إحالة الملف اليمني إلى الأمم المتحدة.. هروب من مستنقع إلى طريق مسدود!!
كريترنيوز / استطلاع
قالت قناة فرانس 24 إن الأطراف المتحاربة في اليمن اتفقت على وقف إطلاق النار والانخراط في عملية سلام برعاية الأمم المتحدة، ونقلت الوكالة الفرنسية للانباء عن المبعوث الأممي إلى اليمن السيد هانس جروندبرغ إعلانه السبت الماضي 23 ديسمبر 2023م عن توصل الأطراف اليمنية إلى اتفاق بوقف الحرب وقالت :
أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ السبت، أنّ الأطراف المتحاربة في اليمن التزمت بوقف جديد لإطلاق النار والانخراط في عملية سلام تقودها الأمم المتحدة كجزء من خريطة طريق لإنهاء الحرب.
ويمثّل إعلان غروندبرغ أحدث خطوة لإنهاء حرب المستمرة منذ تسع سنوات، وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص وتسبّبت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
كذلك، يأتي هذا الإعلان في أعقاب الاجتماعات الأخيرة التي أجراها غروندبرغ في السعودية وسلطنة عمان مع رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني المدعوم من السعودية، ومحمد عبد السلام رئيس فريق التفاوض التابع للحوثيين المدعومين من إيران بحسب القناة.
وأفاد بيان صادر عن مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة بأنه “يرحّب بتوصل الأطراف للالتزام بمجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن (…) والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأضاف البيان أنّ المبعوث الأممي “سيعمل مع الأطراف في المرحلة الراهنة لوضع خارطة طريق تحت رعاية الأمم المتحدة تتضمّن هذه الالتزامات وتدعم تنفيذها”. وبحسب القناة اندلع النزاع في اليمن في العام 2014. وسيطر المتمرّدون الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعماً للحكومة، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات الآلاف من القتلى. وأدى اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة والذي دخل حيّز التنفيذ في نيسان/أبريل 2022، إلى انخفاض ملحوظ في الأعمال العدائية. وانتهت الهدنة في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، غير أنّ القتال لا يزال معلّقاً إلى حدّ كبير.
وبحسب البيان الأخير الصادر عن الأمم المتحدة، فإنّ خارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة ستشمل دفع جميع رواتب موظفي الخدمة المدنية، وفتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز التي يحاصرها المتمرّدون وأجزاء أخرى من اليمن، واستئناف صادرات النفط”.
وقال غروندبرغ “ثلاثون مليون يمني يراقبون وينتظرون أن تقود هذه الفرصة الجديدة لتحقيق نتائج ملموسة والتقدّم نحو سلام دائم”.
وأضاف “لقد اتخذت الأطراف خطوة هامّة”، مشيراً إلى أنّ “التزامهم هو، أولاً وقبل كلّ شيء، التزام تجاه الشعب اليمني”.
غموض في الخارطة يعيد الأطراف إلى نقطة الصفر :
من جهته علق وزير الخارجية اليمني الأسبق الدكتور أبوبكر القربي على خارطة الطريق آنفة الذكر ووصفها بالغامضة وأنها ستعيد اليمنيين إلى بداية الطريق.
وقال القربي إن مستجد المبعوث الأممي يبعث الأمل ولكن يشوبه الغموض ويحتاج إلى توضيح حول إطاره العام وعلاقته بالتفاهمات السابقة بين السعودية والحوثيين وهل إعادة الملف إلى الأمم المتحدة من أجل وضع آلية تنفيذية للتفاهمات تنهي الحرب.
وقال د/ القربي إن اليمنيين يأملون أنهم على أبواب الحل وليس عودتهم إلى بداية الطريق، حسب تعبيره.
