حكاية بدوي تحدى المرض وواجه حليلة الشعر.. الشاعر «سعيد بن جماع» من نبؤة الثورة إلى معركة البقاء.

كريترنيوز / حاوره: ناصر التميمي
الشاعر سعيد صالح بن جماع المكنى بأبو قيس من مواليد منطقة ميفع مديرية بروم ميفع ،ولد في صبيحة يوم الإثنين الموافق ١٩٤٦/١/١م ، من أسرة فلاحية لها ارتباط وثيق بالشعر ، جده عوض مبارك بن جماع كان من فحول الشعراء الشعبيين في منطقة ميفع في القرن العشرين ، حيث يعتبر أحد رموزها الشعبييم في المنطقة،يتمتع بموهبة شعرية تجلى فيها حبه لوطنه وعروبته عاصر كثير من الشعراء أمثال الشاعر المرحوم يسلم المشعطر والشاعر المرحوم علي سالم بامهدي ، وسالم بحلص ،حسن بانمر وعبيد بانوبي، وآخرين نال شهرة واسعة منذ منتصف الستينيات حتى اليوم ،عاش حياة البداوة مع أسرته التي كانت تتنقل من مكان إلى آخر بحثا عن المرعى والكلا ، اشتغل برعي المواشي.
عرفنا عن شخصيتك؟
سعيد بن صالح بن جماع ، ولدت في منطقة شاقة بركات بميفع بمديرية بروم ميفع ، محافظة حضرموت ،في صبيحة يوم الإثنين الموافق ١٩٥٦/٣/٦م ، وتربيت وترعرعت فيها ، متزوج ولدي اثنان من الأولاد وسبع بنات ، اشتغلت في طفولتي برعي المواشي .
متى التحقت بالدراسة ؟
لم ألتحق في الدراسة نظرا لظروفي الخاصة ،وأهلي كانوا يمتلكون مواشي وأغناما كثيرة منعوني من الالتحاق بالدراسة ، ولكني تعلمت على يد والدي في المعلامة تحت شجرة تسمى الغافة كبيرة في البدو حقنا ، وكان يعلمنا بعد عودتنا من رعي المواشي في الليل ، وكنا نتعلم القرآن الكريم والقراءة والكتابة والحساب في عام ١٩٥٩م ، وكان معي علي سالمين بن جماع ،وسالم عوض بارزق الله ،ومحفوظ جماع باوعاء .
احكي لنا قصتك مع الشعر ؟
بدأت أقول الشعر وعمري ١٢ سنة ، والبيتان قلتها وأنا جالس بجانب أمي وهي تطحن الطعام على المدوم ( الرحى ) وكانت تغني وتقول بديت بالله ربي ذي خلقني بديت ثم رديت عليها:
الصبر عا الله شف العافية با تجيك
إن جاتك الصبح والا المساء باتجيك
بخرج عليك الدجاجة وإن تبى فدو ديك
قالوا السييلات باتسيل وباتجيب سيل
الله يستر على باداس شيخ الجبيل
شل العطب لي معي معكون وسط الجويل
ثم ردت علي أمي وقالت : قل غيرها ورديت عليها قد خرجت والله يستر ،وفعلا مثل ما تنبأت وفي نفس الليلة نزل سيل كبير في وادي السييلات واجتاح منطقة السييلات التي كانت يقطنها آل باداس وجرف عليهم المواشي ، وجرف طفلا صغيرا كان نائما في المزب داخل القمقم كان ذلك في عام 1963م.
بعدها بأيام كانت تظهر أمامي امرأة ، لاسيما عندما أكون ألعب مع زملائي الأطفال وأحيانا تظهر لي في داخل الكوخ أصيح فجأة بصوت عال تقول لي أمي إيش فيه أقول لها أرى امرأة أمامي ، لكنها هي لا تراها ومع مرور الأيام مرضت نتيجة الخوف الشديد منها ، وسألوا رجل من كبار السن فقال لهم : هذه الحليلة هاتوا الشاعر يسلم باحجيل الملقب بالمشعطر ، وهو سيعرفها وفعلا أتوا به وجلس بجانبي وبيده الرشبة التي لا يفارقها وقال :
رشبة مع المزاز ما طاعت تمز
يارشبتي بكسرش من قل المزيز
كل ما غلي ياسعيد من سكر ورز
كله سببنا من حرابة الإنجليز
ورديت عليه :-
ذي ريح من المغرب على الأمة تهز
الله يصون الناس من هذا الهزيز
ويساعد الثوار في الحيد القرز
ونتحرر من حكام الإنجليز
فرد علي المشعطر وقال : ثورة جاية وباترحل بريطانيا ، وهذه حليلة الشعر وأنت شاعر ، وبعدها ذهب مني المرض وأصبحت أقول الشعر بانتظام ، هذا كان في بداية عام 1963م ،وبعد عدة أشهر اندلعت أول شرارة من جبال ردفان ،وسقط أول شهيد راجح غالب لبوزة ،لقد تنبأت بالثورة قبل حدوثها بأشهر وأصبحت حقيقة ،كما جاء في البيت السابقين .
