قرارات المعبقي.. هل أعطت مفعولاً عكسياً أم تدخلات خارجية غيّرت مسارها..؟

كريترنيوز/ تقرير
استبشر مواطنون جنوبيون بالعاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب خيراً في قرارات محافظ البنك المركزي بالعاصمة عدن الأستاذ أحمد المعبقي وتوقعوا أن تتمخض عنها نتائج إيجابية وتحسن يلمسه المواطن في الجوانب الاقتصادية والمعيشية والخدمية التي وصلت إلى مستويات متدنية كارثية ، ولكن ذلك للأسف لم يحدث حتى اللحظة ، بل أن الوضع تأزم وتضاعفت حدة الأزمة الاقتصادية والخدمية ومعها تضاعفت معاناة المواطن الجنوبي المكلوم ، استمر انهيار الريال اليمني في الجنوب متجاوزاً عتبة 1800 ريال للدولار الواحد و 470 للريال السعودي وارتفعت الأسعار بشكل جنوني وتجاوزت ساعات انقطاع التيار الكهربائي الـ 8 ساعات ، كل ذلك كان تزامنا مع صدور قرارات المعبقي، واستمرت البنوك التي صدر في حقها قرار الإيقاف بالعمل دون توقف بل تم ترقية بعضها من خلال إسناد مهمة صرف رواتب العسكريين والشهداء والجرحى لشهري ابريل ومايو 2024 إلى بنك الكريمي ، فيما أسند إلى بنك التضامن مهمة صرف مستحقات مالية للمعلمين الذين التحقوا بدورات قصيرة داخلية (حسابية وقرائية) مدعومة من قبل بعض المنظمات الخارجية (140 دولار لكل مشارك).
مع أن تلك البنوك خاضعة لقرار الإيقاف الذي أصدره محافظ بنك عدن إلا أنها لاتزال تعمل رغم تصاعد شكاوى المواطنين من سوء تعاملها خصوصًا أسر الشهداء والجرحى الذين تم إرغامهم على المكوث في طوابير طويلة لعدة أيام داخل وخارج مصرف الكريمي كما شكى معلمون ومعلمات من تحايل بنك التضامن.
وتداول الشارع الجنوبي أخبار مفادها أن قرارات محافظ بنك العاصمة عدن أحمد المعبقي مجرد حبر على ورق مفرغة من مضمونها العملي مرهونة بأجندات وبموافقة أو رفض الخارج والدليل استمرار عمل البنوك التي شملها قرار الإيقاف ، فيما ذهب آخرون إلى أن قرارات المعبقي أعطت مفعولا عكسيا وسارت ضد الجنوبيين خدمةً لمليشيا الحوثي.
هل قرارات المعبقي سيادية ونافذة؟
أكد المعبقي خلال مؤتمر صحفي عقده في وقت سابق في مقر البنك بالعاصمة عدن أن قراره رقم 20 لسنة 2024 بشأن إيقاف التعامل مع بعض البنوك، هو قرار سيادي ذو طابع نقدي ومصرفي وليس له أي صلات باي أحداث أو جهات محلية أو إقليمية أو دولية .
وقال إن البنك يعمل وفقاً للقانون وليس التوجيهات أو التوجهات، وإنه ماضٍ في تنفيذ القرار بكل مراحله ووفق الخطة المقررة.
ونبه المحافظ من محاولة استغلال القرار لتصفية حسابات مع البنوك التي شملها القرار، موضحاً أن هذه البنوك هي أكبر البنوك العاملة في اليمن ولم ترتكب أي جرائم غسيل أموال أو تمويل الإرهاب وإلا كان تم إيقافها وإغلاقها بشكل نهائي.
لافتاً إلى أن ممارسات الميليشيات الحوثية الإرهابية هي التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار، وأن المركز الرئيسي للبنك المركزي منذ نقله إلى العاصمة عدن منتصف العام 2016 ظل يتعامل مع البنوك من منطلق اختصاصاته وصلاحياته الدستورية والقانونية، كسلطة نقدية قانونية مسؤولة في البلاد، والجهة الوحيدة المخولة بعملية الإشراف والرقابة المصرفية النافذة، وبالتنسيق مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المختصة بالشؤون المالية والمصرفية والمجالات ذات العلاقة”.
