استطلاعات

بين الماضي والحاضر ..«الجنوب» منارة في العلم وتاريخ فريد.

كريترنيوز/ استطلاع / حنان فضل

الجنوب منارة العلم والعلماء في الوطن العربي وشبه الجزيرة العربية، ولقد تخرج منها العديد من العلماء والتربويين والشخصيات المرموقة في المجتمع ليكونوا دخراً لوطنهم الجنوب في الماضي ، التطور يشق طريقه في مدينة عدن وتميزت عن باقي المدن الأخرى في العالم.

 

ففي الماضي كان التعليم والصحة والخدمات متوفرة ،وفي الماضي عاش أهل الجنوب حياة النمو والتطور والرخاء والدولة والقانون.

 

 

 

إذ دخل الجنوب العام الأسود 1990م ليكون عاماً مشؤوماً على أهل شعب الجنوب، مازال مشؤوما إلى يومنا هذا.

 

 

 

إذ يأمل شعب الجنوب إعادة أمجاده وما تم أخذه وسرقته من تراث ودولة وهوية وتاريخ، كما يطالب شعب الجنوب إعادة منارة العلم إلى الواجهة التاريخية وإزاحة سراديب الظلمة التي نتج عنها جيلاً محبطاً علمياً وفكرياً بسبب محاربة المعلم وإفقاده هيبته كمعلم للأجيال بعد أن كان الجنوب في الماضي يحارب الأمية.

 

 

 

أما الآن تزايدت نسبة الأمية بشكل فظيع وتغيب دور المعلم وتدهورت العملية التعليمية، فمتى تعود هذه المنارة المضيئة إلى عدن خاصة لتنشر ضياءها على محافظات الجنوب عامة.

 

 

 

وفي العاشر من شهر سبتمبر يطلُّ علينا يومًا للعلم في الجنوب؛ هذا اليوم الذي يعدُّ مناسبة وطنية وحضارية مهمة في تاريخ شعب الجنوب، حيث يتم الاحتفاء والتمجيد بالعلم والمعلم ودورهما في التنمية والتقدم.

 

ولقد سادت في الجنوب نهضة علمية وثقافية وأكاديمية راقية، تم فيها إقامة وتشييد عشرات المؤسسات والمراكز العلمية والبحثية، كما تم افتتاح المئات من المدارس والمعاهد ودور التعليم، علاوة على تلك الجامعات الشامله لكافة التخصصات. ولقد أنعم مناضلو الجنوب الأوائل بإرساء يوم العلم بتأسيس جامعة عدن في 10 سبتمبر 1975، والتي بعد إعلانها تم قيام المؤتمر التربوي الأول ، والذي فيه تم تغيير المناهج الدراسية لمختلف مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي لأول مرة إلى مناهج جنوبية راقية.

 

حيث شكل تأسيس جامعة عدن ومخرجات المؤتمر التربوي الأول منعطفا مهما وجديدا في العملية التعليمية الشاملة، وتوج هذا العمل الكبير بإعلان التحرر من الأمية عام 1984.

 

وحينها أعلنت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة في تقريرها السنوي أن حال التعليم في الجنوب هو الأفضل في الجزيرة العربية.

 

وشكل اهتمام دولة الجنوب بالعلم والتعليم يوما خالدا وجعلت ال 10 من سبتمبر من كل عام يوما للعلم وأسمته ( يوم العلم ) وفيه تحتفل الدولة مع أبناء شعبها بالمتفوقين والبارزين من الطلبة والمعلمين

 

والباحثين والمبدعين وتقوم بتكريمهم.

 

لكن ومنذ يوم ال22 من مايو 1990 يوم إعلان مشروع ما سمي الوحدة اليمنية، أصبح يعاني العلم والمعرفة والتحصيل المعرفي في الجنوب واقعا سيئا.

 

حيث تم إغلاق عشرات المراكز البحثية والدراسة وتم تغيير المناهج التعليمية في المدارس إلى مناهج التطرف، والمغالطات التاريخية في مسار الفكر والمعرفة والتاريخ لا سيما بعد العام 1994 الكارثي على شعب الجنوب.