ماهي أول قصيدة قلتها ؟
كانت أول قصيدة قلتها هي (هذه كلفوني عالكوس ماجد بلاها)
ومما حال فيها :
بغيت بلع معاكم حتى ولو جيب خيلين.
وقلت هذه القصيدة للآني كنت أريد الطلوع إلى الخريف إلى منطقة جزول بحجر ،فرفضوا أهلي وارغموني على البقاء في القرية لرعي المواشي .
متى بدأت حياتك العملية ؟
بدأت العمل في عام 1969م في الطرقات في عقبة بويش ،وفي عام 1970م انتقلت للعمل في محافظة شبوة مع معلم بناء ،واشتغلت كذلك في الزراعة في عام 1971م وقلت قصيدة هناك اسمها ( سلام يا أرض باقادر) ثم عدت إلى البلاد وتزوجت،ثم انتقلت للعمل في محافظة أبين في المشروع الصيني في عام 1972م،ثم انتقلت إلى المشروع الكوري 1974م في ميفع وبعد انتهاء العمل توظفت في مشروع التاج التابع للدولة في عام 1979م ،ومنها انتقلت إلى الضالع في عام 1985م وكنت أعمل على معدات ثقيلة يقال لها البلدوزر ،وأغلب شعري قلته في المناطق .
من هم الشعراء الذين كانت لك معهم مساجلات ؟
الشاعر يسلم بن أحمد باحجيل الملقب بالمشعطر ، والشاعر سالم سالمين بن خميس بوريسه ،والشاعر المرحوم علي بامهدي ،وأحمد باكردوس بو فضل ،وبلخير عوض بامطروح ،ويسلم صالح داحس ،وسعيد علي باداس السم ،والحضر حسين اليافعي ،وطالب باقروان ،وعلي سعيد باقروان والمرحوم سالم صالح بحلص وغيرهم .
تكني نفسك بأبو قيس ما المناسبة ؟
زادني ولد وسميته قيس لكنه توفى بعد أيام من مولده ، لأنه كان لي أول مولود بنت اسميتها ثم اخترت اسم قيس ، وذلك لحبي لهذا الاسم ، ومازلت اعتز وافتخر به .
هل لك قصائد غنائية ومن غناء لك من الفنانين ؟
جاني واحد الله يرحمه عوض صالح العبيد الملقب الدجر وقال باشلك عند الفنان المرحوم كرامة مرسال ، ورحنا إليه حوالي في عام 1987م والتقينا به وسلمناه أربع اغاني ، وقال إن شاء الله سأغنيها ، ولكنه لم يغنيها بسبب انشغالاته ،وغنى لي كذلك الفنان المعروف عيسى سالم أغنية قليل العرف في عام 2000م كنت قد كتبتها في وادي ضحول مابين ثمود والسوم بوادي حضرموت ،عندما اشتغل في طريق تريم إلى ثمود .
لماذا ارتبط شعرك بالأرض والإنسان ؟
من حبي لأرضي ووطني وللإنسان الطيب الذي يحب بلده ووطنه الجنوب ، وقريتي التي ولدت فيها ونشدت فيها قصائد كثيرة منها ميفع الوالدة ،وميفع الحرة ،وميفع السعد وغيرها.
هل ضممت شعرك في دواوين ؟
إلى اليوم لم اكتب أي دواوين ،ولكن لا زلت احتفظ بشعري ،كان قد وعدني المرحوم عمر قمبيت رئيس الاتحاد التعاوني السمكي بالجنوب ،إلا أنه توفي رحمة الله عليه قبل أن يتحقق حلمي ،وإن شاء الله في المستقبل اتمنى ان تساعدني السلطة بالمحافظة بطباعة اعمالي وحفظها من الضياع .
هل حظيت بتكريم من قبل السلطة ؟
تم تكريمي من دولة الجنوب السابقة في احتفالات ١٤ اكتوبر المجيدة في عام ١٩٨٨م ،عندما ألقيت قصيدة بعنوان احتفال بعيد ١٤ اكتوبر .
هل شاركت في مناسبات وطنية ؟
نعم شاركت في كثير من المناسبات الوطنية والعيدية في مناطق مختلفة ، وكان لي حضور في أكثر من فعالية ثقافية وشعبية وآخر قصيدة قلتها في قوات النخبة عنوانها النخبة خطر أحمر.
ياسلامي لكم يالنخبة الحضرمية
ياحماة الوطن من كل غازي ومحتال
من غزا عالمكلا شفوا المكلا عصية
ارجعوا عندها سيف بتار
عندها قادة النخبة وسلطة قوية
الرجل منهم يسوى ثلاثين رجال
هل تدون ما تقول من شعر وكم عدد القصائد التي قلتها منذ بداياتك الأولى؟
نعم أقوم بتدوين كل قصائدي في ملف وبعضها فقدت علي خاصة القصائد القديمة .
كلمة أخيرة تريد قولها ؟
أشكر الأستاذ الباحث ناصر التميمي على اهتمامه بما أكتب من شعر وعلى هذا الحوار الذي أجراه معي ،ونرجو من السلطة المحلية أن تهتم بنا وتقوم بطباعة أعمالنا الثقافية.