ووجه المعبقي أصابع الاتهام إلى مليشيات الحوثي بالسعي لتدمير القطاع المصرفي والمالي وإلحاق الضرر به مستغلةً تواجد أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرتها.
وقال المعبقي إن مليشيات الحوثي عمدت إلى تسييس القطاع المصرفي واختراق كل القوانين والمعايير وذلك بتجميد ومصادرة حسابات المواطنين بسبب معارضتهم لسياساتها القمعية، ومنع تداول الطبعة الجديدة من العملة مما خلق انقساماً نقدياً وواقعاً مريراً عانى منه الشعب الجنوبي والشعب اليمني بكامله خاصة الواقعين تحت سيطرتها والذين حرموا من المرتبات التي كانت تدفعها الحكومة.
وأكد المعبقي أن أي إجراء قام به البنك المركزي أو سيقوم به يأتي في إطار محاولة إنقاذ هذه البنوك وحماية ما تبقى من أصولها والحفاظ على علاقاتها وتعاملاتها مع محيطها والعالم.
موضحاً أن البنك لا يتعامل بأسلوب رد الفعل على الممارسات الإجرامية والاستفزازية ولا يسعى للتصعيد ولا للتعقيد وقد أعطى مساحة كافية وفرصة كبيرة لمن حاول الوصول إلى حلول عادله تخفف المعاناة على أبناء الشعب في جميع المحافظات التي تسببت بها هذه المليشيات والحفاظ على مؤسساتنا المالية الخاصة والعامة والمختلطة وتجنيبها كثيرا من الخسائر والتعقيدات.
قرارات المعبقي تتأرجح :
ولكن عقب تصريحات المعبقي آنفة الذكر بعشرة أيام فقط ، أعلن البنك المركزي بالعاصمة عدن في ال11 من يونيو 2024م رسمياً استئناف التعامل مع البنوك التجارية التي أوقف التعامل معها على خلفية مخالفتها قراره نقل المراكز الرئيسية للبنوك التجارية من صنعاء اليمنية إلى العاصمة الجنوبية عدن.
صدر هذا في بيان للبنك المركزي من العاصمة عدن برر فيه استئناف التعامل مع 6 بنوك تجارية بأنه يأتي مراعاةً لظروف الموظفين وتقديراً لحلول العيد.
وقال البنك المركزي في تنويه على موقعه الإلكتروني إنه يؤكد استمرار حظر التعامل مع بعض البنوك التي شملها قرار المحافظ رقم 20 لسنة 2024م ومنع جميع البنوك وشركات الصرافة من التعامل معها.
وتقتصر الأنشطة التي تمارسها هذه البنوك حالياً على ما هو مسموح به في إطار القرار وهو استمرارها في خدمة عملائها والوفاء بالتزاماتها.
ويشمل ذلك صرف مرتبات شهري إبريل ومايو لبعض الجهات الحكومية المتعاقدة مع بعض هذه البنوك والتي استكمل موظفوها فتح حساباتهم لديها منذ بدء تنفيذ عملية رقمنة الرواتب.
مؤكداً أنه نظراً لقرب حلول العيد وعلماً بأن عملية نقل الرواتب بالشروط التي حددتها الحكومة تتطلب وقتاً فقد سمح لبعض هذه البنوك بصرف مرتبات شهري ابريل و مايو 2024م.
وبرر البنك المركزي تراجعه عن قرار نقل البنوك التجارية بحجة مراعاةً لظروف الموظفين ولأن التعزيزات المالية صدرت باسم هذه البنوك في فترة حرجة لم تسمح بعمل الترتيبات اللازمة للنقل.
ختامًا ..
قرارات وتصريحات المعبقي تدحضها طوابير أسر الشهداء والجرحى والعسكريين المتراكمين داخل وخارج بنك الكريمي كما تدحضها طوابير المعلمين والمعلمات المركونين داخل وخارج بنك التضامن بالعاصمة عدن. ولكن ورغم ذلك لايزال الأمل معقودا في الله أن تحدث انفراجة ما.