آداب وفنون

شرود الذهن..!

خاطرة: عبدالله محمد العمودي

كنت شارداً حين ذهبت إلى أحد الأماكن مع أخي. لاحظ الأمر وسألني بهدوء: “لماذا أراك شارد الذهن اليوم؟” أجبته: “لا أدري.” لكنه لم يكتفِ بذلك، فسألني مرة أخرى وثالثة ورابعة، وكلما سأل، كانت إجابتي نفسها: “لا أدري.”

بعد لحظات، قال لي: “هكذا أنت دائماً؟ شارد الذهن بلا سبب؟” فأجبته: “أحياناً يحدث ذلك، ولا أعلم لماذا.”

استمر في السؤال، محاولاً فهم ما يجري: “هل عليك مسؤوليات كثيرة؟” أجبته بالنفي. فسأل مجدداً: “إذن، لماذا ذهنك شارد؟” شعرت بالعجز أمام أسئلته، وقلت: “لا أعلم ماذا أقول لك.”

فقال بنبرة أكثر هدوءاً وحيوية: “أريد جواباً صريحاً، حتى لو كان كلمة واحدة أو نصف كلمة. المهم أن أفهم.”

ترددت قليلاً، ثم قلت: “هناك أسباب كثيرة، لكني لا أستطيع تذكر أي منها الآن.”

أخي استغرب وسأل مازحاً: “هل أصابك الزهايمر؟” فابتسمت وقلت: “لا، لكن أحياناً أنسى أشياء بسيطة، مثل نصائح أمي التي تكررها لي يومياً، أو ما يقوله معلمي في المدرسة أو المسجد. بل حتى تاريخ ميلادي لا أتذكره أحياناً!”

ضحك أخي وقال: “لعله الزهايمر إذن!” فقلت له مبتسماً: “لا تسيء الفهم، ما زلت في العشرين من عمري.” ثم سألته: “كم عمرك أنت؟” أجاب: “ثلاثون.”

أوقفني سريعاً قائلاً: “لنخرج من هذه الدائرة. فقط أخبرني سبباً واحداً لشعورك بالشرود.” نظرت إليه بنبرة حزينة وقلت: “لا أستطيع التذكر، اعذرني.”

ابتسم وقال: “يبدو أنه الزهايمر حقاً!” فرددت وأنا أضحك: “هكذا هي ذاكرتي أحياناً.

زر الذهاب إلى الأعلى