لماذا تراجعت وتيرة صفقات الاندماج والاستحواذ في النفط والغاز؟

كريترنيوز/ متابعات /جيمي سميث
بدأت موجة تباطؤ تضرب سوق صفقات الاندماج والاستحواذ في صناعة النفط والغاز العالمية بعد عامين متتاليين من النشاط القياسي، فقد انخفضت قيمة الصفقات في قطاعي الاستكشاف والإنتاج بمقدار الثلث لتصل إلى 82 مليار دولار خلال النصف الأول مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
ويأتي هذا التراجع مدفوعاً بانخفاض حاد في النشاط بمنطقة أمريكا الشمالية، حيث تراجعت حصتها من إجمالي قيمة الصفقات العالمية إلى 51 %، مقارنة بأكثر من 70 % خلال العام الماضي، وفق ما أظهره تقرير جديد صادر عن شركة «ريستاد» للأبحاث.
ووصفت «ريستاد» الانخفاض الحاد في قيمة صفقات الدمج والاستحواذ بأنه «استراحة طبيعية» في سوق المعاملات، عقب موجة ضخمة من عمليات الدمج في قطاع النفط الصخري الأمريكي تجاوزت قيمتها 200 مليار دولار على مدار العامين السابقين، والتي توجتها صفقة استحواذ «إكسون موبيل» على شركة «بايونير ناتشورال ريسورسيز» بقيمة 60 مليار دولار.
وأكدت الشركة أن حالة الغموض الاقتصادي المرتبطة بسياسات الرسوم الجمركية التي تتبناها إدارة الرئيس ترامب، إلى جانب التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، قد أدت إلى تذبذب أسعار النفط وتقليص أنشطة الاندماج والاستحواذ في القطاع.
وقال أتيول راينا، نائب رئيس قسم أبحاث النفط والغاز في «ريستاد»: «تفقد صفقات الاندماج والاستحواذ في قطاع المنبع زخمها خلال 2025 مع اتساع الهوة بين المشترين والبائعين نتيجة الاضطرابات الاقتصادية.
حيث تؤدي تقلبات أسعار النفط إلى إطالة أمد المفاوضات وتمديد الأطر الزمنية، ما يجعل الطرفين متوجسين من المضي قدماً في الصفقات الكبرى».
وأوضحت «ريستاد» أن هبوط أسعار النفط تسبب في إلغاء عدد من الصفقات وسحب العديد من عمليات البيع، مستشهدة بقرار شركة «أمبليفاي إنرجي» إنهاء صفقة الاستحواذ المقترحة على أصول «روكي ماونتن» التابعة لشركة «جونيبير كابيتال» والبالغة قيمتها 306 ملايين دولار.
من جانبه، أوضح ديفيد روكشارلي، الرئيس التنفيذي لشركة «كريسنت إنرجي»، للمستثمرين إلى وجود «خلل» في أسواق الاندماج والاستحواذ، قائلاً:
«الخلاصة أن 75 % أو أكثر من عمليات بيع الأصول التي رصدناها في حوض إيجل فورد الصخري بولاية تكساس تم سحبها ولم تكتمل مطلقاً بسبب التقلبات التي شهدناها خلال الربع الثاني من العام، ووجهة نظرنا أن السوق لا يزال يعمل في الوقت الحالي، وقد أتممنا بعض الصفقات، لكن لا يزال هناك الكثير من الفرص المجمدة في انتظار الظروف المناسبة».
وكشفت البيانات عن انخفاض قيمة الصفقات في منطقة «إيجل فورد» بنسبة 58 % لتصل إلى نحو 980 مليون دولار في النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالنصف الثاني من 2024، بينما شهد حوض «بيرميان»- الأكبر في أمريكا – تراجعاً في صفقات الاندماج والاستحواذ بنحو 25 % لتبلغ قيمتها 6.8 مليارات دولار خلال الفترة نفسها، في حين لم يسجل حوض «باكن» أي نشاط حتى الآن في 2025، وفقاً لتقرير ريستاد.
وتعد شركة «كريسنت» إحدى الشركات القليلة العاملة في قطاع النفط الصخري الأمريكي التي نجحت في إبرام صفقات بقيمة مليارات الدولارات هذا العام، فقد أعلنت الشركة التي تتخذ من هيوستن مقراً لها عن توصلها لاتفاق على صفقة تبادل أسهم بقيمة 3.1 مليارات دولار للاستحواذ على شركة «فايتل إنرجي»، المالكة لأراضٍ في حوض بيرميان.
ولم تقتصر ظاهرة تباطؤ صفقات الاندماج والاستحواذ على الولايات المتحدة وحدها، إذ شهدت أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط أيضاً انخفاضاً في قيمة المعاملات، ولم تكن الزيادة في نشاط الصفقات بمناطق أوقيانوسيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا كافية لموازنة التراجع العام في السوق.
ورغم ذلك، لا تبدو الصورة قاتمة تماماً أمام صانعي الصفقات، ففي حين يشهد قطاع النفط الصخري الأمريكي تباطؤاً، فإن صفقات الغاز تسجل ارتفاعاً ملحوظاً.
وذكرت ريستاد أن الطلب القوي على الغاز الطبيعي من محطات الغاز الطبيعي المسال، إلى جانب التوقعات بارتفاع كبير في الطلب على محطات الطاقة العاملة بالغاز لتلبية احتياجات طفرة الذكاء الاصطناعي، قد جذب المزيد من المشترين إلى هذا القطاع.
حيث قفزت قيمة الصفقات في مناطق إنتاج الغاز الصخري الأمريكية الرئيسية – بما فيها «مارسيلوس/يوتيكا» و«هاينزفيل/بوسييه»- إلى 9.1 مليارات دولار في النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بنحو 1.8 مليار دولار في النصف الثاني من 2024.
وشهد النصف الأول من 2025 إعلان شركات كبرى مثل «إي أو جي ريسورسيز» و«سيتاديل» و«إي كيو تي» عن صفقات ضخمة في الغاز الصخري تجاوزت قيمتها المليارات.
من جانبه، أوضح أندرو جيليك، المدير الإداري لمجموعة «إنفيروس» لأبحاث الطاقة: «تشهد صفقات الغاز ارتفاعاً ملحوظاً مع سعي الشركات المشغلة لاكتساب الحجم والنطاق اللازمين للمشاركة في السباق المحموم نحو بناء محطات توليد جديدة تعمل بالغاز، وهو التوجه الذي أصبح يحظى الآن بدعم الحكومة الفيدرالية.
أما في قطاع النفط الصخري، فلم يعد هناك الكثير من الشركات المتاحة للاستحواذ بعد عامين من الصفقات القوية، كما أن الشركات المتبقية أصبحت مترددة في البيع في ظل المستويات الحالية لأسعار النفط الخام».