الرئيسيةتقارير وحوارات

دور الثقافة والفن في حركة النضال والتحرر للجنوب .. كيف تم تدميرها وكيف يجري استعادة دورها..؟

كريترنيوز/ تقرير / محمود انيس

للثقافة والفن دور هام ومحوري في المجتمع على مختلف الأصعدة سياسيّا واجتماعياً، كما أنهما يساهمان بشكل إيجابي في تقدم ونهوض المجتمعات ورقي الأفكار .

 

للثقافة والفن دور كبير بالحركة النضالية والتحررية بالجنوب منذ الاستعمار البريطاني التي لعبتا دوراً كبيراً في تحفيز الناس للانتفاضة ضد الاستعمار ، ولم تتوقف الحركة الثقافية والفنية بعد تحرير الجنوب بل استمرت في مساندة الثورة وعملية التحرير والدولة حين ذاك.

وبعد سنوات لم تنطفئ الثقافة والفن برغم كل المحاولات وكتمانها وإسكاتها، فبعد اجتياح الجنوب واندلاع الثورة الجنوبية ساهمت ثقافة الفن والوعي ولعبت دورا هاما من الأغاني الثورية والشعر الثوري وغيرها.

ولعب المثقفون أيضا دورا هاما في تأصيل وتثبيث الهوية الجنوبية التي حاولت قوى الشر اليمنية إخفاءها وطمسها.

 

الثقافة والفن ودورهما في الحركة النضالية والتحررية :

 

الفعاليات الثقافية أحد الوسائل الفعّالة لتعزيز الهوية الوطنية الجنوبية والتحفيز للنضال والتحرر من كل القيود التي يعاني منها الجنوب وشعبه، حيث تتيح للمجتمع فرصة الاحتفاء بتراثه الثقافي والتاريخي، وتعزز من شعور وتأكيد الانتماء للوطن.

ويمكن تنظيم المهرجانات والمعارض التي تسلط الضوء على الفنون الشعبية والتراث الثقافي للجنوب، وكذلك الفعاليات التي تركز على تاريخ النضال الوطني والشخصيات الوطنية البارزة.

إضافة إلى ذلك، يمكن للفعاليات الثقافية أن تلعب دورًا في تعزيز التفاعل بين مختلف أفراد المجتمع.

حيث تجمع هذه الفعاليات بين أبناء شعب الجنوب من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية للاحتفال بتراثهم. هذا التفاعل يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية والتماسك الاجتماعي، ويعزز من الروابط بين أفراد المجتمع.

فالثقافة تلعب ولعبت دوراً كبيراً في تعزيز الهوية الوطنية الجنوبية. وذلك من خلال الفعاليات الثقافية والفنية والأدبية، من خلال الندوات أو ببثها على التلفزيون، والإذاعة، والصحافة، ووسائل التواصل الاجتماعي،وذلك بالتنسيق مع الإعلام حتى يكون لديها القدرة على الوصول إلى جمهور واسع ونقل الرسائل التي تعزز من الهوية الوطنية الجنوبية.

ويمكن للثقافة والإعلام أن تلعب دورًا محوريًا في توعية الجمهور بأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية، من خلال إنتاج البرامج الوثائقية التي تسلط الضوء على تاريخ الجنوب وثقافته، وتقديم البرامج الحوارية التي تناقش قضايا الهوية الوطنية والتحديات التي تواجهها، وتشجيع النقاشات العامة حول كيفية تعزيز الهوية الوطنية في المجتمع. كما يمكن للثقافة مثلما عملت بالعقود السابقة وكان لها تأثيرها أن تشجع على مشاركة الجمهور في الحفاظ على الهوية الوطنية والنضال لأجل القضية الجنوبية من خلال حملات التوعية التي تستهدف الشباب والأطفال، وتقديم المحتوى الذي يعزز من شعورهم بالانتماء إلى الجنوب ويدفعهم إلى الفخر بتراثهم الثقافي.

فلا ننسى بأن هناك أغان ثورية لعبت دورا حماسيا لدى المقاومة الجنوبية والشعب في الجنوب أثناء الانتفاضة ضد الاستعمار البريطاني بالإضافة للمسرحيات والروايات والأشعار أيضا.

كما أن الفعاليات الثقافية والفنية قد عملت على تفتيح العقول واستنارتها لما يعيشون من واقع مرير خلال فترة الاستعمار وبعد الوحدة المشؤومة مع اليمن.

 

فمثلما كان للثقافة والفن دور بالحركة النضالية والتحررية من الاستعمار ،فكان لها دور ولا يزال دورها مستمرا وذلك بعد توقيع الوحدة واجتياح الجنوب واندلاع الثورة الجنوبية، والتي واصلت دورها إلى مابعد تحرير الجنوب من الغزو اليمني الشمالي الثاني في 2015م.

