تقارير وحوارات

«آثار الجنوب التاريخية» مابين النهب والاتجار .. من يحفظها من السماسرة ويستعيدها؟

كريترنيوز /صحيفة سمانيوز / تقرير / محمود انيس

تتعرض آثار الجنوب التاريخية للنهب والاتجار من قبل سماسرة وتجار الآثار، الذين يحاولون طمس تاريخ وحضارة وهوية الجنوب.

 

حيث تعد الحضارة في الجنوب من أقدم الحضارات عبر العصور، وتأتي بدايتها في نهاية العصر الحجري، حسب ما ذكره المؤرخ الفرنسي فيجيوم شارلو، في كتابه (اليمن موطن الآثار).

 

 

 

ويعتبر الجنوب من مهد الحضارات القديمة، بما يمتلكه من آثارٍ تاريخية زاخرة، تتنوع بين معابد قديمة، ومدن شُيّدت بفنٍ معماري فريد، لتشكل في مجموعها، كنوزاً ثقافية تعكس تاريخها العريق الممتد في عمق التاريخ.

 

 

 

هذه الثروة التي تقدر بقيمتها التاريخية؛ تواجه تهديدات كبيرة، في ظل التنافس المحموم بين مافيا الآثار العابرة للحدود، لتهريب آثار الجنوب بتعاون مع قوى الشمال والنظام وبيعها في المزادات العالمية، حتى باتت مهددة بالانقراض.

 

فقد تعرضت المدن الأثرية والتاريخية في الحنوب للنهب والتنقيب العشوائي منذ الوحدة المشؤومة وخاصة طوال الفترات الماضية في ظل الصراع الدائر وحتى اللحظة.

 

 

 

وتعرضت الآثار في الجنوب إلى النهب والسرقة، كما لم تتعرض له آثار دولة من قبل، فكان لآثار الجنوب النصيب من التهريب والنهب والتدمير الممنهج والبيع في مزادات علنية حول العالم وعلى شبكة الإنترنت بشكل واضح وعلني دون خوف من أي مساءلة أو حساب بتعاون وتسهيلات من قبل النظام القائم حين ذاك.

 

وما صعب نقله من تلك الآثار كالمعابد ومراكز قيام الممالك القديمة فقط كتب له البقاء، إلا أنه تعرض أيضاً للنهب والتخريب وحفر الأنفاق بحثاً عن الكنوز.

 

 

 

نهب وتجارة الآثار وطمس الهوية :

 

 

 

تعرضت آثار الجنوب لموجات أو سلسلة من عمليات التهريب إلى خارج الوطن، وأغلب ما يحدث هذا نتيجة أمرين هامين، هما : الحملات شبه المنظمة كحملات المستشرقين في قرونٍ سابقة، أو عمليات التهريب التي تقوم بها عصابات اﻵثار منذ توقيع الوحدة مع اليمن ، والتي ازدهرت واشتهرت مؤخراً بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة والحرب اﻷهلية، التي تدور رحاها منذ أكثر من تسع سنوات، لتصبح تلك الآثار سلعاً معروضة في مزادات عالمية، حيث نظمت مزادات لشراء وبيع الآثار. فما تشهده الآثار في الجنوب هو منذ بداية الوحدة المشؤومة مع الجمهورية العربية اليمنية، وقد بدات عملية بيع والاتجار بالآثار بشكل ممنهج ومدروس بهدف طمس الحضارة في الجنوب ومسح الهوية والتاريخ الجنوبي. حيث يعتبر هذا الأمر ليس جديد ولكنه ازداد سوءا بشكل كبير في السنوات الأخيرة الماضية بسبب الصراعات الداخلية والحرب الدائرة التي شنتها قوى الشر اليمنية.

