تقارير وحوارات

منبع لثروات مهدورة.. الغنية «محافظة مأرب اليمنية» معقل آمن لمليشيات متطرفة خارجة عن السيطرة!!

كريترنيوز/ تقرير/ عبدالله قردع

تعد محافظة مأرب اليمنية همزة وصل ونقطة التقاء حدودية بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية تحدها محافظة حضرموت من جهة الشرق وشبوة من جهة الجنوب، وتتصل بمحافظة الجوف اليمنية من جهة الشمال والبيضاء من الجنوب فيما تتصل بالعاصمة اليمنية صنعاء من جهة الغرب يبلغ عدد سكانها بحسب التعداد السكاني لعام 2004م (238.522) وتقدر

 

مساحتها بحوالي 7731 ميل مربع

 

وهي أغنى المحافظات اليمنية بالنفط والغاز المسال كما يوجد بها أكبر محطة غازية لتوليد الطاقة الكهربائية في اليمن وهي محطة مأرب الغازية،

 

عقب ثورة الشباب التي أطاحت بالهالك عفاش في العام 2011م سيطر عليها مليشيات الإخوان المسلمين، وبحسب محللين فإن موقعها الاستراتيجي وحاضنتها القبلية وحرية بيع وحمل السلاح وغياب شبه تام لسلطة الدولة وللنظام والقانون جعلها معقلا لنشوء وتكاثر التنظيمات الإرهابية وملاذها الآمن ورافدا قوي للعناصر الإرهابية المتواجدة بالمحافظات المجاورة، وعقب انطلاق عمليتي سهام الشرق وسهام الجنوب تقهقرت التنظيمات الإرهابية وخسرت الكثير من عناصرها ومواقعها الاستراتيجية بمحافظات أبين وشبوة وهرب معظم قياداتها وأعضائها إلى محافظات اليمن تعز والبيضاء ومأرب ملاذها الآمن وحاضنتها الأم لإعادة استجماع قواها.

 

 

 

ملاذ غني وآمن :

 

 

 

بحكم موقعها البعيد عن أعين عواصم السلطات الحاكمة في عدن وصنعاء وثرواتها النفطية والغازية الضخمة إلى جانب مصفاة مأرب العملاقة لإنتاج وتكرير المشتقات النفطية، بالإضافة إلى شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج (SAFER) شركة النفط والغاز الوطنية العملاقة التي تأسست في مارس 1997 كمشروع وطني للنفط والغاز في اليمن ، وتم تفويضها برعاية وشرعية الجمهورية اليمنية للقيام بعمليات استكشاف وإنتاج الطاقة ، وأصبحت أكبر منتج للغاز الطبيعي وثاني أكبر منتج للنفط في اليمن ليصبح إنتاجها الرافد الأساسي للاقتصاد في البلاد،

 

وصلت صافر إلى أعلى مستويات إنتاجها من النفط ، وكانت خط أنابيب مأرب تنقل نحو 110 آلاف برميل يومياً من النفط الخام الخفيف إلى ميناء رأس عيسى على ساحل البحر الأحمر،

 

وصارت صافر تقدم خدمات شاملة لليمن، وتوفر أكثر من 40،000 برميل من النفط يومياً، و2.4 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، و28000 برميل من غاز البترول المسال في اليوم الواحد، وهو ما كان يوفر نحو مليار دولار سنوياً لخزينة الدولة.

 

وخلال فترة عمل صافر طورت رأس عيسى إلى محطة تصدير حتى الآن، نجحت صافر في حفر مايقارب مجموعة 90 بئراً من إجمالي 738 بئراً في حقل 18، ليصل إجمالي قيمة الإنتاج إلى 116 مليون برميل من النفط الخام، و46 مليون برميل من غاز البترول المسال، و200 مليون برميل مكافئ نفط من الغاز الطبيعي المسال، كما تنتج صافر 10 آلاف برميل من النفط الخام إلى مصفاة محافظة مأرب، و1200 متر مكعب من الغاز المسال في بلحاف، و75 مليون قدم مكعب لمحطة كهرباء مأرب.

