سر عقارب الساعة المتحدثة

قصة وتأليف: عيشة صالح
شهد تجلس في غرفتها تتأمل ساعة الحائط المعلقة على الجدار. فجأة قالت بتعجب: “أوه… إن الوقت غير مضبوط! لماذا عقارب الساعة تسير ببطء؟”، نهضت بسرعة لتخبر والدها بما لاحظت. لم تكن تعلم أن ساعتها تحمل سرَّاً عجيباً: عقاربها تتحدث!
عقرب الثواني، الصغير والنشيط، كان يقفز بحماس من رقم إلى آخر ويقول بفخر: “واحد، اثنان، ثلاثة! هيا! أنا الأسرع! أنا النجم هنا!” ثم ينظر بسخرية إلى عقرب الدقائق: “وأنتَ؟ كم تحتاج حتى تتحرك خطوة؟ أسرِعْ قليلاً!”.
ردَّ عليه عقرب الدقائق، الهادئ والمتأني، بنبرة حكيمة: “السرعة ليست كل شيء. أنا الذي يحمل عبء الدقة، وأنتَ فقط تركض بلا هدف!”..
أما عقرب الساعات، الأضخم والأبطأ، فقد تثاءب وقال بكسل: “توقفا عن الجدال، أنا بالكاد أسمع نفسي مع هذا الضجيج”..
في إحدى الليالي، وبينما كانت العقارب تتجادل كعادتها، توقفت الساعة عن العمل فجأة. أصيب الجميع بالذعر! قال عقرب الثواني بقلق: “يا إلهي! توقفنا عن الحركة! هل… هل هذا يعني أننا انتهينا؟”..
ردَّ عقرب الدقائق بنبرة جادة: “لا! يجب أن نجد حلّاً قبل أن نختفي للأبد”..
قال عقرب الساعات بثقة: “لدي فكرة، هناك سر في عالم التروس داخل الساعة، علينا الذهاب لاستكشافه”..
بقدرة غامضة، قفزت العقارب الثلاثة إلى داخل الساعة، وجدوا أنفسهم في عالم مدهش يشبه مصنعاً ضخماً مليئاً بالتروس والعجلات المعدنية التي كانت تصدر أصواتاً متناغمة: “كرك… كرك… بوووم!”..
فجأة، ظهر ترس عجوز يرتدي نظارات صغيرة وقال: “ما الذي تفعلونه هنا؟ هذا المكان مخصص للتروس فقط!”..
قال عقرب الثواني بحماسة: “جئنا لنكتشف سرنا! لماذا نحن هنا؟ ولماذا نصنع الوقت؟”..
ضحك الترس العجوز وقال: “آه، أسئلة كبيرة من عقارب صغيرة! حسناً، تعالوا معي”، قادهم إلى غرفة مليئة بالتروس الصغيرة والشاشات التي كانت تعرض مشاهد من تاريخ الزمن. بدأ الترس العجوز يحكي: “في الماضي، كان البشر يقيسون الوقت بالشمس، لكن ذلك لم يكن عمليًّا في الأيام الغائمة. ثم جربوا الساعات الرملية، لكنها لم تكن دقيقة بما يكفي. وهكذا، وُلدت الساعات الميكانيكية. نحن التروس نعمل في الداخل لتحريككم بدقة، وأنتم تجسدون الوقت للبشر. السر هو التعاون، من دون انسجامنا لن يكون هناك وقت”.
عادت العقارب إلى أماكنها بروح جديدة. قال عقرب الثواني: “أدركت أنني أحتاجكم فعلاً، يا دقائق ويا ساعات”..
ردَّ عقرب الدقائق بابتسامة: “وأنا لا أستطيع العمل بدقة دون حركتك المتواصلة”..
قال عقرب الساعات بثقة: “وأنا بدوني لن يتعرف البشر على الوقت. معاً نصنع الزمن ونحكي قصتنا”.
استيقظت شهد في الصباح ووجدت ساعتها تعمل بتناغم. شعرتْ بالسعادة لأنها استطاعت ترتيب أوقاتها بشكل أفضل، وابتسمت وهي تنظر إلى الساعة.