 

فهناك فعاليات ثقافية وأغان كان لها صدى وتأثير من خلال الدعوة للانتفاضة والحماس والنضال ضد كل معتد ظالم وغاز لأرض الجنوب وشعبه، فالساحات الجنوبية كانت تعلو فيها أصوات الأغاني والأشعار الثورية والنضالية وجميعنا نتذكر ذلك .وقد أصبح موضوع الثقافة محل اهتمام الكثير من المهتمين في العلوم الإنسانية والاجتماعية، بحيث هناك من يرى أن الثقافة عبارة عن تنظيم يشمل مظاهر الأفعال والأفكار والمشاعر يعبر عنها الإنسان عن طريق الرموز واللغة التي يتعامل معها وبهذا المعنى تكون الثقافة عبارة عن تاريخ الإنسان المتراكم عبر الأجيال، وهناك من يرى أن الثقافة ذلك المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفنون والقيم التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع.

 

كيف تم القضاء على الثقافة والفن في الجنوب؟

 

للأسف الشديد وأثناء الاستعمار البريطاني للجنوب لم يتم طمس وتدمير الثقافة والفن ورواده ورموزه، فكل ماحدث من تهميش وتدمير بعد سيطرة الاحتلال اليمني على الجنوب ومارس أبشع الطرق للقضاء على ماهو جميل في عهد دولة الجنوب السابقة.

فبعد الوحدة اليمنية المشؤومة قام نظام صنعاء اليمني وحلفائه حين ذاك بتدمير قطاع الثقافة والفن وإقصاء رواده وكوادره بشكل ممنهج ومدروس، عمل نظام صنعاء اليمني على تدمير كل القطاعات والمجالات والمؤسسات في الجنوب.

 

حيث عمل نظام صنعاء اليمني على إهمال قطاع الثقافة والفن وجعلها مهجورة وقطع مخصصاتها في الجنوب عكس ماكان في اليمن .

فقد انحصر مكتب الثقافة بالعاصمة عدن وغيرها من محافظات الجنوب على إقامة الاحتفالات بمايسمى بعيد الوحدة اليمنية والأعياد الوطنية فقط دون غيرها ، ولم يسمح بقيام المسرحيات وغيرها من الأعمال والفنون وبالمثل حصل في مجال الأدب والفن.

كما تعرض المثقفون والفنانون في الجنوب للإقصاء والتهميش والحرمان من حقوقهم عكس ماكان يحصل عليه الفنانون والمثقفون اليمنيون الذين يستلمون مرتباتهم من خيرات الجنوب.

 

إعادة دور الثقافة والفن في الجنوب :

 

برغم ماتعرضت له الثقافة والفنون في الجنوب وروادها ومبدعيها طيلة العقود الماضية، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة أي سنوات مابعد حرب 2015م بدأت عملية استعادة دور الثقافة والفن من جديد بشكل تدريجي. حيث بدأت قيادة المجلس الانتقالي هذه العملية من خلال إنشاء دائرة تهتم بالشأن الثقافي والفني والأدبي والاهتمام برواده وكوادره، حيث بدأت الثقافة والفن استعادة عافيتها في الجنوب، وذلك مانلاحظه من إعداد ونشر الكُتب والروايات التي تتحدث في شتى المجالات، كما استعاد مكتب الثقافة بالعاصمة عدن دوره ، وذلك باهتمام وحرص من قيادة السلطة المحلية بالعاصمة عدن والذي بدأ بدوره في إقامة الفعاليات والندوات الأدبية والفنية والثقافية،فهذا يدل على أهمية الثقافة والفن والأدب في التحفيز النضالي وترسيخ الهوية الجنوبية الذي سعى الاحتلال اليمني على طمسها وإخفائها.

 

وفي السياق ذاته طالب مثقفون جنوبيون إعطاء الأهمية الكبيرة لقطاع الثقافة والفنون والأدب في كل محافظات الجنوب، لما له من دور بارز في تأصيل الهوية الجنوبية وزرعها بين أبناء الجنوب الواحد بعد أن سُلبت بشكل ممنهج من قبل نظام صنعاء اليمني بعد شنه حربًا ممنهجة على الأراضي الجنوبية في صيف عام 1994م.

 

ختاما..

 

الثقافة والفن لهما أهمية قصوى في معرفة الشعوب بتاريخها وحاضرها وماضيها، ولهذا يجب على الجهات المسؤولة والمختصة في الجنوب أن تولي الاهتمام الكبير بهذه المجالات في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية في العالم أجمع.

زر الذهاب إلى الأعلى