غزة.. هل تضع خروقات وقف الحرب أوزارها؟

كريترنيوز/ متابعات/ البيان /محمد الرنتيسي
ليست الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، وجولات التصعيد المتعاقبة، هي الخرق الوحيد لاتفاق وقف النار المبرم في 9 أكتوبر الماضي، فحتى البروتوكول الإنساني لم يطبق، فتواصل إسرائيل منع دخول المساعدات الإنسانية وفق مرسوم شرم الشيخ، وحتى اللوازم الشتوية من خيام وفرش وأغطية لم تدخل، ما يفاقم معاناة النازحين. اختار الغزيون العودة إلى منازلهم، حتى لو كانت أكواماً من ركام.
لكن رياح رغباتهم تعاكست تحت سقف خروقات مستمرة لوقف إطلاق النار، لدرجة كادت في بعض جولات التصعيد أن تطمر الاتفاق، وتوقعه في حفرة سحيقة، لولا تدخل الوسطاء.
ما يخشاه الغزيون، أن تكون هذه المرحلة فترة تجريبية لوقف إطلاق النار، فإما أن تنهار التهدئة، وتكون غزة قد قضت استراحة محارب بين جولتي قتال، وإما أن تظل تراوح المكان، بهدنة هشة تذروها رياح التصعيد بين الحين والآخر.
ويستمر ماراثون خرق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وما زالت الأوضاع على الأرض متوترة، ويستمر سقوط الضحايا وتدمير بقية من منازل متصدعة أصلاً.
وتستهدف المقاتلات الحربية الإسرائيلية، الخيام والمارة ومراكز الإيواء، والهدف الإسرائيلي من وراء ذلك، استنزاف المدنيين والضغط بالقوة لخلق بيئة طاردة تدفعهم لمغادرة قطاع غزة، وهذا ما يخدم الرؤية والاستراتيجية الإسرائيلية، كما يقول غزيون.
«نحن ندفع ثمن اتفاق لم يلبِ الحد الأدنى من بنوده، فلا وقف للغارات الإسرائيلية، ولا انسحاب للجيش الإسرائيلي، ولا فتح للمعابر، ولا دخول للمساعدات»، هكذا لخص النازح من بلدة بيت لاهيا سلمان المصري.
موضحاً أن الاتفاق لم يضمن وقف الحرب بشكل نهائي، ولا يتضمن كذلك جداول زمنية محددة بين مراحله، والنتيجة التي يدفع ثمنها الغزيون هي استمرار الحرب والخوف والقلق، ولا نعرف إلى متى سيستمر هذا الحال، وفق قوله.
ويواصل: «ما يجري في قطاع غزة، استمرار للحرب لكن بوتيرة أقل من تلك التي استمرت على مدار عامين، موجات التصعيد لا تتوقف، وتشعرنا على الدوام بأن الحرب لم تنته، وكأن الاتفاق لم يكن».
ومن الوجهة السياسية، يرى مراقبون أن إسرائيل تريد للتهدئة أن تستمر، حتى يظهر لها ما يبرر خرقها، فتغير على أهداف بعينها، وهكذا يستمر الحال ضبابياً بين الحرب واللا حرب، والذريعة واحدة تعرض قوات الجيش الإسرائيلي لإطلاق النار، وفق قولهم.
روتين يومي
ويرجح الكاتب والمحلل السياسي، هاني المصري، أن تطول هذه الحالة، لدرجة تصبح روتيناً يومياً، ويتواصل خلالها سقوط المدنيين، مبيناً: «الحرب ما زالت مستمرة رغم إعلان وقف إطلاق النار، ومع تعثر تشكيل القوة الدولية، تستمر إسرائيل في فرض وقائع جديدة على الأرض».
وتبقى الأسئلة التي تراود الغزيين: «هل وقعت حركة حماس في فخ سياسي إسرائيلي أمريكي لا ينهي الحرب؟ بحيث كان من الجنون رفض فرصة ذهبية لوقف حرب الإبادة والتهجير؟..
ومتى تضع الخروقات أوزارها؟». أسوأ ما يمكن أن يحدث هو فشل تنفيذ مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، من دون توفر بديل أفضل منه، لأن هذا معناه استمرار الحرب، وربما توسعها.
بينما يعد نجاح تطبيق القرار على مساوئه أقل السيناريوهات سوءاً، لكن هذا يتطلب تنازلات مؤلمة، رغم عدم وجود ضمانات كافية تلزم إسرائيل بوقف الحرب، والانسحاب من قطاع غزة، ودخول المساعدات، والانخراط في مسار سياسي موثوق، كما يقول محللون.