صوت مألوف
قصة: عبدالله محمد العمودي
سمع أبي صوتاً غريباً لم يكن مألوفاً على مسامعه. توقف للحظة، قلبه ينبض بسرعة، وأخذ يتساءل: “هل هو صوت طفل؟ أم عجوز؟ أم ربما فتاة؟” لم يستطع أن يحدد. بدأ الشك يتسلل إليه، فسألنا جميعاً: “هل سمعتم هذا الصوت؟ إنه غريب… لكنه يشبه شيئاً أعرفه.”
لكن الردود جاءت محبطة، “لا، لم نسمع شيئاً.” استمر أبي في البحث عن إجابة، يتجول بين الغرف ويسأل الجميع مراراً وتكراراً. كان يشعر أن شيئاً ما ليس على ما يرام، لكن لا أحد أعطاه الإجابة التي يبحث عنها. زاد قلقه، وسأل حتى الجيران. وقف عند الباب يسأل الطفل الذي يلعب، والشاب الذي يمر، وحتى كبار السن الذين يعرفون كل صغيرة وكبيرة عن الحي. لكن الإجابة دائمًا كانت نفسها: “لا، لم نسمع شيئاً.”
مع كل إجابة سلبية، بدا وكأن غموض الصوت يزداد. حتى أمي لم تستطع مساعدته. سألتُ نفسي: “لماذا يبدو هذا الصوت مألوفاً إلى هذا الحد لأبي، ولا أحد غيره؟”
في نهاية المطاف، جلس أبي منهكاً، مشوشاً، غير قادر على فهم هذا اللغز. نظر إليّ أخيراً وقال: “لو كنت أعلم ما هو هذا الصوت، لما سألتُ أحداً.”
وفي لحظة صمت قصيرة، جاءني الإدراك. ترددت للحظة قبل أن أنطق: “أبي… ذلك الصوت… إنه صوتي.”
توقف الزمن للحظة. نظرة الصدمة على وجهه لم أستطع نسيانها. لم يكن الصوت غريبًا كما ظن، لكنه ببساطة كان صوتي الذي تغير مع الزمن، وبات مختلفاً عن الصوت الذي يعرفه.