تقارير وحوارات

العنف الأسري.. يقود الأطفال نحو حافة الهاوية؟

كريترنيوز/متابعات _شقائق/تقرير

قال تعالى : (لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها).  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 كلكم راع ومسؤل عن رعيته).

ولم يرد عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أنه قال إذا صلح الأب صلح الأبناء أو إذا صلحت الأم صلحت البنات وغيرها من الأمور الخاطئة التي يروج لها بعض الشيوخ المبتدئين ممن أخذوا من الدين الإسلامي قشوره ولم يغوصوا في أعماقه وتفاصيله، ممن لم يتفكروا في آيات الله وفي القصص والعبر المذكورة في كتابه الكريم.

 

للأسف إن الأمة الإسلامية تعاني نقصاً كبيراً في فهم أمور دينها الإسلامي  الحنيف وكان لهذا النقص آثار كارثية على الأسرة والمجتمع، حيث وبحسب مراجع تاريخية ذكرت أن الدولة الإسلامية شهدت زلازل وانهيارات فكرية وثقافية عنيفة كانت بداياتها مع انهيار الدولة الأموية في دمشق، وما تلاها من انهيارات وتمزق وتشظي إلى دويلات صغيرة، الى أن وصل حالها إلى ما نحن عليه اليوم ومع ذلك الانكماش انكمشت العقول وساد الظلم واختلت موازين العدالة، بل أن مفاهيمها باتت شبه مغيّبة.

 

 

طبقات ثقافية أخذت من العلم ما يخدمها :

 

 

لقد أفرزت تلك الانهيارات المتتالية نشوء طبقات ثقافية غير متوازنة، طبقات أخذت من العلم ما يخدمها ويجعلها في المكان الآمن، بغض النظر عن النتائج السلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، سارت بالأمة من السيئ إلى الأسوأ وصولاً إلى عصرنا الحديث، حيث نشأت تيارات إسلامية متنافرة متناحرة كل يدّعي أنه على صواب وأنه على حق ، وتنافس أولئك القوم على السيطرة على منابر المساجد، الكل يريد أن يستقطب ويتكاثر ويفرض رأيه دون التمعّن والرجوع إلى المفاهيم الموجودة في كتاب الله وسنة رسوله.

 

 

استخدام منابر المساجد لتوجيه رسائل ناقصة :

 

 

للأسف الشديد إن الانهيار آنف الذكر أفرز عقولاً ناقصة منهارة والبعض منها مشوّشة فباتت تطلق لألسنتها العنان وتكيل التُهم عبر منابر المساجد لتوجيه رسائل ناقصة أفرزت نتائج عكسية خاطئة، فعلى سبيل المثال حمّلت من خلالها أرباب الأسر مسؤوليات لاتطاق وتُهم ليس لهم ذنب فيها، الأمر الذي يوحي أننا نقف أمام مرحلة خطيرة يتم فيها تبرئة الجناة بطريقة غير مباشرة وإيهامهم أنهم على حق كي يمضوا قُدماً في ارتكاب الحماقات والفساد والتنصل عن المسؤلية المناطة على عاتقهم.

 

إن تحميل أرباب الأسر مسؤولية فساد الأبناء يعد ظلماً بعينه وينم عن ثقافة تعاني نوعاً من الترهيب والخوف من قول كلمة الحق في وجه الحاكم الظالم ولجأت إلى كيل التهم على رب الأسرة المسكين، تناست قول النبي محمد عليه الصلاة والسلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يصمت.

 

عقليات مبرمجة أو لاتفقه في أمور الدين عقليات لم تتفكر في القصص التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الشريف، ذكرها لكي نتعظ ونعتبر ونقوي إيماننا بالله ونحسن التصرف في معاملاتنا الحياتية اليومية أن الأمر كله لله، فعلى سبيل المثال سيدنا إبراهيم ابو الأنبياء كان أبوه (آزر) أشهر صانع للأصنام والتماثيل التي كانوا يعبدونها في زمانه، ولكن ولده الذي من صلبه إبراهيم عليه السلام لم يكن كذلك، بل كان من الموحدين بالله مع أنه كان يعيش منذ طفولته في كنف أباه صانع الأصنام.

 

كذلك الحال مع نبي الله موسى الذي تربى في قصر فرعون ولكنه لم يسير على خُطى فرعون رغم أن الظروف كانت مهيئة أمامه ولكنها مشيئة الله، ولنا في قصص نبينا محمد الصادق الأمين ذا الخلق العظيم قدوة حسنة.

