الرئيسيةتقارير وحوارات

7 يوليو.. ذكرى اجتياح الجنوب وانطلاق ثورة الحراك السلمي.. عهد يتجدد على طريق الاستقلال الثاني

كريترنيوز/ تقرير

ذكرى الاحتلال اليمني للجنوب 7 يوليو 1994م، تعيد للأذهان مشاهد الإجرام اليمني، وكيف جمعت صنعاء قواها العسكرية والقبلية وعناصر الإرهاب الداخلي والمستورد، حرب ظالمة استمرت 73 يوماً (من 27 أبريل 1994 حتى 7 يوليو 1994م).. أباح خلالها المحتل اليمني استخدام كل شيء، والاستعانة بكل شيء لقتال الجنوبيين، وفي المقابل أباح كل شيء في الجنوب، كل شيء أمام جحافله غنيمة، الأرض والمال والممتلكات وحتى العرض، اختطاف وسرقة وطن.
والجريمة الكبرى استخدام الدين الإسلامي مصدراً لشرعنة ذاك الغزو الدامي، فتوى تكفيرية أصدرها علماء وشيوخ صنعاء شرعنت تلك الحرب، وأباحت قتل الجنوبيين واستباحة أرضهم وكرامتهم، جريمة مكتملة الأركان لن تمحو من الذاكرة الوطنية الجنوبية، خلفت ألوف الشهداء والجرحى والنازحين والمشردين، ومعاناة إنسانية لا تزال آثارها حية حتى اللحظة، وتدمير للممتلكات الخاصة والعبث بتاريخ الجنوبيين وهويتهم، ومعالم وآثار ومكتسبات ومنجزات دولتهم، مصانع ومنشآت ومؤسسات دمرها ونهبها المحتل اليمني. كما تم تفكيك وتدمير الجيش الجنوبي وإحالة كل منتسبيه للتقاعد، وكذا تفكيك وتدمير الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وسلاح الجو والبحرية. وتم تقسيم الجنوب إلى مربعات فيد بين أمراء الحرب، مشاهد صادمة.

تغلغل الإخوان بمفاصل دولة الجنوب المنهكة:

عقب الاجتياح بفترة قصيرة شرع المحتل اليمني بتنفيذ المرحلة الثانية، بتمكين عناصر الإخوان المسلمين تحت مسمى (حزب التجمع اليمني للإصلاح) من جميع مفاصل الدولة الجنوبية، لممارسة وترويج ايديولوجيا إسلام سياسي تكفيري مضاد للفكر الاشتراكي، ولتصفية ما تبقى من قيادات الجنوب.
كما أنشأ الإخوان وعفاش معسكرات سرية لعناصر الإرهاب (القاعدة) من المرتزقة الجنوبيين ببعض محافظات الجنوب، أوكل إليها مهمة تصفية المعارضين الجنوبيين، لترسيخ الوحدة المشؤومة ولإبعاد الشبهات عن صنعاء، فأصبحت عمليات تصفية الجنوبيين التي تلت الغزو إما تقيد ضد تنظيم القاعدة أو ضد مجهول.

وحدة دموية أقامها عفاش على أنقاض الدولة الجنوبية:

وحدة مشؤومة لا تزال تستنزف دماء الجنوبيين وتقتات من خيرات أرضهم، عمدها عفاش بدماء الجنوبيين وأقامها على أنقاض دولتهم الفتية، وحدة إجبارية لا اختيارية فرضها عفاش بالحديد والنار، ضارباً بالقانون الدولي الناص على أن لا وحدة بقوة السلاح والقرارات الدولية ذات الصلة عرض الحائط.

31 عاماً مرت على الكارثة التي حلت بشعب الجنوب ولا يزال يتجرع تبعاتها، نهب وسرقة واغتيالات حتى اللحظة. وفي مثل هذا التاريخ من كل عام يحيي الجنوبيون ذكراها الأليمة، يجددون خلالها العهد على مواصلة النضال بكل أشكاله حتى استعادة الدولة الجنوبية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية

لم يفتر ولم يكل أو يمل أو ييأس شعب الجنوب من نيل حريته، وحقه المشروع في التسيد على أرضه والتنعم بخيراتها، بل في حراك وتصعيد مستمر، يناضل بكل ما أوتي من قوة وعزيمة وإرادة لأجل استعادة دولته المسلوبة المنهوبة، واجه مجنزرات المحتل اليمني وجنوده المدججين بالسلاح بصدور عارية، فسقط الشهيد تلو الشهيد.

ثورة الحراك الجنوبي 7 يوليو نور في آخر النفق:

عقب الغزو اليمني الغاشم للجنوب بـ 13 عاماً أطلق الجنوبيون ثورة سلمية تحررية لاستعادة الدولة الجنوبية يوم 7 يوليو 2007م، كسر خلالها شعب الجنوب حاجز الصمت، انتفضت كل محافظات الجنوب وأربكت المحتل اليمني، وغيرت ملامح المشهد برمته. ثورة أغاضت المحتل اليمني ودفعته إلى الجنون، واجه المحتجين والمظاهرات وجميع الفعاليات السلمية بالسلاح، بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، سقط خلالها قوافل من الشهداء والجرحى. ورغم ذلك لم يهدأ شعب الجنوب بل زادته دماء الشهداء عزيمة وإصراراً على مواصلة النضال، حتى العام 2015م انتقلت الثورة الجنوبية من مرحلة السلمية إلى المواجهة المسلحة.

بروز نجم الانتقالي الجنوبي:

واجهت ثورة الحراك السلمي الجنوبي تحديات داخلية، تفريخ مكونات وفصائل أدت إلى تشتيت العمل الثوري، وتدريجياً فقدت بريقها وعنفوانها، وقل نشاط وتحركات الثوار، وأوشكت على الركود، ولكن في العام 2017م تبنى الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي حراكاً ثورياً تحررياً لاستعادة دولة الجنوب، أعاد الروح إلى ثورة شعب الجنوب التحررية، توحدت الجماهير وسارت خلفه، تم تفويضه لتشكيل كيان سياسي جنوبي جامع شمل الجنوبيين بكل فصائلهم، وبالفعل تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي، وأصبح المفوض الشعبي والسياسي لحمل قضية شعب الجنوب التحررية.

ختاماً..
استعادة وإحياء الذكريات المؤلمة وأيضاً السعيدة واستحضار كل تفاصيلها، نستلهم منها العبر والدروس، وتمدنا بالقوة والعزيمة والإصرار على بلوغ الهدف المنشود. هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الروح النضالية لا تزال حية تواقة إلى الحرية والانعتاق، وكذلك هو شعب الجنوب.

زر الذهاب إلى الأعلى