تقارير وحوارات

في ظل إهمال وزارة الصحة .. «مستشفى الصداقة» معاناة تتزايد بتزايد المرضى

كريترنيوز / تقرير / محمود أنيس

يعتبر مستشفى الصداقة من أكبر المستشفيات في العاصمة عدن، والذي بُني على نفقة الاتحاد السوفيتي خلال فترة الثمانينات من القرن المنصرم.

فمستشفى الـ(الصداقة) والذي يقع في الزاوية الشمالية الغربية لمدينة الشيخ عثمان بالعاصمة عدن، بني عام 1977م بقرض من الاتحاد السوفيتي (سابقاً) وتم افتتاحه على ثلاث مراحل، الأولى كانت عام 1984م، والثانية في العام 1986م ، فيما افتتحت المرحلة الثالثة عام 1990م ويعتبر رمزا طبياً شامخاً.

وكان مستشفى الصداقة يقدم الخدمات الطبية الجليلة التي قل نظيرها في المستشفيات الأخرى، إلا أنه في الفترة الأخيرة لم يتحصل على الدعم الكافي من قبل وزارة الصحة لتسيير عمله ونشاطه في تقديم الخدمات الطبية للمرضى.

فبرغم من أهميه المستشفى والأقسام الذي فيه والخدمات الذي يفترض تقديمها وتقدمها إلى حد ما ، إلا أن المستشفى أصبح معاناة للمرضى نظرا لقلة الخدمات والاحتياجات.

شحة الأدوية ونقص الكادر :

يشهد مستشفى الصداقة شحنة ، وشبه انعدام في الأدوية بالإضافة للكوادر الطبية والتمريض ، حيث التقينا أحد المواطنين في المستشفى ويدعى كريم علي هائل ، والذي سألناه عن أوضاع قسم الطوارئ بالمستشفى وما يقدمه من خدمات للمرضى فأجاب قائلاً : الأوضاع الصحية في المستشفى حالها مزر للغاية فهناك نقص في الكادر الصحي المتخصص وعدم توفر الأدوية ، حتى الحقنة الواحدة في المستشفى غير موجودة. فهذا من الأسباب التي أثقلث كاهل المواطن المسكين الذي يضطر للقيام بشراء الأدوية من الصيدليات الخاصة ، وأصبح المواطن يعيش حالة من الإحباط نتيجة الوضع المتردي بالمستشفى ، فهذا المواطن لا يرى أمامه سوى مبنى حديث شاهق ، ولكنه يظل خاليا على عروشه من الخدمات الطبية والصحية للأسف. فالمستشفى يعتمد بشكل شبه أساسي على المتعاقدين الذين تعجز الإدارة بين فترة وفترة على دفع مستحقاتهم المالية.

مبنى متهالك دون صيانة ومعدات :

هناك أقسام عديدة بالمستشفى تفتقر للصيانة والترميم وهذا ما جعل المستشفى يعيش في حالة الانهيار بسبب عدم الصيانة والترميم المطلوب ، والذي يحتاجه مستشفى الصداقة.

إلى جانب هذا يفتقر المستشفى للعديد من المعدات والأجهزة الطبية المطلوبة ويحتاجها أي المرضى ويتوجب تواجدها في مستشفى مثل الصداقة ، فهذا سبب مضاعفة معاناة المرضى الذين أصبحوا يذهبون للعلاج في مستشفيات خاصة والكثير منهم يعجز عن ذلك ، نظرا لارتفاع أسعار العلاج داخل المستشفيات الخاصة.

فالمستشفى يعيش في بنية تحتية متهالكة بالوقت الذي يستقبل حالات من كل المحافظات . فالمبنى يعاني من تسريب المياه في أغلبية الأقسام نظرا لعدم وجود الصيانة والترميم ، كما أن المستشفى يعاني من خدمة التيار الكهربائي الذي تعانيه كل مرافق الدولة خاصة المرافق الخدماتية ، حيث أن المستشفى ، ونظرا لانقطاع الكهرباء أضطر إلى تشغيل المولد والذي يستهلك أكثر من 2000 لتر ديزل خلال فترة يوم ونص فقط ، في الوقت الذي يشكو المستشفى من قلة الإمكانيات والموازنة ، فهذا الأمر يستنزف الميزانية بشكل شبه كامل .

ونتيجة لمشكلة الكهرباء قامت إدارة المستشفى بإخراج المرضى إلى ساحة المستشفى مما جعل نشطاء موقع التواصل الاجتماعي يهاجمون الحكومة والمجلس الرئاسي على مايحدث من إهمال وتقاعس لهذا الصرح الطبي العريق.

إذ أن المستشفى يحتاج إلى تدخل حكومي عاجل لإنقاذ صرح طبي مثل مستشفى الصداقة وللتخفيف من معاناة المرضى هناك.

معانات المرضى في مستشفى الصداقة :

فالحديث عن معاناة المرضى في مستشفى الصداقة لا يمكن أن نسردها أو نشرحها فهي معاناة بما تحمل الكلمة من معان.

أبرز وأهم معاناة المرضى :

فأول ممن يتجرعون ألم المعاناة هم مرضى الطوارئ نتيجة لعدم توفير أبسط الاحتياجات والمتطلبات ومستلزمات طبية من إبر (مطارش) وبلاسترات (رابط الفراشات) ورابط الجراح والعطب أحيانا مما يضطرون للقيام بشرائها من الصيدليات الخارجية.