 

وعلى هذا الأساس وأكثر وما خفي كان أعظم وضع الإخوان المسلمون اليد عليها ووفر الشيخ القبلي النافذ سلطان العرادة غطاءا شرعيا لهم بالإضافة إلى قيادة ما يسمى بالجيش الوطني ووزارة الدفاع وقوات علي محسن الأحمر جميعها راتعة تقتات من ثروات وإيرادات محافظة مأرب تتقاسم الكيكة بعيدا عن أنظار التحالف العربي وتتسالم مع الحوثي،

 

ولقد كان الوضع بشكل عام بين الحوثيين المتمركزين بمنطقة صرواح القريبة من مركز عاصمة المحافظة مأرب والقوات آنفة الذكر المنضوية شكليا تحت سلطة الشرعية اليمنية تمر بحالة أشبه بالتعايش والتخادم إن صح التعبير يتحصل الحوثي بموجبها على نصيبه من الكيكة مقابل إيقاف تقدمه وإيقاف هجماته الصاروخية على مأرب.

 

وقال محللون إن مليشيات الإخوان في مأرب وفرت على جماعة الحوثي مشقة اجتياح مأرب من خلال دفعها للجزية ، وكذا تلقيه وعود من الشرعية اليمنية وبعض دول التحالف العربي بالحصول على نصيبه من ثروات الجنوب مقابل ترك محافظة مأرب للشرعية آخر معاقلها الرمزية، لأنه في حال قرر الحوثي السيطرة على مأرب تكون سلطة الشرعية قد فقدت آخر موطئ قدم لها ، وتنتهي شرعيتها تلقائيا ويصبح الشمال بالكامل تحت سيطرة الحوثي والجنوب تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي وتنتهي القصة ، ولكن الحوثي وبعض دول التحالف لا يرغبون في هذه النهاية الدراماتيكية حيث مسلسل التحالف العربي في الجنوب لم ينتهي بعد.

 

 

 

ثروات مهدورة ومعقل لمليشيات متطرفة خارجة عن السيطرة :

 

 

 

وبحسب تقارير صحفية

 

أقر اجتماع عقده محافظ محافظة مأرب الإخواني سلطان العرادة بمعية قيادات السلطة المحلية والمركزية برئاسة عبدالله الباكري وعدد من المسؤولين في المحافظة،

 

الموازنة العامة لما وصفوها بدويلة مأرب الإسلامية للعام 2023م، والتي بلغت 337 ملياراً و263 مليوناً ،وبنسبة زيادة عن موازنة العام 2022م قدرها 20 في المائة وتضم الموازنة العامة لمحافظة مأرب موازنات السلطتين المحلية والمركزية والوحدات الاقتصادية والهيئات والمؤسسات والصناديق الملحقة ، بالإضافة إلى موازنة المشاريع المحلية ومشاريع التنمية الاجتماعية والمركزية موزعة على الأبواب الأربعة للموازنة.

 

وبلغت تقديرات النفقات 196 مليارا و 893 مليونا و 85 ألف ريال، منها 43 مليارا و 392 مليونا و 517 ألف ريال نفقات (قيادة مأرب )، و 153 مليارا و 500 مليون و 568 ألف ريال تقديرات الباب الرابع للمشاريع المحلية ومشاريع التنمية الاجتماعية وعددها 752 مشروعاً، تضم 703 مشاريع قيد التنفيذ، و 49 مشروعا جديدا،

 

وقدر مشروع الموازنة لقيادة المحافظة أن تصل الموارد العامة فيه بدون مشاريع الباب الرابع إلى 140 مليار و 370 مليون و 219 ألف ريال، منها 126 مليار و 128 مليون و 212 ألف ريال موارد موازنة ونفقات قيادة محافظة مأرب ، ومكاتبها المركزية و 14 مليار و 232 مليون و 7 آلاف ريال إجمالي موارد الوحدات الاقتصادية والهيئات والمؤسسات والصناديق الملحقة بعاصمة المحافظة، كما تم اعتماد موازنة أخرى خاصة بتسليح وتطوير القوات المسلحة وتجهيز المعسكرات للحشد الشعبي ونفقاتها ، وهي موازنة تم اعتمادها وبشكل مستقل تتبع مباشرة المحافظ سلطان العرادة.

 

ويرى ناشطون أن تلك الإجراءات والتدابير الحاصلة في مأرب تعد تمردا واضحا على قرارات مجلس القيادة الرئاسي التي تضمنت تحويل جميع الإيرادات إلى البنك المركزي بالعاصمة عدن.

