مناضلو ثورة الـ 14 من أكتوبر.. مابين معاناة وإهمال ووضع معيشي صعب
كريترنيوز/ استطلاع / حنان فضل
انهيار العملة المحلية زادت الألم تألماً ، والضياع يأسا ، والانتظار خذلانا ، والمعاناة وجعاً، والإهمال تمرداً.
كارثة إنسانية على وشك أن تخرج الغضب الدفين من داخل المواطنين البسطاء، مناضلون يعيشون المعاناة أضعافاً مقابل تضحياتهم ونضالهم الدؤوب في سبيل الوطن واستعادة الأرض المسلوبة، ولكن من أجل أن يعيشوا في أرضهم بعد تحريرها من الاستعمار البريطاني أرادوا أن يعيشوا في هناء وسلام وتوفير لقمة عيش لأسرهم.
أولئك المناضلون وُضِعوا في قائمة التهميش منذ الوحدة اليمنية المشؤومة، وكان الثمن أن يتم استبعادهم وإحالتهم وصرف مرتبات الفتات لهم، ولكنهم صبروا على هذا الذل واليوم لم يعد للصبر منفذ آخر ، حيث تفاقمت الأوضاع المعيشية والاقتصادية والرواتب لا وجود لها إلا بعد شهور متقطعة وإن جاءت لا تفي بالغرض المطلوب فهي زهيدة جدا.
لم تأت هذه الانتصارات من فراغ ولكن :
يقول المستشار العميد محمد عبدالقوي السعدي :
ثورة الـ 14 من اكتوبر المجيدة انطلقت شرارتها الأولى من جبال ردفان الشماء وكان أول شهيد للثورة راجح بن غالب لبوزة توجت تلك النضالات بالاستقلال الوطني المجيد في الـ 30 من نوفمبر 1967م.
حيث أن هذه الانتصارات لم تأت من فراغ ، بل نتيجة نضالات كبيرة خاضها الثوار على مدى عقود من الزمن منذ دخول الاستعمار البريطاني عدن في عام 1839م تحت ذريعة السفينة داريا دولت وهم من صنعوا هذه الذريعة التي لا أساس لها من الصحة، واجه أبناء الجنوب الاستعمار البريطاني أثناء دخول مواجهات شرسة وقدموا تضحيات كبيرة من شهداء وجرحى وتمت السيطرة على كريتر والمعلا والتواهي وخور مكسر وأجزاء من الشيخ عثمان ، وأصبحت العاصمة عدن محمية تتبع الهند باعتبار الهند تحت وطأة الاستعمار البريطاني، لم يسكت أبناء الجنوب عن تواجد الاستعمار وظلت نضالاتهم مستمرة وبطرق وأشكال عديدة، مظاهرات، وقفات احتجاجية، إضرابات عن العمل من قبل العمال نتيجة للظلم والقمع والإرهاب والحرمان من الحقوق، وعندما زاد الظلم والطغيان بدأ المناضلون ينظمون أنفسهم نوعا ما لمقاومة المحتل ، ولكن عندما شعرت القيادات الاستعمارية بالخطر ، وأن الثورة ستأتي لا محالة عملت على تشكيل الاتحاد الفيدرالي، وأوهموا الناس فيه أنكم لهذا الاتحاد حصلتم على الدولة التي ستلبي مطالبكم وستعطيكم حريتكم وهو في الأساس احتلال بصيغة جديدة، وعندما أدرك الثوار حقيقة الاستغلال بدأ الثوار تنظيم صفوفهم بخلايا سرية تقوم بعمليات الكفاح المسلح وتنفيذ عمليات فدائية بدأتها في عدن واستمرت على مستوى مناطق الجنوب في الوقت الذي وسّع الاستعمار نفوذه في مناطق مختلفة وعندما وجد المقاومة من الثوار استخدم الطيران الحربي في ضرب عدة مناطق في ظل مقاومة شرسة بانطلاق أول شرارة للثورة من جبال ردفان الشماء ، وتوسعت المقاومة لتشمل جميع مناطق الجنوب عبر قطاعات فدائية منظمة وخلايا سرية لضمان نجاح استمرار الثورة وتحقيق أهدافها في ظل مراحل صعبة وظروف بالغة التعقيد استبسل فيها ثوار الجنوب وحققوا النصر المؤزر بعد أن قدموا تضحيات تلو التضحيات بكوكبة من الشهداء الأبطال الذين سطّروا أروع الملاحم البطولية.
