استطلاعات

انتشار الألفاظ النابية بين الأطفال .. ومخاطرها على قيم المجتمع ..

كريترنيوز / استطلاع /  نوال باقطيان

تعد مشكلة تلفظ الأطفال بشتائم وألفاظ نابية من أهم المشاكل التي تعاني منها العديد من الأسر، وهناك العديد من الأسباب التي تدفع الطفل إلى تعلم السب والشتم والتعود عليها  ، لعل أهمها سماعه لوالديه والمقربين منه ،وهم يرددون ذلك ،فتعلق بسرعة حتى قبل أن يتعلم الطفل لغة التخاطب مع العلم أن الطفل يتعلم الشتم أسرع بأربع مرات مقارنة بالكلمات الاعتيادية

وفي هذا الاستطلاع نناقش قضية انتشار الألفاظ النابية بين الأطفال ونضع بعض الأسئلة على لفيف من الأمهات والناشطات والإخصائية الاجتماعية لمعرفة الأسباب والمعالجات اللازمة لهذه المشكلة. 

تروي أم رهف قصتها مع الألفاظ النابية دون حرج لتقول لدي ابنة وحيدة تبلغ من العمر الآن ستة عشر عاما ، ولأنها الوحيدة لقد حرصت أن احيطها بالرعاية والدلال أيضا،  ولأنها لا تختلط منذ الصغر بأحد لحرصي سوى قريباتي اللاتي ينهجن نفس النهج في تربية أولادهن، ولكن عندما ألحقتها بالمدرسة تناهت إلى مسامعها إحدى الكلمات النابية ولأني  لا أتلفظ بتلك الألفاظ في المنزل ، ادهشتني هذه الكلمات وترديدها لها  وعندما سألتها من أين سمعتي هذه الكلمة أجابت من صديقتي في المدرسة علما بأن أم وأب هذه الصديقة على خلق ودين. 

وتتابع” نبهت ابنتي من عدم استخدام هذه الكلمة وشرحت لها كيف هذه الكلمة قبيحة وتخالف ديننا الحنيف. 

بعدها امتنعت عن هذه الكلمة ،وفجأة عادت من جديد لترديد هذه الكلمة،  لم أجدد من تهديدها بالعقاب ، وهناك كفت عن ترديد الكلمة. 

لكن الآن بعدما بلغت سن المراهقة وبعد اختلاطها برفقة السوء اكتسبت ألفاظا نابية ، وللأسف استخدمت معها ومع زميلاتها التوبيخ والنصح، ولكن دون جدوى. 

وإذا نظرنا حولنا سنجد أغلبية الجيل الجديد من الذكور والإناث على حد سواء يتلفظون هذه الألفاظ للمرح دون الحرج. 

برامج اليوتيوب : 

أم أحمد أيضا أم لطفلين صغيرين واجهت نفس المشكلة لكن هذه المرة منذ سماع صغيرها عبر قنوات اليوتيوب  لتروي لنا بنفسها : جاء لي ابني وابن أخي أيضا بسب ولعن وألفاظ نابية واكتشفت أنهم سمعوها من قنوات في اليوتيوب مثل قناة أحمد البطل وقناة حسن وأحمد محسن وقناة ريما وبيكا  وكل هذه القنوات موجودة في اليوتيوب ،وفور معرفتي بمخاطرها على أطفالي نصحت أطفالي بعدم متابعة هذه القنوات ومنعت مشاهدتها، وفي البداية نصحنا أطفالنا أن هذه الألفاظ غير صحيحة ، ولابد من احترام بعضنا البعض،  ولا نقوم بتحقير أي إنسان ، وأن الله نهانا عن اللعن وأمرنا باحترام بعضنا والتراحم فيما بيننا. 

ثم تتدارك قائلة : مازالوا إلى الآن يرددون بعض الألفاظ وذلك لاستمرار اختلاطهم بزملاء يرددون مثل هذه الكلمات ، وعند سماعنا مثل هذه الكلمات نقوم بتوبيخهم ، فيتأسفون عن إصدار عن مثل هذه الألفاظ. ويجب على الأهل متابعة أطفالهم والتشديد والنصح عندما تصدر مثل هذه الكلمات من أطفالهم لأنه إذا لم نتابعهم سيستمرون بالتلفظ بالكلمات القبيحة وسيجدونها أمرا عاديا. 

سبيل للمرح :

وترى الناشطة الاجتماعية / سامية سيف أن أغلب الأطفال يرددون مايسمعونه من الشارع والصحبة السيئة أو مايسمعونه من ذويهم في المنزل، 

فأحيانا البعض يستخدم الألفاظ النابية  على سبيل  المرح ولجذب انتباه الناس، فعندما أصادف في الشارع أطفالا يرددون ألفاظا نابية أقوم بنصحه بترك هذه الألفاظ وتذكيره بحب الله والناس لمن يتحدث بالكلام الحسن. وهناك أطفال يستجيبون للنصح وهناك من الأطفال من الصعب عليهم ترك هذه الألفاظ نتيجة استخدام الوالدين في المنزل لهذه الألفاظ. وأرى أن المعالجات تبدأ بالعديد من الخطوات منها : 

_ عدم الانزعاج عند سماع الطفل بترديد هذه الألفاظ للمرة الأولى وايضا لا يجب أن تبدي ارتياحا عند صدور هذه الكلمات من الطفل  بنفس الوقت حتى لانشجعه على الاستمرار ،بل يجب إيضاح أن ذلك سلوكا خاطئا لابد من عدم فعله مرة أخرى. 

_ توقف الكبار عن إصدار مثل هذه الألفاظ أمام الأطفال في لحظات العصبية. 

_ مراقبة الأهل لاطفالهم  وبمن يختلطون سواء كان في الشارع أو المدرسة. 