 

حيث تم مصادرة التعليم المجاني العام ، وتم استهداف المعلم فكريا ومعيشيا ، وحرمان أبناء الجنوب من التعليم العالي في الجامعات الخارجية.

 

حيث أن وضع التعليم قد تبدل وتغير بعد قيام مشروع الوحدة الفاشل الذي انتهى بحرب غاشمة على الجنوب عام 1994م التي أفضت إلى غزو الجنوب ودمرته، حيث مورس التجهيل الممنهج للطلاب والطالبات في عموم مدارس مديريات ومحافظات الجنوب.

 

ولقد تعمد نظام صنعاء وحكومات دولة الغزو اليمني للجنوب عام 1994 من تهميش قطاع التربية والتعليم في كل محافظات الجنوب متسببة بانهيار العملية التعليمية، بعد أن كان الجنوب محررا من الأمية منذ عقود.

 

إذ أن سياسات تدمير النهضة التعليمية والثقافية ومنصات التعليم والمعرفة من قبل قوى الاحتلال اليمني لازال مستمرا في قطاعات الدولة والاقتصاد والتنمية والجيش والأمن والخدمات في الجنوب.

 

 

 

محاولة النيل من الجنوب :

 

 

 

إن الاحتلال اليمني وقواه المتآمرة تحاول النيل من الجنوب ومقدرات شعبه الثقافية والوجودية من خلال طمس هويته التاريخية والوطنية. وتعمل على إسقاط التعليم والمعرفة في عدن الحضارة والتاريخ.

 

 

 

وإننا اليوم نؤكد أن استعادة التعليم والنهضة والتنمية لم يكن إلا بتحقيق هدف شعب الجنوب في استعادة دولته بكل مؤسساتها وسيادتها على كامل تراب وطننا الجنوبي.

 

إذ وبكل اعتزاز واقتدار نحيي رواد الفكر والتعليم والثقافة من أبناء الجنوب، ونحيي الأقلام التي أضاءت نور التعليم في أفئدة وعقول أبنائنا ، كما نرسل التحية لتلك القامات من المعلمين والمعلمات في مدارس ومعاهد وجامعات الجنوب.

 

 

 

ماضي التعليم في الجنوب :

 

 

 

يقول الكاتب النقابي التربوي جمال مسعود علي عن وضع التعليم في الماضي :

 

شهد التعليم في الجنوب وضعا متميزا على مستوى المنطقة والإقليم واعتبر في فترة من الفترات وشهادة دولية أن جمهورية اليمن الديمقراطية واحدة من الدول التي تحررت من الأمية ، وقد كان التعليم إجباريا ومجانيا للكبار والصغار والأطفال للبنين والبنات في المدن والأرياف وتعددت في الجنوب مستويات التعليم مابين رياض الأطفال والابتدائية والإعدادية والثانوية والتعليم الفني والمهني والتقني والتعليم الجامعي اتيحت كل مستويات التعليم لكل أبناء الجنوب دون استثناء وأصبح بإمكان أبناء الأرياف التأهيل العالي والتخصصي أسوة بأبناء المدن، وظل هذا الوضع على هذا الحال حتى اندمجت الجنوب بوحدة مع اليمن وأصابها ما أصاب اليمن من تشظي وتعدد مدخلات التعليم ، فتردى عام بعد عام مستوى التعليم في الجنوب ودخل في دوامة الطائفية والحزبية والجماعاتية وتفشت ظاهرة الغش وبيع الكتب المدرسية في الأرصفة وتمدد التعليم الخاص على حساب التعليم الحكومي.

