الميكروبات المهندسة أول علاج حي «ذكي» ومبرمج

كريترنيوز/ متابعات /عماد الدين إبراهيم
يشهد عالم الطب تحولاً جذرياً بفضل أحدث الابتكارات التي تجمع بين البيولوجيا التركيبية والذكاء الاصطناعي. أحد أكثر هذه الابتكارات إثارة هو مفهوم استخدام الميكروبات المعدلة وراثياً لتحويلها إلى “مصانع حية” قادرة على إنتاج الأدوية والمواد العلاجية مباشرة داخل جسم المريض، وعند الحاجة تحديداً.
هذا التوجه، الذي سلط عليه الضوء المنتدى الاقتصادي العالمي، يمثل قفزة نوعية تتجاوز الأدوية التقليدية ليقدم حلاً حيوياً مبرمجاً لمعالجة الأمراض المزمنة والمعقدة.
تعتمد هذه التكنولوجيا على استغلال الكائنات الدقيقة، مثل البكتيريا أو خلايا الخميرة، التي تعيش بشكل طبيعي في جسم الإنسان (خصوصاً في الأمعاء ضمن الميكروبيوم). ويتم تزويد هذه الميكروبات “بدوائر جينية” مصممة خصيصاً لتمكنها من أداء وظيفة علاجية محددة.
يتم برمجة هذه الميكروبات للاستجابة لإشارات معينة داخل الجسم، مثل مستويات الحموضة (pH)، أو وجود جزيئات مرضية محددة، أو حتى علامات الالتهاب.
عندما تستشعر الميكروبات الإشارة المرضية، فإنها “تشغل” آلياتها وتبدأ في إنتاج المادة العلاجية المطلوبة (مثل الإنزيمات، أو الأجسام المضادة، أو مركبات مضادة للالتهاب) مباشرة في الموقع المصاب.
“تكتسب التدخلات البيولوجية زخماً كبيراً كحلول علاجية ورصدية، متجاوزة المقاربات الدوائية التقليدية”.
تطبيقات واعدة تتجاوز الخيال
في عام 2025، تتجه الأبحاث لاستخدام هذه العلاجات الحية لمكافحة أمراض كان علاجها صعباً، ومن أبرز تطبيقاتها في علاج أمراض الأمعاء الالتهابية ويمكن برمجة البكتيريا لإنتاج مركبات مضادة للالتهاب موضعياً في جدار الأمعاء. يتم تطوير ميكروبات تستطيع العيش في بيئة الأورام القاسية لإنتاج عوامل تحفز جهاز المناعة لمهاجمة الخلايا السرطانية مباشرة.
يمكن استخدامها لتعويض نقص مزمن في بعض الإنزيمات أو الفيتامينات الضرورية.
رغم الإمكانات الهائلة، لا تزال هناك تحديات كبيرة، تشمل ضمان بقاء الميكروبات المهندسة محصورة في الموقع المستهدف وعدم تسببها في أضرار.