 

 

 

لا أكشف مغطّى ولا أغطي على مكشوف :

 

 

 

وبحسب ناشطين وحقوقيين من أبناء مأرب تم الكشف عن حجم الفساد المتفشي بمفاصل المحافظة وتورط قياداتها سلطان العرادة وعلي محسن الأحمر وقيادات عسكرية مليشاوية إخوانية في نهب إيرادات المحافظة المالية وتوريدها إلى حساباتهم البنكية الخاصة في تركيا وفي المقابل يتم إخفاء الرقم الحقيقي للإنتاج اليومي للشركات النفطية ومصفاة مأرب وشركة صافر للغاز وهو إنتاج أضعاف مضاعفة عن الإنتاج الماضي ، وما يتم نشره بالتقارير اليومية ليست الأرقام الصحيحة بحسب قولهم ، وفي المقابل ترفض جماعة الإخوان المهيمنة على المحافظة نزول أي لجنة رقابية لمعاينة الإنتاج اليومي للنفط والغاز والإشراف عليها مايطرح علامات استفهام بالإضافة إلى إيرادات الكهرباء والضرائب على المحال التجارية والأسواق وضرائب الزراعة والخضروات والفواكه وغيرها من الأوعية الإيرادية الحكومية والخاصة التي لاتعد ولاتحصى تذهب أدراج الرياح.

 

تقارير يومية مؤكدة للدائرة التجارية لمصفاة مأرب أكدت أن معدل إنتاج المصفاة يوميا لمادة البترول والديزل يصل إلى مليون لتر، ومادة (الـ سي فايف) التي يتم خلطها ببنزين عالي الجودة وعملية تكريره إلى بنزين محلي تقد ب 600 الف لتر ، بينما الحقيقة أن إنتاج مصفاة مأرب ارتفع الى أكثر من 60 الف برميل يوميا بارتفاع نسبي عن إنتاجها في السنوات الماضية الذي كان 56 ألف برميل يوميا،

 

مشيرا إلى أن نسبة الإنتاج اليومي الـ 60 ألف برميل ما يعادل 14 مليون يتم بيع ما يقارب 10 مليون و 200 ألف لتر للسوق السوداء على أنه تجاري بما يقارب 1000 ريال يمني للتر الواحد لتصل قيمتها إلى ما يقارب 10 مليار و 200 مليون ريال يوميا تذهب إلى بيت مال المسلمين حسب وصفه بعيدا عن الكشوفات الرسمية، فيما بقية المليون لتر يتم الإعلان عنها في التقارير اليومية للدائرة التجارية لمصفاة مأرب، لافتا إلى أن رموز الفساد حد وصفه العرادة والأحمر ينهبون ملايين الدولارات بشكل يومي من البترول والديزل والسي فايف فقط، وأما بالنسبة لفسادهم في قطاع الغاز والإيرادات الأخرى لا يعد ولايحصى ولايتسع المجال لحصره لضخامته وتفرعه، خصوصا وأن هناك صفقات تم عقدها بين إخوان مأرب ومليشيات الحوثي ، وتم الاتفاق على منح الحوثي نسبة من إيرادات وثروات مأرب ، ويتم إرسالها إلى صنعاء شهريا بالإضافة إلى منح الحوثي نسبته من النفط والغاز وإرسالها بشكل يومي إلى صنعاء وصعدة وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرته،

 

وكان مصدر حقوقي في مأرب قد كشف في وقت سابق عن وثائق رسمية تؤكد حدوث عمليات نهب لنفط قطاع صافر تمارسها إحدى الشركات الخاصة التابعة للجنرال علي محسن الأحمر وقيادات مليشاوية إخوانية بالتزامن مع كشف عمليات نهب مماثل تمارسها نفس الأطراف لنفط محافظتي شبوة وحضرموت التي كانت تحت سيطرة الجماعة في وقت سابق.

 

 

 

ختاما .. عبر عدد كبير من الحقوقيين والناشطين الجنوبيين عن استغرابهم وصدمتهم من ما ورد في التقرير آنف الذكر المعد من قبل (سمانيوز) ومن سكوت التحالف العربي عليه وكذا دهشتهم من كيله بمكيالين في تعامله مع الأزمة اليمنية بشكل عام بحسب المفهوم الإقليمي والدولي لها في اليمن والجنوب، مشيرين إلى أن العين الحمراء للتحالف العربي مسلطة على المجلس الانتقالي الجنوبي فقط وتغض الطرف عن ما يمارسه الإخوان في مأرب والحوثي في صنعاء مع أن المجلس الانتقالي الجنوبي حليف وفي صادق أخلص لأخوانه في التحالف العربي الذين في نهاية المطاف استغنوا عنه واحرموه وحاصروه ومنعوه من إدارة المناطق الجنوبية أو بسط يديه على ثرواتها لأسباب غير مفهومة والأقرب والأشنع من ذلك سعيهم الخبيث لإزاحته واستبعاد قياداته عن المشهد بالكامل.

زر الذهاب إلى الأعلى