حيث صنعوا بذلك مجدا وتاريخاً ناصعاً تشهد له الاجيال جيلا بعد جيل ، ولكن مع الأسف من صنعوا هذه الثورة العظيمة وحققوا الانتصارات وضحوا بدمائهم الزكية من أجل تربة الوطن الجنوبي الحبيب ، وأناروا طريق الحرية والكرامة والعزة بفضل الله ثم بتضحياتهم جاء عهد جديد وأقامت دولة الجنوب الفتية دولة النظام والقانون ولم يتم تقديم لهم شيئا نظير تضحياتهم الجسام، فأصبحوا في عالم النسيان سواء الأحياء من الثوار الأبطال وأسر الشهداء الأبطال وذويهم. لم يحصلوا على أبسط مستحقاتهم من رواتب أو مستحقات أخرى حيث أن رواتبهم لا تساوي راتب جندي، أبطال ثورتنا وشهداء ثورتنا تلك الهامات الوطنية حرموا من كل شيء ولم تعطى لهم الرعاية والاهتمام، ولهذا ندعو جهات الدولة الرسمية والمعنية بشؤونهم أن تعطى لهم أعلى رواتب وأن يكرموا تكريما يليق بتضحياتهم عرفانا لماصنعوا من أمجاد سجلت بأحرف من نور، ستظل حاضرة في ذاكرة التاريخ والوطن ونحن نحتفل بأعياد الثورة الأكتوبرية الذين كانوا هؤلاء الأبطال صنّاعها نجدها فرصة لندعو من في آذانهم صمم، أن يستجيبوا لدعواتنا في إعطاء جل اهتمامهم لهذه الفئة وتعويضهم من سنوات الحرمان، وأقول إنه مهما قدمتم لهذه الفئة لن تستطيعوا إيفائها نظير ماقدموا من نضالات ننعم اليوم فيها ونستظل في ظلها.
تحية إجلال وإكبار نقدمها لأبطال ثورتنا الأولى والثانية وشهداء ثورتنا ونترحم عليهم. ولا ننسى في هذا المقام أن نتقدم بأسمى آيات الشكر والتقدير والعرفان لأبطال قواتنا المسلحة والأمن المرابطين في جميع جبهات القتال والذين يسطرون أروع الملاحم البطولية في ميادين الشرف والبطولة ونتمنى لهم النصر المؤزر.
هل سيتم إنصاف أولئك الأبطال؟
وقال فضل عبيد عضو مجلس المستشارين : ثورة الـ 14 من أكتوبر وتضحيات الثوار هل قوبلت تلك التضحيات بمايناسبها من قبل الحكومة؟.
عندما احتلت الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس أرض الجنوب في 19يناير 1839م بماتملكه من عدة وعتاد عسكري وبسطت نفوذها على أرض الجنوب ولمدة 129عاما ، أحكمت فيها السيطرة بقوة الحديد والنار وبما تمتاز به من أسلحة حديثة حينها يقابلها إمكانيات ضعيفه لدى أبناء الأرض .
فقد بدأ ابناء الأرض مقاومتهم واستبسالهم الشديدين ضد هذا المحتل رغم فارق التسليح والإمكانيات الأخرى. فلم ييأس أبناء الجنوب في المواجهة طيلة فترة الاحتلال، كان حينها الغليان والسخط الشعبي يزداد يوماً بعد يوم من قبل أولئك الرجال الأحرار الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية تحرير أرضهم باذلين كل ما يملكون ولايطمحمون في منصب أو مال مقابل ذلك. وتكللت تلك التضحيات التي مهدت لتفجير ثوره الرابع عشر من أكتوبر 1963 من جبال ردفان.
ولقد استمر أولئك الرجال في كفاحهم المسلح في كل مناطق الجنوب حتى توج ذلك الكفاح بتحقيق الاستقلال في ال30 من نوفمبر 1967م.
لقد اوفى أولئك الرجال الشجعان بماتعهدوا به بتحرير أرضهم دون انتظار المقابل.
