تكنولوجيا

خطأ دام 40 عاماً.. أورانوس يكشف أسراره

كريترنيوز /متابعات /وائل زكير

 

لطالما اعتبر علماء الفلك كوكب أورانوس واحدًا من أكثر الكواكب هدوءًا في مجموعتنا الشمسية؛ كرة زرقاء مخضرة تبدو ساكنة وبلا مفاجآت، منذ أن أرسلته لنا مركبة “فوييجر 2” في عام 1986 وكأنه كرة بلياردو عملاقة تحلق في الفضاء.

لكن الحقيقة بدأت تنكشف بعد عقود، مدفوعة بنظرة أكثر عمقًا واستمرارية من تلسكوب هابل الفضائي، الذي غيّر الصورة تمامًا.

الخطأ الذي دام 40 عامًا

منذ عام 2002، بدأ فريق من العلماء بقيادة إيريك كاركوشكا من جامعة أريزونا، وبتعاون مع علماء من جامعة ويسكونسن، مراقبة أورانوس باستخدام جهاز التصوير الطيفي لهابل. ومع استمرار المراقبة على مدار 20 عامًا، بدأت المفاجآت بالظهور: أورانوس ليس ساكنًا كما كنا نظن، بل يتغير بشكل دراماتيكي مع الوقت.

سطوع، غموض، وضباب متقلب

أظهرت بيانات هابل أن ضوء الشمس لا يمر مرور الكرام عند أورانوس، بل يُحدث تحولات في لونه وسطوعه، خصوصًا عند أقطابه. ووجد العلماء أن غاز الميثان، المسؤول عن اللون الأزرق المخضر للكوكب، ليس موزعًا بشكل متساوٍ، حيث يقل تركيزه عند القطبين ويزداد عند خطوط العرض الوسطى والمنخفضة، وفقا لتقرير لموقع ecoportal.

الأكثر إثارة، أن الكوكب يشهد تغيرات موسمية ضخمة، بفعل ما يُعرف بـ “الضباب الهوائي”، الذي يتزايد عند القطب الشمالي تحت ضوء الشمس المستمر، ويختفي عند القطب الجنوبي الذي يدخل في ظلام طويل. هذه التغيرات البصرية تعني أن وجه أورانوس يتبدل كليًا بين عقد وآخر.

اليوم على أورانوس.. أطول مما كنا نعتقد

واحدة من أهم الاكتشافات كانت تصحيح طول “اليوم” على أورانوس. فبينما قدّرت فوييجر 2 أن اليوم يستغرق 17 ساعة و14 دقيقة و24 ثانية، كشف تحليل هابل أن اليوم الفعلي أطول بـ28 ثانية. قد تبدو فترة بسيطة، لكنها تغير في الحسابات المدارية وتضبط خرائط الكوكب المستقبلية.

مواسم تدوم لعقود… وتأثيرات محتملة على بعثات الفضاء

يميل أورانوس بشكل كبير، حتى أن أقطابه تستقبل ضوء الشمس المستمر لمدة 42 سنة، ثم تغرق في ظلام دامس لـ42 سنة أخرى. وهذا الميل الحاد يجعل من الفصول هناك أحداثًا فلكية ضخمة، تستمر لعقود لا لأشهر كما على الأرض.

هذه الاكتشافات ليست فقط مثيرة، بل حاسمة أيضًا، ففهم تركيبة الغلاف الجوي وتغيراته الموسمية يمكن أن يوجّه البعثات المستقبلية، خصوصًا عندما يحين وقت إرسال مسبار جديد إلى أورانوس، بعد المهمة السريعة التي نفذتها فوييجر 2.

سيتوجب على العلماء حينها اختيار مواقع الهبوط ونقاط الدخول بدقة، وفهم سلوك الغلاف الجوي المتقلب.

هابل يكشف.. وأورانوس يدهشنا

مرة أخرى، يؤكد تلسكوب هابل أنه “عيننا التي لا تغفو” في الفضاء، إذ يقدم تفاصيل دقيقة لم نكن نحلم بها، ويعيد كتابة ما كنا نظنه حقائق ثابتة. وما أورانوس إلا مثال على أن الهدوء الظاهري قد يخفي عالماً ديناميكياً ومتغيراً… ينتظر فقط من يراقبه طويلاً.

زر الذهاب إلى الأعلى