 

 

مشيئة الله فوق كل شيء والعصمة للأنبياء وليست لأرباب الأسر :

 

 

وفي الجانب الآخر ذكر الله في كتابه العظيم قصصاً أخرى مغايرة، حيث جاء في كتاب الله أن نبي الله نوح ظل يدعو قومه قرابة ألف سنة ولم يتبعه غير القلة القليل منهم فيما تمسك الآخرون بالمعاصي ومن ضمن العُصاة (ولده)  ابن نوح، هل هذا يعني أن نبي الله نوح لم يحسن تربية ابنه؟ حاشى وألف حاشى. كذلك زوجة نبي الله لوط كانت ضمن العصاة الذين عذبهم الله وجعل عالي قريتهم سافلها، هل هذا يعني أن نبي الله لوط لم يحسن تربية زوجته، حاشى وألف حاشى.

 

أيضا أخوان نبي الله يوسف هل أبوهم وهو نبي الله يعقوب لم يحسن تربيتهم حتى أصبحوا مجرمين وأقدموا على رمي أخوهم يوسف في البئر، حاشى، وفي المقابل زوجة فرعون من الذي جعلها تهتدي وتطلب من الله أن يبني لها قصراً في الجنة وكانت من أهل الجنة رغم أن زوجها رب الأسرة هو فرعون وهو من أهل النار، وغيرها العِظات العظيمة والقصص الموجودة في القرآن الكريم التي لم يذكرها الله لكي نمر عليها ولا نقف عندها.

 

 

تبرئة الجناة على حساب أرباب الأسر :

 

 

للأسف الشديد إن الحاصل اليوم هو تخادم غير مباشر بين بعض الخطباء المسيطرين على منابر المساجد والمسؤولين الفاسدين، حيث تتم تبرئة الجناة الحقيقيين بطريقة غير مباشرة وإلصاق التهم بأرباب الأسر المساكين بطريقة مباشرة، نشاهد ونسمع الخطيب يهذي من على المنبر ويسوق التهم صوب رب الأسرة، فعلى سبيل المثال يطالبون أرباب الأسر بمنع أولادهم من مضغ شجرة القات وغيرها من المطالب ويطالبونهم باستخدام العنف ضد الأولاد، وصل في بعض الحالات إلى القتل مع أن الجاني هو ولي أمر الدولة. لماذا لايطلب من ولي أمر البلاد أن يتخذ قرار بإغلاق أسواق القات؟ وانتهت المشكلة لماذا لا توجه الأصابع صوب الجناة الحقيقيين ولكن الخطيب يحاول تبرئة ولي أمر البلد ويكيل التهم على رب الأسرة المسكين، بل يدفعه صوب التحوّل إلى مجرم يدفعون بأرباب الأسر إلى قتل أولادهم، إلى استخدام العنف الأسري مع أن الجاني واضح أمام العيان،  الجاني هو من يمتلك القدرة على منع دخول القات والمخدرات هو الذي يمتلك القوة والمال هو المسيطر على الأرض هو الآمر والناهي، هو من منع دخول القات إبان تفشي جائحة فيروس كورونا لكي يرضي الخارج ويحصل على حفنة من الدولارات.

 

الحاصل هو تشجيع المسؤول الحقيقي على التنصُّل عن القيام بواجباته والمضي على طريق الفساد.

 

 

التربية عملية تكاملية الجميع مسؤول أمامها :

 

 

في ختام تقريرنا الذي استقيناه من واقع حال مجتمعنا الجنوبي، يجب تصحيح المفاهيم أو بالأصح تكميل المفاهيم الناقصة التي تركّز على جانب وتغفل عن الجانب الآخر، حيث التربية عملية تكاملية الجميع مسؤول أمامها ولا تقتصر على شخص بحد ذاته، ويتوجب إنصاف أرباب الأسر الذين يذهبون إلى أعمالهم في الصباح ولايعود البعض منهم  إلا المغرب أو العشاء، ومن الغلط أن نلقي باللوم عليه، من الغلط أن نكيل التهم عليه وأن نحرضه على ترك عمله والبقاء في البيت أو الشارع لمراقبة أولاده، من الغلط أن نغفل عن دور الدولة كون الطفل يكتسب سلوكه وتصرفاته وثقافته من البيت والشارع والمسجد والمدرسة، لذا من الظلم أن نطلب من رب الأسرة أن يتواجد في هذه الأماكن في آن واحد، كما أننا لانبرئ أرباب الأسر بل تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة النصيحة والتوجيه والحزم وعدم السكوت أو التغافل عن انحراف الأولاد، بل يجب أن يكونوا قدوة حسنة، كما يتوجّب على المسؤول والمعلم والدكتور والمهندس والتاجر وكل من موقعه أن يكون قدوة حسنة لكي نضمن العيش في مجتمع متماسك كالجسد الواحد.

زر الذهاب إلى الأعلى