ولمعرفة المزيد حول الاتفاق أجرت سمانيوز استطلاعًا صحفيًا التقت خلاله عددا من كوادر الجنوب وخرجت بالحصيلة أدناه؛
نقطة تحول في فض الاشتباك :
كان الأستاذ القدير محمد عبد الله الموس فاتحة استطلاعنا حيث قال : يمكن القول إن هذا الاتفاق هو نقطة تحول كبيرة في مسألة فض الاشتباك في ملف الحرب في اليمن والجنوب.
فكما نعلم هناك تباين في أهداف الأطراف التي كانت ولازالت في حالة حرب مع الحوثي، فهناك الأطراف اليمنية المتباينة وهناك الطرف الجنوبي وهناك أهداف للتحالف متعلقة بالأمن القومي لبلدان التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وتابع الموس حديثه :
وعندما نقول إن اتفاق الهدنة يمثل حالة من فض الاشتباك فهذا ما نراه واضحًا في تجاوز إصرار الحوثي على أن السعودية طرف وليس وسيطا ، فقد أصبحت المملكة العربية السعودية مع سلطنة عمان وسطاء، وكان الحوثي يرفض الحوار مع الأطراف اليمنية، وأصبح بموجب الاتفاق يقبل بالحوار اليمني اليمني برعاية أممية.
سيحدث نفس القبول فيما يخص الجنوب مهما حاول البعض التنصل، لكن هذا يعتمد على وحدة الصوت الجنوبي وثباته على هدف التحرير والاستقلال.
وأضاف : فيما يخص إشراف الأمم المتحدة ففي رأيي الأمر ليس كما يظنه البعض، انسحابا خليجيا من الملف اليمني، ولكن لإعطاء الاتفاقات قوة ضغط على الأطراف كلها، وبالتأكيد أن هناك التزامات على الأطراف الوسيطة متعلقة بإعادة الإعمار تتطلب إشرافا دوليا.
لن نتراجع عن هدف استعادة دولة الجنوب سنتيمترا واحدا :
من جهته عضو المجلس الاستشاري بالمجلس الانتقالي الجنوبي الأستاذ خالد شوبه قال :
موقف قيادة شعب الجنوب واضح جدا من هذه المبادرات ومشاريع الاتفاقات التي يجري التسويق لها بين الحين والآخر والتي تحاول أن تتجاهل أو تتجاوز قضية شعب الجنوب وقد جدد التأكيد على ذلك مؤخرا الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي في كلمته أثناء لقائه بقيادات انتقالي العاصمة عدن
( لن نتراجع عن هدف استعادة دولة الجنوب سنتيمترا واحدا). وتابع شوبه حديثه قائلاً :
وهذا يعني أن أي اتفاقات لاتفضي إلى تحقيق هذا الهدف، لن تحقق السلام المرجو في المنطقة ولسنا ملتزمين بها وبالتالي لن يكتب لها النجاح أبدا، وستبقى العملية مجرد ترحيل مؤقت للمشاكل والصراعات وزيادة الحروب.
وأضاف : الكثير من الأطراف في هذه الحرب لا يروق لها التعنت الحاصل من قبل المليشيات الحوثية وداعميها ولاتثق حتى في تعهدات والتزامات تلك المليشيات، ولكنها تغض الطرف وتحاول أن تجد مخرجا يحفظ لها ماء وجهها، وإن كان على حساب أطراف أخرى، وما موقف الأمم المتحدة ببعيد عن ذلك،
وهذا ليس عدلا ولا حقا، ولا حلا للمشكلة.
وختم قائلًا : نكرر هنا أن أي حلول تتعارض مع تطلعات ونضالات شعب الجنوب في استعادة دولته كاملة السيادة على أرضه، لن ترى النور ومصيرها الفشل.
