اقتصاد

زيت الطهي سلاح ترامب.. شرارة معركة غذاء بين أمريكا والصين

كريترنيوز / موسى علي

تتخذ الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مساراً جديداً وغير مسبوق، إذ انتقلت المواجهة من المعادن الدقيقة والرقائق الإلكترونية إلى الغذاء والوقود، في صراع اقتصادي يضع المزارعين الأمريكيين تحت ضغط شديد، بينما تعزز الصين نفوذها في أسواق الطاقة والزراعة العالمية.
وفق تقرير لوكالة “بلومبيرغ”، تُظهر الجولة الأخيرة من النزاع التجاري كيف نجحت الصين في قلب موازين القوى في التجارة الزراعية، بعد تعويض وارداتها من فول الصويا الأمريكي عبر شركات أمريكا الجنوبية، ورفع مشترياتها من البرازيل إلى مستويات قياسية في سبتمبر الماضي، في حين لم تشترِ أي شحنة من محصول فول الصويا الأمريكي الجديد، الذي بلغت قيمته العام الماضي 12.6 مليار دولار.
بحسب “بلومبرغ” يبدو المشهد في الريف الأمريكي قاتماً، إذ تكدّست كميات فول الصويا في المخازن مع تراجع الأسعار الحاد، في وقت توقف فيه الدعم الحكومي بسبب الإغلاق الإداري في واشنطن.
وتشير بيانات وزارة الزراعة الأمريكية إلى أن أسعار العقود الآجلة لفول الصويا هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات، ما يهدد سبل معيشة آلاف المزارعين الذين كانوا يعتمدون على السوق الصينية.
في محاولة للتخفيف من الخسائر، أعلنت وزيرة الزراعة الأمريكية بروك رولينز أن الإدارة تجري محادثات مع دول أمريكا الجنوبية لتنفيذ عمليات سحق لمحاصيل أمريكا الشمالية، إلا أن المحللين يؤكدون أن هذه الخطوة لن تعوض فقدان السوق الصينية.
ردّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاء سريعاً، بتهديد بوقف استيراد زيت الطهي من الصين، متّهماً بكين بإحداث صعوبات أمام المزارعين الأمريكيينـ حيث تشير “بلومبيرغ” إلى أن المقصود هو الزيت المستعمل المستخدم في صناعة الوقود الحيوي والطائرات المستدامة، وهي صناعة متنامية عالمياً، لكن هذه التجارة تمثل حجماً صغيراً مقارنة بخسارة صادرات فول الصويا.
وفي الوقت نفسه، تبني الصين بهدوء منظومة وقود متجددة قادرة على امتصاص فائض الزيت المستعمل داخل البلاد، فيما ستزيد الطاقة الاستيعابية لهذه المنشآت بأكثر من 25% خلال العام المقبل، ما يقلّل اعتمادها على السوق الأمريكية ويعزز نفوذها في صناعة الوقود النظيف.
ويواجه البيت الأبيض مأزقاً سياسياً وزراعياً، حيث يتصاعد الغضب في ولايات الغرب الأوسط التي تعتمد على الزراعة، بينما يشعر المزارعون بأنهم يدفعون ثمن الحرب التجارية دون ضمانات بأن تساعد الإدارة على إنقاذ الموسم الزراعي أو دعمهم مالياً.
ويخلص التقرير إلى أن المعركة الاقتصادية الحالية لم تعد مجرد نزاع تجاري، بل صراع على السيطرة على الغذاء والطاقة عالمياً، إذ تحوّل فول الصويا إلى سلاح بلا هدف، بينما تبني الصين حضورها في أسواق الغذاء والوقود، في مواجهة أمريكية تعكس هشاشة أدوات واشنطن التقليدية في الضغط التجاري.

زر الذهاب إلى الأعلى