فهل قامت تلك الحكومات المتعاقبة على رد الجميل لهؤلاء المناضلين في توفير العيش الكريم لهم ولأسرهم؟
وإحقاقاً للحق يجب على الحكومات المتعاقبة في الجنوب صرف رواتب شهداء الثورة ومن لازال على قيد الحياة من أولئك الرجال ، وإن كانت زهيدة ، ولكن حسب المتاح وإطلاق أسماء شهداء الثورة على منشآت حكومية وشوارع ومدارس ومستشفيات تقديراً لدورهم البطولي.
لكن من المؤسف أن يتم تجاهل الثوار الأحرار وبصفة خاصة مابعد عام 1990م من قبل النظام الحاكم من خلال عدم زيادة رواتبهم والتي لاتساوي شيئاً مقابل الوضع المعيشي المتردي ولاتساوي تلك التضحيات وأصبح من المضحك أن يقال عنها رواتب .
وأضاف : أنه من المخزي والمؤسف والمخجل في نفس الوقت أن يصل الحقد والغيرة من قبل النظام الحاكم بأن يقوم بشطب أسماء شهداء ضحوا بأرواحهم من أجل تحرير الوطن من أقوى قوة استعمارية من على تلك المنشآت والشوارع والمدارس والمستشفيات والمعسكرات وغيرها واستبدالها بأسماء أشخاص لا صلة لهم بثوار أكتوبر وأرضها.
ويتبادر إلى أذهاننا سؤال ربما تجيب عليه قادم الأيام.
هل سيتم إنصاف أولئك الأبطال الذين استشهدوا وكذا الذين لازالوا على قيد الحياة بزيادة رواتبهم وتكريمهم خلال أعياد ثوره 14 أكتوبر وغيرها؟ وكذا تقدير أبنائهم بمايناسب تلك التضحيات وإعادة أسماء الشهداء لتلك المنشآت والشوارع والمستشفيات والمعسكرات وغيرها؟
وفي نهاية المطاف تم الزج بنا في وحدة يمنية :
فيما تحدث المستشار عنتر الحيدري أبومحمد قائلاً :
في نهاية المطاف تم الزج بنا في وحدة يمنية غير متكافئة رمت بنا في غياهب النسيان ، بل تلذذت في تعذيبنا وتعذيب أولئك الرجال الصناديد وأحرمتهم من حقوقهم المادية والمعنوية طيلة 34 عاما الماضية حقداً وبغضاً، وأصبحوا اليوم يتجرعون مرارة الحياة ووصل بهم الحال أن يحرموا من كل حقوقهم، فقد صار مرتب الفرد فيهم من أعلى درجة إلى أدناها لايساوي قيمة كيس من رغيف الخبز وتكررت مواعيد تسوية أوضاعهم ، ولكن مازال الاحتلال اليمني البغيض يعمل على التسويف والترحيل من زمن إلى آخر، ومن وجهة نظري الشخصية المتواضعة لا أرى انفراجة لحل أزمة هؤلاء القادة الجنوبيين صناع أكتوبر والاستقلال المجيد إلا بعودة الدولة الجنوبية كاملة السيادة على حدود ما قبل العام 1990.
ويقول العميد نصر أحمد فضل :
تبرز مجدداً آلام المناضلين وأوجاعهم من الإهمال واللامبالاة بحياتهم وبمستوى الإعانة الزهيدة التي تقدم لهم وهنا أقول إعانة ولا أقول معاش لأنها حقا لاترتقي لصفة معاش ولو بحده الأدنى ، بل ولا ترتقي لمستوى إعانة تسد الحاجة بحدها الأدنى ورغم أن مصطلح إعانة لايليق أن يكون لأولئك المناضلين الثوار الأبطال الذين حملوا أكفانهم بأكفهم من أجل طرد الاحتلال من وطنهم ليعيش شعبهم بحرية وكرامة، فالواجب أن يقدم لأولئك الثوار ما يؤمن لهم ولأسرهم الحياة الكريمة فبآلامهم وصبرهم تكتب معاناتهم لعلها تصل للمعنيين بحالهم ويعلموا يقينا ما يعانيه الثوار الذين بفضلهم بعد فضل الله ما كان لهم أن ينعموا بالحرية والحياة الكريمة.