تكنولوجيا

دمار صامت.. هل ننتقل من الأسلحة النووية إلى «قنابل الوعي»؟

كريترنيوز /متابعات /عماد الدين إبراهيم

 

في تحذير يمزج بين الواقع العلمي المتقدم وخيال أفلام التجسس، كشفت صحيفة «نيويورك بوست» عن مخطط عالمي مرعب وصادم تحدث عنه باحثون بريطانيون من جامعة برادفورد، بصيحات فزع بشأن خطر تحويل التقدم الهائل في الطب العصبي إلى «أسلحة دماغية» قادرة على التلاعب بوعي الإنسان، إدراكه، وسلوكه.

 

هذه الدعوات التحذيرية، التي تم تفصيلها في كتاب «منع تسليح المواد الكيميائية المؤثرة على الجهاز العصبي المركزي: تحليل شامل للسيطرة على الأسلحة»، تُشير إلى أن الدماغ نفسه قد يصبح ساحة المعركة الجديدة، وأن أدوات السيطرة على العقل أصبحت أكثر دقة وجاذبية للدول.

 

يؤكد الباحثان مايكل كرولي ومالكولم داندو أن المعرفة التي تساعدنا اليوم في علاج الاضطرابات العصبية المعقدة يمكن استغلالها لتعطيل الإدراك البشري، وتحفيز الامتثال، بل والوصول إلى حد الإكراه.

 

قال كرولي إن الأدوات المستخدمة للتلاعب بالجهاز العصبي المركزي – سواء للتخدير، الإرباك، أو الإكراه – أصبحت أكثر دقة وأكثر سهولة في الوصول إليها. وحذر كرولي من أن ما قد يبدو اليوم «خيالاً علمياً» قد يصبح غداً «حقيقة علمية»، مع الانتشار المتزايد للأدوية المؤثرة على العقل وتطور تقنيات التحكم به.

 

الكيماويات العصبية

لتسليط الضوء على خطورة تسليح الدماغ، تتبع الباحثان تاريخ المواد الكيميائية المؤثرة على الجهاز العصبي المركزي (CNAs)، التي طورتها دول مثل الصين، والولايات المتحدة، وروسيا خلال الخمسينيات والستينيات.

 

يشير داندو وكرولي إلى أن التقدم الحالي في فهم «دوائر البقاء» في الدماغ – المسارات العصبية التي تتحكم في الخوف، والعدوان، واتخاذ القرار – قد يمهد الطريق لتطوير أسلحة عصبية كيميائية أكثر دقة وفعالية بكثير من BZ أو الفنتانيل.

اعتبر الباحثان أن القضية خطيرة لدرجة دفعهما للسفر إلى لاهاي لحضور اجتماع مهم لمؤتمر الدول الأطراف المشرف على تنفيذ اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

 

وعلى الرغم من أن الاتفاقية تحظر استخدام الأسلحة الكيميائية في الحروب، إلا أن الثنائي أشار إلى وجود ثغرة خطيرة قد تسمح باستخدامها في قطاعات أخرى، أبرزها إنفاذ القانون.

 

«هناك ثغرات تنظيمية خطيرة داخل هذه المعاهدات وفيما بينها. ما لم تُسد، نخشى أن تتجرأ بعض الدول على استغلالها في برامج مخصصة للأنظمة النووية والكيميائية والاتصالات، وبرامج أوسع نطاقاً لإنتاج أسلحة كيميائية مُعطِّلة».

 

الضمير العلمي

للحماية من هذا التسلح المحتمل للدماغ، يقترح داندو وكرولي اتباع «نهج متعدد الأبعاد» يعتمد على «السيطرة الشاملة على الأسلحة».

 

ويجب أن تتضمن هذه الحملة إشراك القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، واتفاقيات الأمم المتحدة بشأن المخدرات، والأخلاقيات الطبية. كما يجب تحديث تعريفات المعاهدات والبروتوكولات لتعكس الدراسات العلمية الجديدة حول العوامل المؤثرة على الجهاز العصبي المركزي. جعل التدريب على الأخلاقيات جزءاً لا يتجزأ من تعليم علوم الأعصاب والعلوم الكيميائية لضمان سيادة الضمير العلمي.

 

يشكل هذا التحذير جرس إنذار حقيقياً للمجتمع الدولي، يؤكد أن التقدم العلمي يجب أن يسير يداً بيد مع الأطر القانونية والأخلاقية الصارمة، لضمان ألا تتحول نعمته إلى نقمة تهدد جوهر الوعي البشري

زر الذهاب إلى الأعلى