_ تعليم الأطفال الصلاة وغرس القيم الإسلامية في نفوسهم. 

وفي حالة عدم قدرة الأهل عن ردع الطفل عن هذا السلوك ،عليهم استخدام العقاب مع الطفل بالحرمان من أي شيء يحبه أو الحرمان من الخروج. 

غياب الوازع الديني : 

وترى  الناشطة الاجتماعية رئيفة عياش أن من أسباب  انتشار الكلمات النابية بين الأطفال جملة من الأسباب منها : 

_ ضعف  الوعي وغياب الوازع الديني  لدى بعض الأسر  أنفسهم ، حيث أنهم يتلفظون بمثل هذه الألفاظ القبيحة أمام أطفالهم  ،والمعروف أن الأطفال  يقلدون مايسمعون  ويرون بعض الأسر  عندهم ضعف في التربية الأخلاقية ،بحيث أنهم عند سماعهم لأطفالهم يتلفظون بهذه الألفاظ ولا ينبهون بأن هذا عيب وليس من أخلاقنا وقيمنا الإسلامية. 

وبالتالي يتم نقل هذه الألفاظ من أطفال إلى أطفال آخرين، وبالتالي تصبح وكأنها كلمات عادية تدرج في تصرفاتهم اليومية أثناء لعبهم مع بعضهم. 

_ ومن الأسباب أيضا اختلاط الأطفال بأشخاص أكبر منهم ، تصدر منهم مثل هذه الألفاظ. 

وتوجز  عياش المعالجات بالتالي قائلة : من المعالجات التي يجب وضعها :

١_ إقامة جلسات توعوية  لأولياء الأمور تتناول خطر انتشار هذه الكلمات. 

٢_ إقامة جلسات توعوية للشباب والشابات حول مخاطر هذه الظاهرة على تماسك النسيج الاجتماعي. 

٣_ إقامة جلسات توعوية للأطفال تحتوي اسكتشات ومعرضا للدمى تتناول هذه الظاهرة. 

صمت الأبوين : 

وترى الأستاذة سعاد علوي / مديرة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات أن أسباب انتشار الألفاظ النابية بين الأطفال يعود إلى سماع الأطفال المتكرر لهذه الألفاظ من الشارع أو أشخاص كبار أو حتى من أفراد أسرته، وفي ظل  صمت الأبوين وعدم التوضيح للطفل أن هذه الألفاظ لا تليق بالإنسان المحترم ،فتتولد لدى الطفل أنها ألفاظ عادية ومقبولة من قبل الجميع ،كون الجميع يتعامل بها  فيما بينهم ،فيملك هو من سبقوه. 

مضيفة بالقول : كذلك من أقرانه الأطفال كالزملاء في المدرسة أو رفاقه في الشارع ، ولأن الطفل يلتقط المعلومة واللغة بشكل أسرع من الكبير ،ويقلد كل مايسمع  ويراه من ألفاظ وسلوكيات بذيئة وغير مستحبة. 

وترى علوي أنه لابد من اتخاذ جملة من المعالجات منها : 

_ حسن تربية الأطفال في المنزل ،وعدم التلفظ بمثل هذه الكلمات خصوصا أمام الأطفال. 

_ على المدرسة منع تعامل الطلاب مع هذه الألفاظ، وإنزال العقوبة لكل من يصدر منه مثل هذه الألفاظ وإبلاغ ولي أمره. 

_ إقامة حملات توعوية في المنزل والمسجد والمدرسة بحسن الخلق وآداب الكلام مع الغير سواء كانوا كبارا أم صغارا. 

انحلال أخلاقي : 

وترى الأخت بشرى عبدالله الهدياني / إخصائية اجتماعية أن أسباب انتشار الألفاظ النابية بين الأطفال يعود أولاً إلى  الأبوين أو الأسرة ، حيث تعد الأسرة اللبنة الأولى 

للمجتمع وعليه ، فإن تكوين الأسرة يقوم على عمودين أساسيين وهما الأب والأم ، فإن صلحا صلحت الأسرة، لكن للأسف بعض الأسر نجدها المصدر الرئيسي لتلفظ الأطفال لمثل هذه الكلمات. 

ثانيا..

 البيئة المحيطة سواء كان الشارع أم المدرسة ،وذلك يعود إلى غياب الوازع الديني في المجتمع والانحلال الأخلاقي ، ويعود أيضا هذا إلى غياب الجانب التربوي والتوعوي في الأسرة والمدرسة ،لذلك نجد مع تغول الانحلال الأخلاقي والقيمي في المجتمع تسعى  المدارس إلى تكثيف دور الإرشاد الاجتماعي للتخفيف من هذه  الظواهر الدخيلة على مجتمعنا. 

ثالثا..

 الشبكة العنكبوتية وما تحويها من برامج هادمة سواء،برامج وقنوات تحوي مثل هذه الألفاظ أو التحدث مع أشخاص من بيئات مختلفة قد تعاني هذه البيئات على سقوط وانحلال أخلاقي  وبيئات غربية تصدر لنا ثقافتها الغربية التي تسعى إلى هدم الهوية العربية القائمة على قيم الإسلام. 

فيما ترى الهدياني أن حل هذه الظاهرة تنقسم إلى قسمين .. 

قسم يعتمد على تفعيل الدور الإرشادي والتوعوي للمدرسة والمسجد والإعلام إذا كانت الأسرة مصدر هذه الألفاظ عند أبنائها. 

وقسم يعتمد على تفعيل دور الأسرة إلى جانب المدرسة والمسجد والإعلام من خلال رقابة الأطفال وإبعادهم عن الصحبة السيئة وتقنين أوقات الجلوس على الإنترنت.

زر الذهاب إلى الأعلى