استطلاعات

منظومة الفساد اليمني بالعاصمة عدن .. هل فشل المجلس الانتقالي في تفكيكها؟

كريترنيوز / تقرير

لقد فك الحوثي ارتباطه عن منظومة الحكم اليمن الشمولي وفرض أمرا واقعا في الجمهورية العربية اليمنية باستثناء محافظة مأرب الخارجة عن نطاق سيطرته القابعة تحت هيمنة حزب الإصلاح الإخواني حتى اللحظة، ويرى الحوثي أن المناطق الواقعة تحت سلطته ماهي إلا نقطة انطلاقة لما بعدها فهو يطمع إلى التمدد إلى الجنوب وإلى المملكة العربية السعودية لتوسيع نطاق حكمه انطلاقا من نظرية الحكم الإلهي السلالي الأبدي لآل البيت الذي يخول له إقامة خلافة إسلامية شيعية أثنى عشرية تضم الأقطار العربية والإسلامية بمعنى أن لديه نظرة بعيدة المدى يسعى إلى تحقيقها ولن يتردد في تنفيذها إذا ما تقوى ساعده وتوفرت لديه الإمكانات اللازمة لذلك، ولهذا تظل خطورته قائمة على الجوار إلى جانب قبضته البوليسية الحديدية داخليا،
في المقابل ومن العاصمة عدن تدار جميع القطاعات والمؤسسات الحكومية والبنكية وملحقاتها التابعة للدولة الجنوبية (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) بحدودها الجغرافية المتعارف عليها ولكن بأيدي يمنية (معين عبد الملك ورشاد العليمي وسلطان البركاني) وغيرهم الكثير الممسكين بمفاصلها و(بحماية أمنية جنوبية)، في ظل امتناع أو فشل المجلس الانتقالي الجنوبي من فرض أمر واقع على الأرض أو إعلان حكم ذاتي لإقليم الجنوب في إطار الوحدة المشؤومة أو غربلة جميع قطاعاتها الحكومية والبنكية على أقل تقدير، ولكن ذلك لم يتحقق ولاتزال تعاني دولة الجنوب شبه فراغ دستوري جنوبي فتح المجال أمام الأطماع والأجندة الداخلية والخارجية للتحرك بأريحية ولإنشاء كيانات عسكرية وسياسية مشبوهة تعمل ضد الجنوب وضد مشروع استعادة الدولة.
وقال مراقبون إن عجز المجلس الانتقالي الجنوبي عن فرض أمر واقع على الأرض أو إعلان الإدارة الذاتية انعكس سلباً عليه وعلى شعب الجنوب وعلى الدولة الجنوبية ككل وكان نتاج عجزه هو الفشل في تفكيك منظومة الفساد اليمني الجاثم على العاصمة عدن خاصة والجنوب عامة وما رافقه من حدوث انهيار اقتصادي مرعب جعل الفقر يطرق كل بيت جنوبي، متسائلين عن الخيارات الغير دبلوماسية والسياسية التي يخطط أو يتأهب المجلس الانتقالي للانتقال إليها، أم أن ليس لديه نوايا للقيام بمغامرات وبأعمال خشنة واقتنع بالمداهنة والدوران في دوامة التسويات والحلول الإعلامية الناعمة الجوفاء التي تجره إلى الخلف وإلى الترحيل والمماطلة واحتمال إلى باب اليمن؟

بؤر فساد سرطانية تنهش وتقتل الجنوب في صمت :

تتصاعد وتيرة الفساد وتنخر بؤره السرطانية كافة القطاعات والبنى التحتية ، وربما تأتي على المنجزات القديمة والحديثة للجنوب آخرها الشروع في تدمير مولدات الطاقة الكهربائية المشتراه من خلال تزويدها بمادة ديزل مغشوش ، ما أدى إلى الخروج الكلي عن الخدمة لمنظومة الكهرباء بالعاصمة عدن، ومع تصاعد وتيرة الفساد والتدمير الممنهج تتصاعد معه حجم المعاناة على كاهل المواطن البسيط، فساد طال كل شيء وصل إلى حد التلاعب بالعملة المحلية والمتاجرة بها وفي كل مرة يأخذ الفساد شكلا ولونا جديدا وأدوات يمنية جديدة إضافة إلى الأدوات المستوطنة القديمة، ويراه مراقبون سياسيون فسادا مسيّسا تم توظيفه وربطه ببعض المصالح والأجندة اليمنية والإقليمية تزداد وتيرته وتنقص على حسب الطلب ومدى تجاوب الجنوبيين وتقديمهم تنازلات من عدمه،
فمع تقديم الجنوبيين تنازلات (ما) يقل الفساد ويتحسن الاقتصاد والعكس صحيح، وغالبا ما يرفض الجنوبيون تقديم تنازلات خصوصا المتعلقة بالسيادة والأرض والثروة وبالقضية الجنوبية وخيار استعادة الدولة، وكذا رفضهم القاطع الاستمرار في الوحدة اليمنية كل تلك الأمور لاتروق للأطراف اليمنية الممسكة بزمام العاصمة عدن والجنوب وإلى جانبها أطراف إقليمية بالتحالف العربي الأمر الذي يدفعها لافتعال أزمات تأديبية ، وبات الفساد والانهيار الاقتصادي عصا تاديبية ضد الجنوبيين.