 

 

 

ففي تصريح سابق جرى رصده للباحث المهتم برصد وتوثيق الآثار المنهوبة، عبدالله محسن، قال : ظاهرة تهريب الآثار بأنها “برزخ كئيب يلتهم مئات القطع الأثرية سنويًا”، موضحاً أن عدد القطع المنهوبة خلال سنوات الحرب يزيد عن 20,000 قطعة بحسب تقديرات شبه رسمية معظمها من آثار الجنوب.

 

 

 

ووفق الباحث فإن هذه الظاهرة تتوزع بين ثلاثة محاور :

 

الأول “عمليات النبش والتنقيب العشوائي غير القانوني للمواقع الأثرية في العديد من المحافظات والمديريات بشكل شبه علني وواسع تحت عين السلطات وتغاضيها”.

 

وهذه العمليات، وفق محسن، أدت إلى تدمير العديد من المواقع، وإنشاء سوق مزدهر لبيع القطع .

 

 

 

أما المحور الثاني للظاهرة، يتعلق بالمتاحف الحكومية وسرقتها وتلف القطع الأثرية في بعضها نتيجة للإهمال والقصف والتدمير الذي حصل في تسعينيات القرن الماضي، إضافة لما حدث في حرب 2015م.

 

 

 

فيما المحور الثالث والأكثر تأثيرًا، هو تهريب ما نتج عن المحورين السابقين إلى الخارج، وتزوير وثائق الأصالة وفواتير بيع ووثائق تصدير لجعل بيع آثارنا في المزادات قانونيا ومشروعا.

 

 

 

حيث أن عملية النهب والاتجار لم تقتصر على المتاجرة بها في الخارج والبيع والشراء في الدول، وللأسف نلاحظ بأنه قد أصبح التفاخر بامتلاك آثار الجنوب ونسبها لتاريخ الشمال «اليمن» والتفاخر بها بين المسؤولين والقيادات والتجار والمتنفذين، فهذا قد أمر أصبح رائجا بشكل كبير وملحوظ.

 

فهناك من استطاع ووثق وجود قطع أثرية ونقوش تاريخية في منازل ومكاتب ومجالس مسؤولين ومتنفذين وتجار قاموا بشرائها من التجار المحليين للتفاخر والتباهي بها،مع العلم أن تلك الآثار تعود ملكيتها بأنها حضارة الجنوب العربي.

 

 

 

فقد أثبتت تقارير أن هناك متورطين من مسؤولين وقيادات ومتنفذين شماليين«يمنيين» بعملية نهب وسرقة آثار الجنوب وتهريبها للخارج والاتجار بها.

 

 

 

فحسب خبراء ومختصين في الآثار قالوا بأن هناك جهودا تبذلها السلطات والأجهزة الأمنية سعياً للحفاظ على المواقع الأثرية وحمايتها.

 

حيث تعتبر بعض محافظات الجنوب من المدن الغنية بالمواقع الأثرية والسياحية مثل حضرموت وشبوة وأبين، وغيرها.

 

 

 

ختاماً..

 

 

 

يرى جنوبيون ومختصون في الآثار أن إمكانية إيقاف تهريب الآثار، يلزم تدخل فوري من الحكومة والأجهزة الأمنية، وتحييد ملف الآثار بعيدا عن الصراعات والتجاذبات السياسية، ومساهمة المجتمع المحلي في إيقاف عمليات الحفر والترويج والبيع للآثار.

 

مشيرين إلى أنه يجب تأهيل وتدريب أفراد ومختصين في المنافذ البحرية والبرية والجوية وإشباعهم بالمعارف والمعلومات والخبرات للكشف والتعرف بسهولة على الآثار والذهب والحُلي الأثرية الذي يتم تهريبها عبر المنافذ وبواسطة متنفذين في الدولة، مطالبين المنظمات الدولية والإقليمية الوقوف ضد تلك الظاهرة السيئة التي يُعاقب عليها القانون، لاسيما العمل مع الجهات ذات الاختصاص لحماية الآثار واستعادة ماتم نهبها وتهريبها إلى خارج البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى