية السلام في اليمن من خلال حوار يمني يمني.

 

وقال السفير فاجن في ختام تصريحه : هناك انفراجة من الممكن من خلالها تحقيق السلام من خلال التنازلات السياسية التي يجب على جميع الأطراف تقديمها لتحسين الوضع المعيشي لليمنيين من خلال تفعيل وإنعاش الاقتصاد اليمني.

 

ختامًا ..

 

جميع الظروف الذاتية والموضوعية أكانت سياسية أو اقتصادية تثبت فشل خارطة الطريق اليمنية، كما تشير إلى أن المنطقة مقبلة على تحالفات جديدة وأن قواعد اللعبة سوف تتغير لصالح الجنوبيين.

زر الذهاب إلى الأعلى