“أنتاركتيكا” تنتج الذهب يومياً.. ثروة بركانية تهز القارة المتجمدة!

كريترنيوز /متابعات /وائل زكير
في أقصى جنوب القارة القطبية الجنوبية، يكشف جبل إريبس، البركان النشط الوحيد تقريبا في المنطقة، عن ظاهرة نادرة ومذهلة، إنتاج يومي لغبار الذهب يُقدّر قيمته بالآلاف من الدولارات.
وفقًا لتقارير صحيفة نيويورك بوست، يُطلق البركان جزيئات دقيقة من الذهب يوميا، في ما يُعتبر حالة فريدة لم يشهدها العلماء من قبل في أي مكان آخر على الأرض.
هذه الظاهرة ليست صدفة، فهي نتيجة طبيعية لطبيعة ثوران البركان البطيء. في معظم البراكين، الانفجارات العنيفة تدفع الغازات إلى الهواء بسرعة كبيرة، ما يمنع المعدن النفيس من التبلور. لكن الإطلاق التدريجي للغازات من جبل إريبس يمنح الذهب الوقت الكافي لتشكّل بلورات دقيقة تُحوّلها إلى غبار يمكن للرياح حمله لمئات الأميال.
جزيئات الغبار، التي يبلغ حجمها حوالي 20 ميكرومترا، تنتشر في الجو بعيدا عن الحمم البركانية، مكونةً ظاهرة طبيعية مذهلة.
جبل إريبس، الذي اكتشفه الكابتن السير جيمس كلارك روس عام 1841، يبلغ ارتفاعه 3794 مترا (12448 قدمًا)، وهو واحد من بركانين نشطين فقط في أنتاركتيكا.
الثورات في هذا البركان لا تكون عنيفة بالحمم المنصهرة، بل عبارة عن تدفقات مستمرة من الغاز والبخار. هذه السلوكيات الفريدة سمحت بتكوين بحيرة حمم بركانية دائمة، لا تتجمد بسبب الظروف الجيولوجية النادرة، وتعتبر مفتاحًا لفهم الظاهرة الغريبة لتكوّن الذهب.
يشير الباحثون إلى أن الصعود البطيء للغازات من البحيرة البركانية هو العامل الأساسي في تكوّن الذهب. مع انخفاض درجات الحرارة في الغلاف الجوي، يتبلور المعدن النفيس في صورة جزيئات دقيقة، ما يخلق هذا الغبار الثمين.
وفقا لكونور بيكون، باحث ما بعد الدكتوراه في مرصد لامونت دوهيرتي للأرض بجامعة كولومبيا، تلعب بحيرة الحمم الدائمة دورا رئيسيا في هذه العملية، إذ تسمح للمواد المنصهرة بالتفاعل مع الغلاف الجوي ببطء، ما يؤدي إلى تكوّن المعادن الثمينة.
تبلغ القيمة اليومية للذهب المنبعث من جبل إريبس حوالي 6140 دولارا أمريكيا، وهو مبلغ غير قليل، لكنه ليس كافيا لجذب عمليات التعدين، خاصة في هذا الموقع النائي والصعب الوصول إليه. ومع ذلك، يمثل هذا الاكتشاف فرصة لفهم أعمق لآليات تكوين المعادن النفيسة في الظروف البركانية النادرة، ويطرح تساؤلات عن إمكانية وجود براكين أخرى حول العالم تنتج ثروات مماثلة، وففا لـ “dailygalaxy”.
بالإضافة إلى قيمته الاقتصادية، يُعد هذا الغبار البركاني نافذة علمية على العمليات الطبيعية التي تحدث في بيئات قاسية للغاية، مثل القارة القطبية الجنوبية. يمكن أن يساعد فهم هذه الظاهرة العلماء على دراسة التأثيرات البيئية للغازات البركانية، وآليات تكوين المعادن، وربما استكشاف طرق مستدامة للاستفادة من المعادن النفيسة دون الإضرار بالبيئة.
في النهاية، يُظهر جبل إريبس أن الطبيعة قادرة على مفاجآت مذهلة، وأن ثروات الأرض لا تقتصر على المناجم التقليدية، بل يمكن أن تظهر حتى في أبعد الأماكن وأكثرها قسوة على كوكبنا. وبينما يبقى التعدين مستحيلاً اليوم، فإن البحث العلمي يكشف عن كنوز طبيعية مخفية، تنتظر من يفهم أسرارها ويستفيد من دروسها.