بين التصعيد والتهدئة.. 2025 قد يشهد تحولاً جذرياً لحرب أوكرانيا
كريترنيوز/ متابعات /البيان/القاهرة
شهد العام 2024 استمرار التصعيد بالحرب في أوكرانيا، مع تزايد حدة الاشتباكات على الجبهات وتطور أدوات الصراع، سواء من خلال الدعم الغربي المتواصل لكييف أو تكيف موسكو مع المواقف الدولية المتباينة.
تصاعدت الحرب لتشمل عمليات هجومية مضادة ومواجهات واسعة، مما أدى إلى تعقيد الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق تهدئة. في الوقت ذاته، برزت محاولات أوروبية لإعادة صياغة سياستها الدفاعية والأمنية، بعد الدعم الكبير لأوكرانيا وتقوية تحالفاتها مع واشنطن، في ظل حالة من الترقب لانعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض.
وفي ضوء ذلك، تبدو الحرب مفتوحة على عدة سيناريوهات؛ أبرزها استمرار الصراع العسكري دون حسم واضح، مع احتمال دخول أطراف جديدة في دائرة الاشتباك المباشر أو غير المباشر. في هذا السيناريو، قد تعمل روسيا على تعزيز مكاسبها الميدانية مع تصعيد الضغط السياسي، بينما تواصل أوكرانيا الاعتماد على الدعم الغربي لتقوية قدراتها الدفاعية والهجومية.
على الصعيد الأوروبي، من المتوقع أن تشهد الدول الأعضاء في الناتو إعادة تقييم استراتيجياتها، لتحديد دورها في الحفاظ على الأمن الإقليمي واستقرار المنطقة.
اتفاقات مرحلية
من بين السيناريوهات، احتمالية التوجه نحو اتفاقات مرحلية للتهدئة ووقف إطلاق النار، خاصة إذا برزت ضغوط دبلوماسية من القوى الدولية الكبرى.. وفي هذا السياق، يمكن أن تشكل ترتيبات أمنية جديدة، سواء في منطقة دونباس أو شبه جزيرة القرم، أساساً لتفاهمات مؤقتة قد تفتح المجال لمفاوضات أوسع.
ومع ذلك، يظل تحقيق هذا السيناريو مرهوناً بمدى قدرة الأطراف على تقديم تنازلات دون أن يؤثر ذلك على مكانتها الداخلية.
من جانبه، يقول الأستاذ بكلية موسكو العليا، الدكتور رامي القليوبي، في تصريحات لـ«البيان» إن العام 2025 قد يشهد تطورات حاسمة، لكن ذلك مرهون بقدرة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، على التوصل إلى اتفاق مع روسيا وأوكرانيا بشأن إنهاء النزاع على أساس خطوط التماسك الحالية، وهو الأمر الذي يلمح له، موضحاً أن ترامب يمتلك أدوات ضغط على روسيا من خلال العقوبات، وعلى أوكرانيا عبر التحكم بمستوى الدعم الذي تقدمه واشنطن.
لكنه يرى أن احتمالية قبول روسيا بمثل هذا العرض ليست مؤكدة، نظراً لأن موسكو تحقق تقدماً على الجبهات في أوكرانيا، مما يجعل من غير مصلحتها تجميد النزاع عند الوضع الراهن أو على خطوط التماسك الحالية. بل قد تفضل روسيا الاستمرار في التقدم لتحقيق مكاسب إضافية، مشيراً إلى أن «موسكو تعلمت أن تجميد النزاع قد يتيح لأوكرانيا وداعميها الغربيين فرصة لإعادة التنظيم والتسليح، وربما شن هجوم مستقبلي لاستعادة الأراضي».
وفي ضوء ذلك، يعتقد بأن إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال العام المقبل ليس مضموناً، بسبب التحديات القائمة والاعتبارات الاستراتيجية لجميع الأطراف المعنية.
توسع رقعة الحرب
من بين السيناريوهات المطروحة أيضاً، هو السيناريو الأكثر تشاؤماً والمرتبط بتوسع رقعة الصراع وتحوله إلى نزاع إقليمي أوسع يشمل مناطق إضافية في أوروبا الشرقية أو البحر الأسود. هذا السيناريو قد يدفع الأطراف الكبرى إلى مراجعة أدوارها ومواقفها بشكل جذري، حيث يبرز خطر انهيار النظام الأمني الأوروبي وزيادة التوترات بين واشنطن وموسكو، مما يعقد أي محاولات للتسوية.
يعتقد المحلل السياسي الروسي، ديمتري بريجع، بأن العام 2025 سيحمل معه تغييرات كبيرة على الساحة الدولية، لافتاً إلى أن الصراع الروسي-الأوكراني يتخذ منحى تصعيدياً مع دخول القوات الأوكرانية على الأرض، والسماح باستخدام الصواريخ بعيدة المدى من قبل الأطراف المتنازعة. فيما روسيا تهدد باستخدام خيارات استراتيجية منها الصواريخ الباليستية، مما يعقد المشهد السياسي أكثر.
ويشير في تصريحات لـ«البيان» إلى أن «التغييرات القادمة قد تشمل عودة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، مع رسم استراتيجيات جديدة للتعاون بين البلدين. كما أن التحالفات الدولية التي بنتها روسيا قد تشهد تغيرات بسبب التحولات الكبيرة في المشهد السياسي العالمي».
ويتابع بريجع: «من المتوقع أن يكون العام المقبل في بدايته تصعيدياً بين روسيا وأوكرانيا، لكن مع حلول منتصف ونهاية العام قد نشهد جهوداً لفتح قنوات دبلوماسية.. وساطات مختلفة قد توجد صيغة حل سياسي يُنهي الأزمة. وقد يتضمن ذلك إقامة منطقة آمنة تفصل بين روسيا وأوكرانيا بمسافة تصل إلى 1300 كيلومتر، مع تقديم ضمانات أمنية للطرفين».