تكنولوجيا

من رحم الفناء.. كوكب عملاق يتشكل من بقايا نجم ويتحدى قوانين الفلك

كريترنيوز /متابعات /السيد محمود المتولي

 

اكتشف العلماء كوكباَ عملاقاً يدور عكس الاتجاه الطبيعي لحركة نظامه النجمي، متحدياً لقواعد الفلك التقليدية، كما يُعتقد أنه وُلد من المادة التي لفظها نجمٌ كان يحتضر، وتحول لاحقًا إلى قزم أبيض بعد أن فقد أكثر من 75% من كتلته منذ مليارات السنين.

توجد معظم النجوم في الكون في أنظمة ثنائية أو متعددة النجوم، حيث يمكن أن يؤثر وجود النجوم المرافقة القريبة في مثل هذه الأنظمة سلباً على تكوين واستقرار مدار الكواكب حول أحد النجوم.

وقد أكد فريق دولي من علماء الفيزياء الفلكية بقيادة البروفيسور مان هوي لي من قسم علوم الأرض وقسم الفيزياء في جامعة هونغ كونغ (HKU) و هو وان تشنغ، طالب الماجستير في الفلسفة في فريقه، وجود كوكب في مدار رجعي غير مسبوق (يتحرك في الاتجاه المعاكس لمدار النجم الثنائي) في نظام النجم الثنائي نو أوكتانتيس (نو أوكتانتيس) وكشفوا عن دور تطور النجم الثنائي في أصل هذا الكوكب. وقد نُشرت النتائج في مجلة نيتشر وفق ديلي جالاكسي.

نظام نو أوكتانتس، يبلغ عمره حوالي 2.9 مليار سنة، ويضم نجمين: نو أوكتانتس أيه ، وهو نجم شبه عملاق تبلغ كتلته حوالي 1.6 ضعف كتلة الشمس، ونو أوكتانتس بي ، الذي تبلغ كتلته حوالي نصف كتلة الشمس.

كان ضخماً

 

يدور هذان النجمان حول بعضهما البعض مرة واحدة كل 1050 يوماً، على الرغم من أن الأدلة على وجود كوكب يدور في هذا النظام رُصدت لأول مرة عام 2004، إلا أن الفريق لم يتمكن من تأكيد وجود الكوكب ومداره التراجعي غير المعتاد إلا من خلال عمليات رصد حديثة عالية الدقة.

وكشف العلماء أن النجم الثانوي “نو أوكتانتس” كان في الأصل أكبر بـ2.4 مرة من الشمس، لكنه فقد معظم كتلته وتحول إلى قزم أبيض قبل نحو ملياري عام، ليصبح الآن بربع كتلته الأصلية فقط.

يرجّح الباحثون أن هذا التحول أطلق مادة شكلت قرصاً رجعياً، أدى إلى نشوء كوكب فريد يدور عكس مدار النجم الثنائي، أو ربما تم أسره من مدار خارجي، وتحليل التكوينات النجمية أظهر أن الكوكب لم يتشكل مع النجوم، بل لاحقًا نتيجة تطور “نو أوكتانتس ب” وتحوله لقزمٍ أبيض.

منظور جديد لكواكب الجيل الثاني

تُقدم هذه الدراسة الاحتمالية المذهلة بأن كوكب نو أوكتانتس هو كوكب من الجيل الثاني، ويقترح الدكتور تريفون تريفونوف ، أحد مؤلفي الدراسة، أن الكوكب ربما يكون قد تم التقاطه من مدار عكسي حول النظام الثنائي أو تشكل من مادة طردها نو أوكتانتس بي . ويؤكد: “قد نشهد أول حالة مقنعة لكوكب من الجيل الثاني؛ إما تم التقاطه، أو تشكله من مادة طردها نو أوكت ب، الذي فقد أكثر من 75% من كتلته البدائية ليصبح قزمًا أبيض”. تفتح هذه الرؤية آفاقًا جديدة لدراسة تطور الكواكب، وخاصة تلك التي تشكلت في ظروف غير عادية أو تم التقاطها من مدارات أخرى.

يُشكِّل اكتشاف الكواكب المتراجعة تحديًا للنماذج التقليدية لتكوين الكواكب. ففي أي نظام نجمي نموذجي، يُتوقع أن تتحرك الكواكب في نفس اتجاه نجمها المضيف، مُتوافقةً مع الزخم الزاوي العام للنظام. وقد يُشير وجود كوكب متراجع في نظام ثنائي مُترابط كهذا إلى قدرة هذه الأنظمة على تهيئة بيئات كوكبية فريدة، مما يُتيح فهمًا أعمق لهجرة الكواكب، وتجمعها، وتكوين الكواكب الثانوية.

زر الذهاب إلى الأعلى