لايستطيع الانتقالي دحر الفساد في ظل هيمنة القيادات اليمنية على المواقع السيادية :

وبحسب مراقبين للمشهد الجنوبي أشاروا إلى أن الإصلاحات الإيجابية التي يجريها المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن غير مجدية ولايستطيع تفكيك منظومة الفساد في العاصمة عدن خاصة والجنوب عامة في ظل هيمنة القيادات اليمنية وبدعم إقليمي على المناصب السيادية في عدن والجنوب، مؤكدين على أن المخلوع عفاش زرع شبكة فساد واسعة في العاصمة عدن باتت أرضا خصبة لسير القيادات اليمنية (رشاد العليمي ومعين عبد الملك وغيرهم) على دربه، بالإضافة إلى أن جهات إقليمية شقيقة تمارس سياسات معادية مباشرة وغير مباشرة ضد الجنوب وقيادته السياسية بالمجلس الانتقالي الجنوبي،
وفي سياق ليس ببعيد
عرّف البنك الدولي الفساد بأنه شكل من أشكال خيانة الأمانة أو الجريمة يرتكبها شخص أو منظمة يُعهد إليها بمركز سلطة؛ وذلك من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة استخدام تلك السلطة لصالح الفرد، ويمكن للفساد أن يشمل العديد من الأنشطة،
ويتركز الفساد المالي في القطاع الحكومي إلى جانب الفساد الكبير الناتج عن عقد الصفقات الكبرى،
وأكثر أنواع الفساد المالي انتشارا يتمثل في الرشوة الاختلاس والسرقة والاحتيال الابتزاز والانتزاع واستغلال النفوذ وشبكات غسيل الأموال وسوء استخدام السلطة التقديرية والمحاباة والمحسوبية،
كما خلصت دراسات إلى أن الفساد المالي والإداري سلوك شاذ يتمثل في عدم القيام بالواجبات الوظيفية على الوجه المطلوب، وفي إساءة استخدام الموظف لموقعه الوظيفي، واستغلاله للسلطة الممنوحة على نحو يحقق منافع ومكاسب غير مشروعة لذاته أو لغيره.

تزاوج الفساد المالي والإداري وانجب مولود توأم مشوه :

ولا يخفى التزاوج الوثيق الحاصل بين الفساد المالي الإداري، وعرفت منظمة الشفافية الدولية الفساد المالي والإداري على أنه كل عمل يتضمن استخدام المنصب العام من قبل الموظف لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو لجماعته، وبالفعل تعاني العاصمة عدن من جميع أنواع الفساد المالي والإداري الذي تزاوج وأنجب مولود توأم تمثل في ( رشاد ومعين)، ولقد تحدثت تقارير محلية ودولية عن تورط حكومة معين عبد الملك في فساد كبير نشرته عدد من الصحف والقنوات والمواقع العربية والأجنبية لايتسع المجال لسرده.

المحافظ لملس يواجه أخطبوط الفساد في العاصمة عدن :

خلصت دراسة محلية وبها نختم تقريرنا المختصر إلى أن الفساد في المؤسسات الحكومية في عدن ليس موروثا، إنما ثقافة دخيلة على الثقافة الجنوبية، حيث كانت الرشوة في الجنوب قبل دخوله في وحدة اندماجية سخيفة غير متكافئة مع الجمهورية العربية اليمنية من المحرمات التي يصل عقوبة بعضها إلى الإعدام،
وكانت الوحدة اليمنية وعلى مدار أكثر من 30 سنة أكبر سبباً في توطين وزراعة الفساد بكافة أشكاله في العاصمة عدن وعدد من محافظات الجنوب،
وقال مراقبون إن تركة أخطبوط الفساد اليمني تمثل تحديا كبيرا للمحافظ الشاب حامد لملس وقيادات الانتقالي الجنوبي يصعب إزالتها في عشية وضحاها وإن الوضع بحاجة إلى تظافر وتوحيد جميع الجمهود الرسمية والمجتمعية وكذا تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وتنظيم عمليات النزول المفاجئ على القطاعات المالية والإدارية الحساسة ، وكذا زرع خلايا استخباراتية مدنية وأمنية في كل مرفق، فيما يرى آخرون ضرورة استبعاد معين عبد الملك ورشاد العليمي عن الساحة الجنوبية وإعلان الإدارة الذاتية على أقل تقدير حتى لاتذهب جهود وإصلاحات ومكاسب الانتقالي الجنوبي سُدى.

زر الذهاب إلى الأعلى