حيث قالت المواطنة إيمان محمد : قمت بإسعاف ابني قبل أيام إلى قسم الطوارئ في مستشفى الصداقة بسبب حالة ابني الصعبة ونظرا لتواجدها بالقرب من المنزل إلا أني صدمت من الوضع بالمستشفى، فمعقول بأن الطوارئ لا يتوفر فيها حقن ، وقد قمت بشرائها من الخارج ، حيث أن ولدي كان يعاني من الحمى والانفلونزا.

أما بالحديث عن قسم الأورام السرطانية فإن الأمر محزن للغاية ، فقال المرضى بالمستشفى الخاضعين للعلاج في قسم الأورام السرطانية بأنهم يشكون من تغيّب وعدم التزام الأطباء المختصين بالحالات .

فيما قال أحد مرضى السرطان وهو العم ناجي حسين الأهدل : بأن هناك استهتارا واللامبالاة للأطباء المختصين بحالاتهم.

حيث أن الأطباء يتغيبون للفترة المسائية إضافة إلى ذلك بأنهم لا يلتزمون بمواعيد العلاج والجرعات لنا ، فهذا الأمر خطير يعرض المريض للخطر ، أفلا يكفي بما نحن فيه من ابتلاء من الله سبحانه وتعالى شاكرين الله عليه فلا يرضى الله ولا رسوله مما يحدث لنا .

وأما الشاب حسين مونة قال : للأسف إننا بالمستشفى خاصة بالأقسام التي تخضع للعلاج لم نلق الرعاية الصحية المطلوبة لحالتنا ومرضانا من قبل الأطباء إلا من رحم ربي. إلى جانب هذه المعاناة، هناك معاناة أخرى وهي شبه انعدام الأدوية ، فهذا أمر يهدد حياتنا ، فهناك حالات في بداية مرضها تحتاج للعلاج بانتظام ونحن أيضا نفس الشيء ، ولكن مشكلة الأدوية أمر يهدد حياتنا إلا أن الأعمار والشفاء بيد الله سبحانه وتعالى.

أما بالحديث عن قسم الفشل الكلوي ، فالمعاناة لا تختلف عن باقي الأقسام. فمرضى قسم الفشل الكلوي لا تختلف معاناتهم كثيرا عن الأقسام الأخرى في مستشفى الصداقة.

حيث قال المريض أنيس كسادي : برغم المعاناة التي نعانيها من نقص الأدوية والحقن ومادة الغسيل التي نستخدمها في بعض الأوقات إلا أن هناك جهودا يبذلها الطاقم الطبي بالقسم يستحقون الشكر وجزاهم الله خيراً.

وأضاف الكسادي قائلاً : نحن الذين نشكي من هذا المرض فحياتنا وحالتنا تتعلق بالعلاج ولا تتحمل حالتنا انقطاع العلاج عنا أو الانقطاع من استخدامه بوقته ، فهل تدرك الجهات المعنية والمختصة خطورة هذا الأمر أم أن الأمر لا يعني لهم أي أهمية.

وطالب الكسادي المعنيين والمختصين بمراعاة حالة المرضى وما يعانوه وأن ينظروا لهم بعين الرحمة.

وهناك أقسام أخرى بالمستشفى غير الأقسام التي تم ذكرها واستعراض معاناة مرضاها ، فهي تعيش حالة يرثى لها نتيجة الإهمال والتدهور وانعدام الأدوية وما يحتاجه المرضى.

حيث تحدث لنا أحد الأطباء فضل عدم ذكرى اسمه حفاظا لعدم الإضرار به والذي قال : ما سمعتوه من المرضى واطلعتم عليه صحيح ولا يوجد به أي من الزيف أو المزايدة ، فالمرضى عندنا يمرون بالعديد من المعاناة في ظل وضع مزر ومؤسف ، نتيجة لما يشهده المستشفى من انعدام المتطلبات والكادر الطبي المختص منذ سنوات. فهناك للأسف أطباء يكونون مقصرين تجاه المرضى ولكن لا ننكر بأن هناك من يراعي الله بالمرضى ويقوم بواجبه برغم من كل المعاناة والصعاب التي نعيشها مع المرضى.

وقال إداري يعمل في المستشفى بأنه لا توجد إدارة صارمة وفعالة بجد تعمل لانتشال المستشفى من وضعه المزري ، صحيح بأن هناك إدارات سابقة كانت تسعى للقيام بمافي وسعها إلا أن جهودها تفشل نظرا لتجاهل وتقاعس المعنيين والمختصين.

ختاماً ..

أصبح الأمر خطيراً للغاية في مستشفى الصداقة نتيجة الإهمال والتقاعس والصمت المخزي من الحكومة والجهات المختصة والمنظمات المحلية والدولية ، وعلى إدارة المستشفى أن تقوم بمسؤوليتها تجاه المرضى ، وتعمل على مواصلة الضغط على وزارة الصحة بالعاصمة عدن من أجل الاستجابة الفورية لمعاناة المرضى ، وتوفير كافة المستلزمات والاحتياجات للمستشفى.

زر الذهاب إلى الأعلى