 

بعد العام ٢٠١٦م نحت القيادة السياسية الجنوبية نحو إعادة التعليم إلى مكانته التي تستحقه واهتمت بقطاع التعليم وشجعت نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين وجميع العاملين في قطاع التعليم وفي الآخر انشأت دائرة في الأمانة العامة لهيئة الرئاسة أطلقت عليها دائرة التعليم والإرشاد الديني جمعت فيها كوادر جنوبية مخضرمة أوكلت إليهم مهام الأعداد والتحضير للمرحلة القادمة وهي تمضي نحو تأسيس عهد جديد رغم التحديات التي تعترض طريقها وتعيق تنفيذ برامج التصحيح والمعالجات للاختلالات التي أصابت قطاع التعليم طيلة الفترات السابقة، مؤكداً على أن القيادة السياسية الجنوبية وضعت على عاتقها إعادة التعليم إلى وضعه الصحيح من خلال إعادة تأهيل المعاهد الفنية والتقنية وفتح باب القبول للتسجيل فيها مجددا وإنعاشها لتقدم للمجتمع احتياجاته من الكادر المؤهل في الجوانب الفنية والتقنية وتوفير الأيدي العاملة الفنية والمتخصصة في جميع المجالات خطوة بخطوة تمضي القيادة السياسية الجنوبية نحو عودة التعليم إلى مكانته.

 

 

 

فيما تقول الأستاذة نزهة صالح حمود، مشرفة أنشطة بمجمع الممدارة التربوي :

 

أتذكر قبل سنوات عند تسجيل تلاميذ صف أول في المدرسة وعند تدوين عمل الأب كنت أرى الطبيب والمهندس والممرض والمعلم ، اليوم أغلب أولياء الامور عملهم أما عسكري أو بدون عمل هناك واقع مرعب ومستقبل مجهول ينتظر الأجيال في الجنوب ، كنا نتأمل بالقيادة الجنوبية والتي فوضناها ونحن نتأمل بها كل الخير أن تولي أهتمامها بالجانب التعليمي فالجنوب، كما يحتاج لأياد تحمي محتاج لأيادي تبني نحن نعي جيداً أن ما وصل له التعليم ليس بسبب القيادة الجنوبية الحالية ، لكن سكوته وأكتفاءه بوضعية المتفرج ستجعله شريكا بانهيار التعليم،

 

أملنا كبير بقيادتنا الجنوبية أن تلتفت لوضع التعليم وتهتم بالمعلم ونحن نعي جيداً مسؤولياتها الكبيرة المناطة على عاتقها.

 

 

 

وأما الدكتورة آمنة الشهابي تقول :

 

بعد استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني حظي التعليم باهتمام كبير من الدولة حيث فرض التعليم المجاني الإلزامي لتلاميذ حتى المرحلة الثانوية ، وفتحت مدارس لأبناء البدو الرحل لكي يحصل أبناء الفقراء على التعليم والسكن والأكل من الدولة ، وفتحت المعاهد المهنية الموازية لتعليم المتوسط بما يلبي سوق العمل المحلي ، وحظي التعليم الجامعي بالاهتمام ، وفتحت كلية التربية عدن وفروعها في المحافظات ، تليها بعد ذلك فتح كلية الطب وكلية الآداب والمجتمع وبقية الكليات التي كانت تهيئة المعرفة المجانية لطلاب العلم وكانت تتبع هذه الكليات أقسام داخلية للطلاب القادمين من الريف ، وكان الجنوب يستقبل الطلاب الدارسين القادمين من الدول العربية ومن فلسطين وعمان والعراق خاصة ، نظرا للظروف السياسية التي كانت تمر بها بلدانهم في تلك الفترة،وفي عام ١٩٨٥ اعلنت منظمة اليونسكو أن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تحتل المرتبة الأولى في دول شبه الجزيرة العربية من حيث التعليم وأن نسبة الأمية تساوي 2٪ من عدد السكان وهذه شهادة يعتز بها الجنوب من منظمة دولية ، دليل على اهتمام الدولة بالعلم حتى بين أوساط الكبار في المجتمع.

 

 

 

الحاضر المتدهور :

 

 

 

ويقول سيلان حنش الباراسي :

 

واقع التعليم في الجنوب صعب جداً من عام 94 وذلك لعدة أسباب منها

 

قيام نظام صنعاء المحتل للجنوب بتدميره من خلال تغيير المناهج التي كانت تدرّس في الجنوب وتدمير مقومات التعليم فيه وتهميش كوادره الإدارية والعلمية الأكاديمية وتدمير المؤسسات التعليمية وتفريغها من مضمونها حتى يظهر جيل غير قادر على مجابهة تطورات العصر العلمية.