أطراف الاتفاق غير معروفة :
من جهته عضو الجمعية الوطنية بالانتقالي الجنوبي الأستاذ فيصل النجار قال :
خبر إحالة الملف اليمني برمته إلى الأمم المتحدة أتى على ضوء تصريحات أدلى بها مندوبها السيد هانس غروندبرغ موضحا أن جميع الأطراف توصلوا إلى مجموعة من التدابير منها وقف إطلاق النار في عموم اليمن وتحسين الوضع المعيشي وصرف الرواتب والاستعداد للانطلاق نحو عملية سياسية ترعاها الأمم المتحدة ولكن مابعد خارطة الطريق هذه التي يريد المبعوث تحقيقها هي مزمنة من ثلاث مراحل : تبدأ بالشق الإنساني لمدة ستة أشهر ثم الحوار السياسي لمدة عامين ثم التوافق على نظام الحكم والسلام الدائم بين الأطراف، ولكن من تصريحات المبعوث الأممي أنه لم يحدد عدد الأطراف ولا من هي بالاسم؟ وهنا تظل القراءة مشوشة والرؤية ضبابية.
وتابع النجار حديثه قائلاً :
الحقيقة أن خروج ملف اليمن من التحالف يعد نصرا كبيرا لليمن وللجنوب ، نتمنى أن تتحرك مياهه الراكدة نحو الأفضل وتحرر معه الخدمات نهائيا وتنخفظ الأسعار وتتحسن قيمة العملة المحلية وترتفع المرتبات بما يناسب الوضع المعيشي والغلاء العالمي واعتقد أن مستقبل ملف هذا الاتفاق سوف يكون عقيما إن لم تكن القضية الجنوبية طرفا حاضرا فيه ، وتتعالج وفق رغبة وطموح شعب الجنوب.
وقال؛ إن تحول الملف اليمني بالكامل إلى الأمم المتحدة يعتبر همّا وانتشالا من على كاهل قيادة المملكة وسوف تفتك من ضغوطات المستنقع اليمني وفشل الأعمال فيه لقرابة التسعة أعوام دون تحقيق أي هدف عسكري أو سياسي يذكر.
وأضاف النجار : أتوقع أن يتم ما تحدث به الأخ الرئيس عيدروس الزُبيدي في لقائه أمام القيادات المحلية والمنسقية للجامعات بالعاصمة عدن ، حيث قال بالصوت العالي وأمام العالم إن أي حلول لم تعيد دولة الجنوب سنرفضها ولن تفرض علينا أي حلول بالقوة وقد أتينا من ميادين القتال ، وسنعود اليها لنقف مع قواتنا المسلحة الجنوبية المنتصرة نناضل حتى الاستقلال أو نموت شهداء.
الملف اليمني في أروقة الأمم المتحدة منذ بداية الأزمة :
من جهته القيادي بانتقالي العاصمة عدن الأستاذ هشام الجاروني قال :
الملف اليمني هو أصلا في أروقة الأمم المتحدة منذ تدويل الأزمة بعد صدور قرارات الأمم المتحدة تحت البند السابع بعد انقلاب الحوثي في صنعاء ، وكان هناك تفويض للتحالف العربي بقيادة السعودية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن، لكن للأسف فشل التحالف لأسباب مختلفة تمثلت في تخاذل الشرعية في أكثر من مرة لتحقيق أهداف التحالف كذلك للتدخلات الدولية وأخص بالذكر الولايات المتحدة الأمريكية التي أفشلت خطط التحالف في الحديدة، لذلك مانشاهده اليوم هو محاولة هروب من هذا الركام من الإخفاقات التي يتحمل التحالف جزءا منها بعدم قدرته على قراءة المشهد السياسي والعسكري فوقع أسير فكرة التقلب بين حلفائه الداخليين بتناقضاتهم ومواقفهم ودورهم في الحرب ضد الحوثيين وضد الإرهاب، واعتقد بل أجزم أن التحالف سقط في فخ الشرعية اكثر من مرة ولم يتعلم لأنه أدمن التماهي معها في أكثر من موقف لذلك ولكل هذه التداعيات يفكر التحالف حاليا بجر قدمه من المستنقع اليمني بعد أن أيقن أنه واقع بين كماشتين طرف يقاوم إنهاء الحرب بالخسارة وطرف شريك يريد استمرار الحرب إلى مالا نهاية.
