مقالات وآراء

حب الوطن

كتب / جميل علي صالح الحميدي

الوطن ليس مجرد مساحة جغرافية ترسمها الخرائط، ولا مجرد بقعة يعيش فيها الانسان، بل هو الروح التي تنبض في أعماق كل فرد، والملاذ الذي يستقر فيه القلب قبل الجسد. حب الوطن ليس شعاراً يرفع، أو كلمات تلقى، بل هو شعور متجذر في النفس وارتباط لا ينفك بين الإنسان وأرضه.

حب الوطن فلسفة ترتكز على الوفاء والإخلاص، فكما أن الجذور تمنح الشجرة ثباتها، فإن الانتماء للوطن يمنح الإنسان معنى وجوده. فالوطن هو الماضي الذي يروي حكايات الأجداد، والحاضر الذي تصنعه سواعد أبنائه، والمستقبل الذي تحمله آمال الطامحين. كل حجر في أرض الوطن يحكي قصة، كل زاوية تضم ذكرى، كل شارع يشهد على أحلام الذين مروا من هنا ذات يوم.

حب الوطن ليس فقط حباً للأرض، بل هو إدراك للواجب تجاهه، فالمخلص لوطنه لا يكتفي بالشعور، بل يترجمه إلى عمل وسعي، يرفع مكانته ويصون عزته. الوطن هو الأب الذي يحتضن أبناءه، والأم التي تغذيهم بالقيم والمبادئ، فلا يكون الإنسان كاملاً إلا حين يدرك أن بقاء الوطن واستقراره من بقائه واستقراره.
على مر العصور كان الوطن منبع الإلهام للشعراء والمفكرين، كتب عنه الأدباء، ودافع عنه الأبطال، رسمت له الصور، ونظمت فيه الأناشيد. الوطن ليس مجرد مكان للعيش، بل هو هوية لا تكتمل إلا به، ووجود لا يكتسب قيمته إلا من خلاله.

حب الوطن لا يعرف الحدود، ولا يتأثر بالعواصف والمحن. الحب الحقيقي للوطن يظهر في الأزمات، يسطع حين يهدده خطر، ويقوى عندما يسعى أبناؤه إلى بنائه.

الوطن ليس مجرد حلم، بل هو واقع يجب الحفاظ عليه، وأمانة في أعناق الجميع ما دامت الشمس تشرق في سمائه.
فلا معنى للحياة دون وطن يحتضن أرواحنا ويسقي جذورنا بالأمل.

زر الذهاب إلى الأعلى