 

لكن القيادة في الجنوب اليوم أصبحت تدرك الأهمية الكبرى للتعليم وتعلم مدى بناء الأمم بالتعليم حيث تعمل اليوم على وضع وتصحيح كثير من الاختلالات الحاصلة من خلال الاهتمام بالكادر الأكاديمي في جامعات الجنوب ، وإعادة بناء المؤسسات التعليمية بشكل عام وتحديث وتطوير آليات ووسائل ودعم التعليم الحكومي والخاص وتعمل بالتنسيق مع دول التحالف على دعم قطاع التعليم في الجنوب حتى يعود للريادة مثل ماكان في السابق.

 

 

 

إدراك الواقع الكارثي :

 

 

 

فيما يتحدث الأستاذ فضل صالح علي بالقول :

 

من المعلوم أن شعب الجنوب كان يحتل مكانة مرموقة على مر التاريخ في الجانب الحضاري والعلمي والثقافي على الرغم من العديد من المؤامرات والعوائق التي كانت تقف في طريق تقدمه ونهضته إلا أنه صنع مجداً عظيماً في مجال النهضة العلمية والثقافية وخاصة بعد الاستقلال في ال 30 من نوفمبر 1967م من براثن المحتل البريطاني ذي العلم والثقافة والتي خرج شعبنا الجنوبي من تحت هيمنته ببعض السلوكيات الإيجابية في الجانب الإداري ، وبعد الاستقلال وضعت دولة الجنوب جل اهتمامها بالجانب التعليمي والقضاء على الأمية حتى وصلت نسبة الأمية بين أفراد شعب الجنوب في منتصف الثمانينات إلى أقل من 5% احتلت المرتبة الأولى بين شعوب المنطقة بالجانب التعليمي والقضاء على الأمية ، ولكن الفترة التي جاءت ما بعد الوحدة تراجع المستوى التعليمي لدى شعب الجنوب بسبب السياسة التي انتهجها الاحتلال ما بعد غزو الجنوب والسيطرة على مراكز القرار من قبل عصابات الاحتلال اليمني الذي استخدم سياسة الإقصاء والتهميش.

 

وتعمد أسلوب التجهيل لجيل ما بعد الغزو العسكري والقبلي لأرض الجنوب وفرض سياسة الهيمنة على مفاصل الدولة المدنية والعسكرية نتج عن ذلك ظهور الأمية من جديد وتفشي الجهل وتدهور التعليم الابتدائي والأساسي والثانوي حتى على مستوى الجامعات وبروز ظاهرة الغش والمحسوبية ، وترك شعب الجنوب يصارع مرارة التجهيل والبطالة ونتج عن ذلك ظهور العادات السيئة بين الشباب وتفشي سلوكيات سيئة ، واشتدت هذه الظواهر ضراوة ما بعد الغزو الثاني لشعب الجنوب على الرغم من استبشار شعب الجنوب بعد تدخل دول التحالف لانتشال الوضع المزري الذي فرضه الاحتلال على شعب الجنوب إلا أن الوضع ازداد سوءاً بعد أن تخلى الجميع عن مسؤوليتهم وترك شعب الجنوب إلى المجهول ،فالواجب على قيادة ثورتنا ممثلة بالمجلس الانتقالي خلال هذه الفترة هو التركيز على النهوض بالعملية التعليمية والاهتمام بالطالب وإعطاء المعلم حقوقه التي حُرم منها منذُ ما بعد الغزو لأرض الجنوب في عام 1994م،وإذا لم تتدارك قيادتنا الوضع الذي يعيشه شعب الجنوب وخاصة التعليم ، فإن الوضع سيصبح كارثيا وهو ما يخطط له الأعداء في ضياع أجيال يصعب تدارك نتائج ما سيترتب على ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى