تبذير في أيام الأعياد « مضغ القات في الجنوب» .. كارثة أخرى من كوارث الوحدة المشؤومة.. !

كريتر نيوز/ تقرير / عبدالله قردع
قال أحدهم دون شعور هرولت ووجدت نفسي بسوق القات، رغم أنني البارحة عزمت على أن لا أعود إليه إطلاقاً، ولكن سبحان الله بوقت الظهر لا أدري ماذا حدث كل شي تغير !! تناولت وجبة الغداء ثم حملتني قدماي فوجدت نفسي دون شعور اتجول بسوق القات بين القطل والسمين الضالعي والنقفة الرداعي، وهكذا برنامج شبه يومي يختمه بالندم والعزم على الإقلاع، ولكن مع وقف التنفيذ، يمسي يتقلب، أرق وتفكير مشتت وفقدان شهية اكتئاب وتعكير المزاج، ناهيك عن الأضرار الجسمانية الأخرى من التهاب اللثة وتسوس الأسنان وأمراض الكلى، وزيادة واضطراب نبض القلب وارتفاع الضغط وقرحة المعدة، والإمساك وغيرها من الأمراض بحسب ماذكرت تقارير طبية ودراسات، ومع هذا لايزال الإقبال على هذه الشجرة في تزايد مستمر وتزداد ذروة الإقبال والتزاحم عليها بأيام الأعياد الدينية المقدسة ويُنفق على شرائها أموالاً طائلة أضعاف نفقة مصاريف البيت، ويتهافت عليها الناس بشراهة ما افقد المناسبات الدينية والأعياد طابعها الروحاني المقدس المقرون بالتكبير والتهليل والاستغفار والتوبة والدعاء والإحسان والتصدّق على الفقراء والمساكين والسعي لأعمال الخير المختلفة، وزيارة القبور والدعاء لأهلها والإكثار من الطاعات واكتساب الحسنات والتقرب إلى الله بكل مايحب ويرضى، كل هذه الأعمال اندثرت واقتصرت على الهرولة إلى سوق القات لشراء حبة قات وقارورة ماء ثلج وحبة شراب ومتكى بديوان أو على قارعة الطريق، وهات يا غيبة ونميمة، ومرت الأيام المقدسة مرور الكرام، الشيء الوحيد الذي ميزها عن الأيام الأخرى هو كسوة العيد لاغير، واليوم نحن على اعتاب عيد الأضحى المبارك الأجدر بنا اغتنامها بالتقرب إلى الله سبحان وتعالى وتعظيم هذه الأيام المقدسة، مثل شعوب العالم من حولنا يعيشون سعداء مبسوطين بدون قات ووجع راس،ذكر بعض الشباب أنه مشغول بتدبير تخزينة يوم العيد أكثر من انشغاله بالكسوة أو بالأضحية، ويعاني البلد من انهيار اقتصادي مرعب وفي المقابل نشاهد تبذيرا للمال بسوق القات بشكل مرعب ،ينفق الشعب لأجلها ملايين الريالات بسخاء وطيبة نفس بعكس ما نراه بسوق الخضروات والفواكة واللحوم من غضب وفلسفة وشطارة، حيث سألنا البعض ماذا تستفيد عند مضغك القات؟ والذي أجاب بالقول : نشاط وتركيز وحيوية ونشوة وسعادة تنسيني الجو المقرف الذي نعيشه، كما أنني استطيع إنجاز أعمالي بإتقان وسرعة وسهولة ولا أشعر بمشقة وتعب.
وسألنا بعض العاطلين عن العمل من أين تأتي بفلوس القات والذي أجاب” حق الشيطان يتدبر بسهولة ولم يخض أكثر في التفاصيل، بينما شرح لنا آخر عن الكيفية حيث قال : يلجأ البعض إلى السرقة من المنزل في البداية، ثم تتطور إلى خارج المنزل وهكذا صعوداً، والبعض من خلال الرشوة والبعض يتدين والبعض يستخدم أساليب نصب واحتيال، ليتحصل على المال، لقد أصبح القات غاية وأيضاً وسيلة، البعض يكد ويكدح من أجل أن يتحصل على مال ليشتري به قات (غاية) والبعض يمضغ القات من أجل أن يساعده على إنجاز عمل شاق أو غيره (وسيلة)، ولكن ما الفائدة منه بأيام الأعياد الدينية؟ أجابنا أحدهم بالقول : لاتصلح جلسة العيد ولاتحلى إلا بقات ومتكى، للأسف الشديد لقد اندثرت المشاعر الربانية الروحانية المقدسة الخاصة بالأعياد من النفوس وأصبح القات أكثر تقديساً، وحاز على الوقت الأطول من حياتنا وكان سبباً في تدمير كثير من البيوت حالات طلاق عقوق والدين، واحياناً تصل إلى القتل، وتساءل أحد أولياء الأمور ياترى متى تضع الدولة لهذه النبتة الخبيثة حلا؟ متحدثاً بالقول : تقع المسؤولية أولاً وأخيراً على ولي الأمر حاكم الدولة، فهو القادر على إصدار القرار وتنظيم عملية بيعها بالأسواق وقال نريد العودة إلى نظام الخميس والجمعة والعطل الرسمية فهو أفضل حل للدولة وللشعب من جميع الجهات الاقتصادية والأمنية، وتحدث إلينا مواطن آخر بالقول : إن الفاسدين هم المستفيدون من استمرار أسواق القات لجني الإيرادات وأبقاء الشعب مخدرا جاهلا لايعي مايدور حوله، بالإضافة إلى حصول بعض الفاسدين على نسب مادية تعطى لهم من قبل تجار وأصحاب مزارع القات، وإلى جانب أضرار القات الاقتصادية والصحية فإنها أكبر سبب في انتشار مخلفات متعاطي القات من قاذورات وأوساخ لاتحصى بالشوارع والأسواق مستحيل تجد مساحة خالية منهم ومن مخلفاتهم حتى الملاهي والكورنيش وجميع متنفسات المدن والأماكن التاريخية والمعالم لاتخلوا منهم، وأصبحوا يمثلون المشهد المقزز للمدينة وأي منظر حضاري غير لائق أمام الداخل والخارج، ومصدر أذى وعائق أمام الأسر والعوائل المرتادة لتلك الأماكن السياحية والمتنفسات.