مستشفى الجمهورية صرح طبي كبير بين الإهمال والتدمير ومعاناة المرضى ..

كريترنيوز / تقرير / محمود انيس
مستشفى الجمهورية هو أشهر المعالم الطبية والخاصة في العاصمة عدن، وهو المستشفى الذي تم بناؤه من قبل الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا عند زيارتها لولاية عدن بتاريخ ال27 من أبريل 1954م, وتم افتتاحه في شهر أغسطس من العام 1958م.
ويقع المستشفى الملكي أو (مستشفى الجمهورية) كما يسمى حالياً على شاطئ خورمكسر المقابل للمحيط الهندي. بُني هذا المستشفى لتقديم الخدمات لمرضى السُل (T.B)، ومرضى الأمراض العقلية، ولتقديم خدمات لمرضى الأقسام الخارجية وغيرهم.
وبُني المستشفى على أحدث طراز وكان يضاهي أفضل المستشفيات العالمية في تلك الفترة، كما أنه أول مستشفى أُدخل فيه نظام المكيفات المركزية في الجزيرة والخليج.
إهمال وتدمير :
منذ الوحدة اليمنية المشؤومة تعرض قطاع الصحة للتدمير والإهمال الممنهج والذي طال كل شيء يتعلق بالصحة والطب في الجنوب، ومن أبرز الأدلة على هذا التدمير والإهمال هو ماتعرض له وشهده مستشفى الجمهورية مرورا من تلك الأيام وصولاً إلى السنوات الماضية الأخيرة.
فقد تعرض مستشفى الجمهورية للإهمال في عدة مجالات، فهو لم يشهد ترميما للمباني والاقسام منذُ سنوات من قبل وزارة الصحة والجهات المختصة والمعنية، مما أدى هذا الإهمال لإغلاق وتدمير أقسام عديدة من المستشفى وأصبحت شبه مهجورة وغير صالحة للاستخدام والعمل بها، فالإهمال لم يقتصر على عدم ترميم وصيانة المبنى والأقسام بل وصل الإهمال لعدم توفير الأدوية وبعض أنواع المحاليل الخاصة بالفحوصات. فالإهمال لم يتوقف عند هذا الحد، بل وصل إلى أن الكوادر والطواقم الطبية تعرضت أيضاً للإهمال والإقصاء على مختلف الأصعدة، ومن الإهمال الذي تعرض له الأطباء وطواقم المستشفى هو عدم حصولهم على مستحقاتهم وفق مايتطلب الأمر والقانون بالإضافة لعدم حصولهم على حقوقهم من حوافز وغيرها من الأمور.
ويذكر بأن الترميم الأول الذي شهده المستشفى منذ سنوات كان على يد الأشقاء في دولة الإمارات العربية من خلال الهلال الأحمر الإماراتي الذي قام بإعادة ترميم وتأهيل المستشفى وأقسام عديدة، كما تم تقديم ودعم المستشفى بمعدات طبية، كما قدم الأشقاء في المملكة العربية السعودية دعما من خلال البرنامج السعودي للتنمية والإعمار.
وللعلم منذ اندلاع حرب صيف ٢٠١٥م، شهد المستشفى معاناة تفوق إمكانياته وهو مازال يعاني من النقص في المستلزمات الطبية والأجهزة الحديثة والكادر الطبي.
وعند الاستماع لحديث بعض المرضى تحدت المريض محمد جماج والذي قال : أنا موظف متقاعد لا استطيع أن أذهب إلى مستشفى خاص وإنما اتيت إلى مستشفى الجمهورية ، وللأسف كنت اتأمل أن يكون الوضع بالمستشفى قد تحسّن إلا أنه للأسف لم يحدث.
فأنا اعاني من مشكلة في القولون والمعدة والمرارة وللأسف، هناك فحوصات يتوجب علي القيام بها خارج المستشفى لأنه لا تتوفر الفحوصات المطلوبة في مختبرات مستشفى الجمهورية ، ولهذا يتوجب عليه إجراؤها في مختبرات أخرى ، وأنا لو كانت ظروفي تسمح لكنت ذهبت لمستشفى خاص وقمت بما أريد عمله من فحوصات.
وأضاف الحاج محمد قائلاً : هل يعقل بأن يكون صرحا طبيا كبيرا بهذا الشكل، المفروض أن يخدم الناس ويخفف من معاناتهم.
وفي نفس الإطار التقينا الأخت ابتهال مانع أم الطفل إيهاب أحد المصابين بمرض الفشل الكلوي الذي تقوم بعملية الغسيل لنجلها في مركز الغسيل الخاص بمستشفى الجمهورية والتي بدورها قالت :
الحمدلله الفترة الحالية محاليل مركز الغسيل متوفرة بشكل نسبي ولكن المعاناة تبدأ عندما يعلن المركز عن انتهاء المحاليل ويبدأ بالمناشدة لتوفيرها وأحيانا تنتهي وتتوقف عدد من الجلسات الخاصة بالمرضى فهنا تكون المعاناة الحقيقية للمريض ولنا كأسرة.
فيما قال الشاب أديب ذيبان الذي كان مرافقا لأحد المرضى في قسم الطوارئ: للأسف الطوارئ تفتقر لأبسط الأشياء، والذي كان المفروض بأن تكون متوفرة كالإسعافات الأولية لإسعاف أي مريض، ولهذا نقوم بالشراء من الصيدليات المجاورة للمستشفى. فإننا نناشد الجهات المعنية وأهل الخير بأن يهتموا بالمستشفيات التي يأتي إليها الفقراء ويسعون جاهدين لتوفير متطلبات المستشفى، مع المراقبة والمحاسبة في حالة تم التلاعب وبيع الأدوية وغيرها التابعة للمستشفى.
فيما تحدث أحد المسؤولين في مستشفى الجمهورية والذي تحفظ عن ذكر اسمه قائلاً : المستشفى يعاني من أشياء كثيرة لا أول ولا آخر لها، وللأسف سبب هذه المشاكل هو عدم حلها أو إيجاد حلول لإنهاء هذه المعاناة طول الفترة الماضية مما أدى إلى تراكمها فوق بعضها البعض مما أثر بشكل سلبي على المستشفى وأدائه والخدمات التي يتوجب تقديمها. مضيفاً بأنه قد جاءت فترة وقمنا بإغلاق عدد من الأقسام لأسباب عدة أبرزها عدم أهليتها لاستقبال الحالات، لاسيما ثلاجة الموتى الذي تشهد تكدسا للجثث التي معظمها مجهولة الهوية. حيث أن استعادة مكانة المستشفى ودوره يتطلب تظافر كل جهود الحكومة والوزارة ، وكل الجهات المختصة والمعنية ، وبهذا قد نستعيد مكانة المستشفى ونقدم للمرضى كل ما يحتاجون أو حتى للتخفيف عنهم بدل تكاليف المستشفيات الخاصة.
ختاما ..
مستشفى الجمهورية ليس الوحيد الذي تعرض للإهمال والإقصاء أو التدمير، وإنما تعرضت كل القطاعات الصحية والتعليمية والعسكرية والاقتصادية للتدمير الممنهج من قبل الاحتلال اليمني البغيض، الذي قضى على كل ماهو جميل في بلادنا الجنوب العربي.