مقالات وآراء

إلى أين تتجه يافع في التخطيط الحضري؟!

كتب: م. محمد عوض العيسائي

يافع، أرض الشموخ والمجد، تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم… فإما أن تختار طريق التخطيط الحضري المنهجي، أو أن تنحدر أكثر في هاوية البناء العشوائي والفوضى العمرانية التي تهدد حاضرها ومستقبلها.

فالسؤال الكبير الذي يجب أن نواجهه بكل صدق: لماذا كل هذه العشوائية في البناء؟ وهل يرضى أبناء يافع بهذا الواقع المؤلم؟ وهل تقودنا هذه الفوضى إلى مدينة حضارية تنافس عدن أو صنعاء أو المكلا، أم إلى قرية كبيرة لا تعرف من المدينة سوى اسمها؟

ما نشهده اليوم في يافع من توسع عمراني غير منظم، يعكس غيابًا واضحًا للرؤية المستقبلية ولأبسط قواعد التخطيط العلمي. لقد أصبحت المنازل تُبنى بلا طرق منظمة، ولا مساحات للأسواق، ولا بنية تحتية تُعتمد عليها. الأراضي الزراعية تُلتهم، والآبار تُهمل، والبيئة تتدهور، والصرف الصحي غائب أو متهالك، وكل ذلك يحدث أمام أعيننا، وكأن الأمر لا يعنينا!

يافع في خطر، والناقوس يدق!

لقد ترك لنا الأجداد إرثًا من الحكمة. كانوا يبنون على رؤوس الجبال، ويحفظون “الريع” – وهو مساحة الحياة: الغطاء النباتي، المراعي، المياه، المحاجر. كانوا يرونه خطًا أحمر، لا يُمس، لأنه أساس الاستدامة والحياة.

أما نحن، فقد أضعنا البوصلة، وعبثنا بما لا يجب العبث به، فجرفنا الأراضي، واقتربنا من منابع المياه، وتعدينا على النُظم البيئية، وكأننا لا ندرك أن ذلك يخالف سنن الله في أرضه، تمامًا كما فعلت أقوامٌ أهلكها الله بسبب فسادها.

نحن أمام مسؤولية تاريخية

ليس فقط تجاه أنفسنا، بل تجاه أبنائنا وأحفادنا. إن لم نتحرك اليوم، فغدًا سيكون الأوان قد فات. يجب أن تُفتح ملفات التخطيط الحضري، وتُراجع خرائط يافع وفق رؤية علمية متكاملة، وأن تُمنع العشوائية بحزم، ويوفر البديل العادل والمنظم.

رسالة إلى السلطات المحلية:
ضعوا التخطيط الحضري نصب أعينكم، لا تجعلوا من المناشدات أصواتًا في الريح. اجعلوا من يافع نموذجًا للتنمية المتوازنة، لا مثالًا للتدهور العمراني.

يا أبناء يافع الأحرار،
فلنتعاون جميعًا لحماية أرضنا، ولنحفظ ماءنا، وريعنا، وتراثنا، ولنكن على قدر المسؤولية. فإن يافع لا تستحق إلا أن تكون في مقدمة مدن اليمن، لا في ذيل قائمة الفوضى.

اللهم احفظ يافع، واجعلنا من الذين يعمرون الأرض بما يرضيك.

زر الذهاب إلى الأعلى