وتابع الجاروني حديثه قائلاً :
توقعاتي أن الأمور ستؤول للأسوأ لأن خارطة الطريق لن يقبل بها جميع الأطراف لا الشرعية ولا الانتقالي، وهما الطرفان الشركاء مع التحالف في إنهاء الانقلاب ولن يقبل بها الحوثي لأنهم يفكرون بالسيطرة على باب المندب كهدف استراتيجي أساسي لإنهاء الحرب وكان يجب على التحالف أن يراعي أهداف كل طرف في هذه الحرب. وبالنسبة لنا الجنوبيين مشروعنا واضح من اليوم الأول لقد قاتل الجنوبيون منذ اليوم الأول تحت راية الجنوب ، وكان على التحالف إدراك أن العودة إلى مربع الوحدة صار مرفوضا جملة وتفصيلا لن يقبل الجنوبيون بالعودة إلى الخلف والقبول بعودة الاحتلال اليمني هذه ليست قناعات سياسية عند الجنوبيين بل هي خيار لايقبل القسمة أو النقصان في ضمير الشعب.
وختم قائلاً : اعتقد أن محاولة فرض ذلك باي قرارات خارج سياق المفاوضات الجنوبية اليمنية سيجرنا إلى مواجهة مصيرية ستفوت أي فرصة للسلام الحقيقي الذي ننشده في إطار دولة جنوبية حرة مستقلة لقد قدمنا أوراق اعتمادنا للعالم أجمع بما فيها تأمين باب المندب من أي أعمال قرصنة والحرب ضد الإرهاب نحن شركاء سلام حقيقيون لكنا لن نقبل أن يكون ثمن ذلك أن نفرط بحريتنا
لازال الأمل قائما ، وكما قال الأخ الرئيس سنسير في طريق السلام ونحن جاهزون لأي خيارات أخرى.
الحوثي عنيد :
وكان القيادي بانتقالي العاصمة عدن الأستاذ علي الجوهري مسك ختام استطلاعنا حيث قال : هل تتوقع أن يقبل الحوثي التوقيع مع الشرعية والتحاور معها لايمكن أن يقبل لأنه صار مصدر قلق للشقيقة الكبرى وزاد قلقها بعد التلميع الإعلامي الذي حظي به في اشتراكه بشكل أو بآخر في (عاصفة الأقصى) من قرصنة بحرية وخلافه.
وأما بخصوص إحالة الملف اليمني للأمم المتحدة فمن يقرأ الخبر بدقة سيعرف أنه سيتم التوقيع بين السعودية والحوثي وبمشاركة الشرعية وتحت ضمانة الأمم المتحدة وهذا معهود عليه منذ الزمن الماضي منذ أيام (الأمام) فقد كانت الشقيقة الكبرى تتصدر التوقيع مع الحكومة اليمنية وباعتبارها الموكلة من قبله ولو عاد بنا الزمان سيكون ذلك وتحت ضمانة الأمم المتحدة وهي لن تتركنا لحالنا لضمان مصالحها ولضمان الاستقرار الأمني لحدودها مع الحوثي.
وقال : الحوثي باسط على الأرض ولن يقبل إلا أن يكون له نصيب الأسد من أي حل أممي أو إقليمي.
وختم الجوهري قائلاً :
وأما بخصوص الجنوب مثل ماصرح به الرئيس عيدروس الزُبيدي بأنه لايمكن ان نتزحزح قيد أنملة عن قضية شعب الجنوب، وهذا يعود إلى قدرة المحاور الجنوبي الذي يجب أن يستند إلى شعب الجنوب لينجح في انتزاع الحق الجنوبي دون أي نقصان.