الذهب الأصفر .. قصة صعود التمر المصري إلى العالمية

كريترنيوز /متابعات /السيد محمود المتولي
تنتج مصر ما يقارب من مليوني طن من التمور وهو ما يعادل ربع إنتاج العالم، حيث شهدت مصر طفرة كبيرة في السنوات الماضية في زراعة أشجار النخيل، ما جعلها تتربع على عرش التمور على مستوى العالم.
الأولى عالمياً:
ووفق مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري فإن مصر تلعب دوراً محورياً في صناعة التمور العالمية والعربية، حيث تساهم بنسبة 19% من الإنتاج العالمي و24% من الإنتاج العربي، فهي تمتلك 24 مليون نخلة، منها 20 مليون نخلة مثمرة، وبها أكبر مزرعة نخيل في العالم بمنطقة توشكى، والتي تضم وحدها 2.5 مليون نخلة.
طفرة كبيرة
وبحسب محمد جمال رائد أعمال مصري، في مجال زراعة النخيل، فإن أشجار النخيل تنتشر في ربوع مصر من بشائر سيوة ” في مملكة الغرب مروراً بواحات الفرفرة والداخلة والخارجة والبحرية حتى سيناء أرض الفيروز، ومن أقصى الشمال في دمياط ورشيد إلى أقاصي الجنوب في أسوان والعوينات مروراً بقنا والمنيا، حيث تشهد مصر طفرة كبيرة بمجال الاستثمار الزراعي في النخيل، والذي صحبه تغير جوهري في الفكر الزراعي التقليدي، الذي أصبح يعتمد على الأساليب العلمية الحديثة من خلال الإدارة النموذجية التي تعتمد على نظرية اقتصاديات الحجم والنظر إلى مزرعة النخيل كخط إنتاج حقيقى وفق إدارة نموذجية وخريطة زراعية موحّدة.
وأشار محمد جمال إلى أن شركات النخيل المصرية أدخال أصناف تشتهر بها دول الخليج العربي كالبرحي، والمجدول، والصقعي، والخلاص، وعجوة المدينة ونبتة سيف، وبنت عيشة، وغيرها، لكن التركيز ينصب على الأصناف ذات القيمة السعرية والغذائية العالية، كنخيل المجدول والبرحي إلى جانب الأصناف التقليدية كالسيوي وذلك من قبل الأفراد أو الشركات.
ويضيف إن النظرة إلى التمور بدأت تتغير حيث بدأت عمليات معالجة لها ودخولها في العديد من المنتجات ذات القيمة المضافة، مثل: معجون التمر، وشراب التمر، وصلصة التمر، وعسل التمر، ومربى التمر، وخل التمر، وتُستخدم هذه المنتجات في تكثيف القيمة كبدائل للسكر في صناعة الحلويات، أو كنكهة لمجموعة متنوعة من المنتجات كالمربى والمشروبات ومنتجات المخابز.
ويرى أن اتساع المساحات المزروعة في مصر خاصة الأصناف التصديرية مثل “المجدول” ساهم في فتح أسواق جديدة في أوروبا وشرق آسيا بالإضافة إلى الأسواق القائمة كأسواق المغرب وتركيا وأندونيسا وغيرها، لأن ذلك يسهم بشكل كبير في تغذية عصب الاقتصاد المصري بالعملة الصعبة، فبحسب تقارير رسمية بلغت صادرات مصر من التمور الطازجة والمصنعة 88 ألف طن، بقيمة إجمالية قدرها 108 ملايين دولار ما يمنحها دوراً محورياً في تعزيز الأمن الغذائي، وتوفير فرص عمل واسعة في المناطق الزراعية، كما يُسهم التوسع في زراعة الأصناف عالية الجودة في تعزيز قدرة مصر التصديرية؛ مما يمنحها مكانة متميزة في الأسواق العالمية على حد قوله.
ارتفاع الطلب على التمور
ووفق مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري فإنه من المتوقع أن يبلغ حجم سوق التمور في عام 2025 ، 16 مليار دولار، ويصل إلى 18.76 مليار دولار في عام 2030، وذلك بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 3.27% خلال الفترة (2025- 2030) وفقاً لتقديرات شركة الأبحاث (Mordor intelligence).
ازدياد الطلب
أما منة أشرف مديرة مبيعات في إحدى شركات الاستصلاح الزراعية تقول إن تصدّر مصر عالمياً في إنتاج التمور زاد الطلب على شراء الأراضي الزراعية خاصة من الأصناف التصديرية كالمجدول والبرحي والسيوي.
وترى منة أشرف أن أكثر العملاء الذين يقبلون على شراء الأراضي لزراعة النخيل يعيشون في الخارج، بالإضافة إلى قيام شركات عديدة محلية باستيعاب صغار المستثمرين وخلق بيئة تشاركية من أجل تيسير سبل الاستثمار في مجال النخيل، وذلك عن طريق توفير الأراضي وتجهيزها من مياه وآبار وكهرباء وزراعتها بأعلى الأصناف المنتخبة جودة والإشراف الزراعي عليها وتسويقها سواء محلياً أو دولياً.
وتذهب منة أشرف إلى أن أغلب مزارع أراضي النخيل في الواحات المصرية مثل الداخلة والخارجة والفرفرة والواحات البحرية تعتمد على المياة الجوفية ومصادر الطاقة المتجددة.
وتشير إلى أن السنوات المقبلة ستشهد المزيد من الإقبال على زراعة النخيل نظراً للعوائد المجزية نتيجة لأن الاستثمار في النخيل يتسم بأنه طويل الأجل وقليل المخاطر، مشيرة إلى أن الدولة قدمت تسهيلات كبيرة للشركات والأفراد لنجاح منظومة زراعة النخيل على مستوى القطر المصري.
ونوهت إلى أن عوامل النجاح الأساسية لزراعة النخيل سواء جودة التربة وتوفر المياه، والمناخ الملائم، متوفرة في مصر ما يجعل الاستثمار في النخيل مربحاً وذا جدوى اقتصادية كبيرة.
أين تذهب التمور المصرية؟
تشهد التمور المصرية إقبالاً كبيراً في الأسواق العالمية، وتعد المغرب أكثر الدول استيراداً للتمور المصرية بقيمة 45.23 مليون دولار في عام 2023، وحلت إندونيسيا في المركز الثاني بقيمة 19.91 مليون دولار، ثم تركيا بقيمة 10.08 ملايين دولار، ليبلغ نصيب هذه الدول مجتمعة نحو 85.33% من إجمالي صادرات التمور المصرية .
معوقات
رغم النجاح الكبير الذي حققته زراعة الخيل في مصر إلا أن هناك بعض المشاكل التي تؤثر على القطاع نتيجة لبعض الممارسات الخاطئة في عملية التخزين، كذلك آفات وأمراض النخيل التي تسبب خسائر لأن معظم استراتيجيات إدارة الآفات قائمة على التدخل بعد حدوث المشكلة؛ كذلك بُعد الواحات عن الوادي والدلتا ما يستدعي الحاجة إلى شبكة طرق وسكة حديد تواكب الطفرة الكبيرة في زراعة النخيل المصرية، كذلك عمليات الحفظ والتعبئة والتخزين والتسويق للتمور تحتاج لطفرة كبيرة حتى تسوق للمنتج بشكل أمثل وبعائد اقتصادي مربح.