مقالات وآراء

القوات الجنوبية في مواجهة الإرهاب.. صمود لا ينكسر رغم التحديات

كتب: إبراهيم باصويطين

في وقتٍ بات فيه الإرهاب خطرًا عابرًا للحدود، يُهدد الأمن والاستقرار في المجتمعات، تواصل القوات الجنوبية دورها الريادي في التصدي لهذا الخطر، مجسدةً التزامًا صادقًا من المجلس الانتقالي الجنوبي الذي جعل من مكافحة الإرهاب وتأمين الجنوب أحد أولوياته الاستراتيجية منذ اللحظة الأولى لنشأته.

لقد خاضت القوات المسلحة الجنوبية مواجهات شرسة ضد التنظيمات الإرهابية وخلاياها النائمة، وحققت نجاحات ميدانية لافتة في تفكيك عشرات الشبكات التي كانت تستهدف حياة المدنيين وتنوي تنفيذ عمليات تستهدف زعزعة الأمن العام. هذه النجاحات لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج عمل استخباراتي دقيق، وتحرك ميداني استباقي، واستراتيجيات أمنية متقدمة تستند إلى معلومات نوعية وقراءة عميقة لطبيعة التهديدات المتغيرة.

لكن، ومع كل نجاح تُحرزه هذه القوات، تظهر الحقيقة المُرّة: هناك من يقف في الضفة الأخرى، يعمل على تقويض هذه الجهود، ويحاول التشويش عليها. المليشيات الإخوانية، التي طالما اتخذت من الإعلام أداة لتضليل الرأي العام، تتحرك كلما تم تفكيك خلية إرهابية، لتبرير أفعال تلك العناصر، أو التشكيك في مصداقية الأجهزة الأمنية الجنوبية. وهذا ليس سلوكًا عابرًا، بل يعكس علاقة عضوية بين هذه الجماعات والتنظيمات المتطرفة، حيث توفر لها الغطاء السياسي والدعم الإعلامي واللوجستي، ضمن مشروع تخريبي لا يستهدف الجنوب وحده، بل كل من يسعى لبناء دولة آمنة مستقرة.

قضية الإرهابي الهارب “أمجد خالد” تمثل أحد أبرز الأمثلة على هذا التواطؤ الفاضح. فبينما كان المجلس الانتقالي الجنوبي يُحذر مبكرًا من تحركاته المشبوهة وعلاقاته بالحوثيين والتنظيمات الإرهابية، كانت المليشيات الإخوانية تُمعن في تلميعه وتسويقه كبطل، وتوفر له الدعم العسكري والغطاء السياسي، بدءًا من التربة وطور الباحة، وصولًا إلى منحه رتبة عميد، وتأسيس معسكر شرجب برعايتهم الكاملة.

واليوم، وبعد أن انكشفت خيوط اللعبة، وتراكمت الأدلة على خيانته وتورطه في تنسيق مباشر مع الحوثيين، تحاول الجماعة الإخوانية التنصل منه، وتقديمه ككبش فداء، في محاولة يائسة لتبرئة نفسها أمام المجتمع الدولي. هذا النمط المتكرر من التخادم والتضحية بالعناصر المرتبطة بهم بمجرد انفضاح أمرهم، يكشف أن دعمهم للإرهاب لم يكن يومًا انحرافًا فرديًا، بل سياسة ممنهجة وأجندة خفية.

وفي الوقت الذي تنكشف فيه الحقائق أكثر من أي وقت مضى، يثبت المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته المسلحة أنهما صمام أمان الجنوب، وسياج الوطن في وجه الإرهاب، رغم التحديات الكبرى، وعلى رأسها التواطؤ السياسي من بعض الأطراف التي توفر الحماية والتسهيلات لخلايا الإرهاب.

إن المرحلة المقبلة تتطلب موقفًا حازمًا من جميع القوى الحية في الجنوب، ودعمًا إقليميًا ودوليًا حقيقيًا لهذه الجهود البطولية. فاستقرار الجنوب لا ينفصل عن أمن المنطقة، ولا يمكن أن يتحقق دون اجتثاث كل الحواضن السياسية والإعلامية والفكرية للإرهاب، وعلى رأسها حزب الإصلاح الذي ظل لعقود خندقًا خلفيًا لكل مشروع تدميري في اليمن والمنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى