المرأة بمناطق سيطرة الحوثي.. قيود وانتهاكات مشرعنة
كريترنيوز /صحيفة شقائق/ تقرير
تسود محافظات اليمن الشقيق قيود الموروث القبلي، الذي كبل المرأة اليمنية وامتهن كرامتها وأقصاها وانتقص من حقوقها ومن قيمتها. فهي في نظر القبيلي اليمني مجرد (مكلف)، ليس لها الحق في مشاركة الرجل في صناعة القرار أو في المناصب الوزارية أو الإدارية، لا عليا ولا دنيا، مركونة لا حول لها ولا قوة. وجاءت مليشيات الحوثي لتزيد الطين بلة، وكانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر المرأة اليمنية. أضافت إلى معاناتها انتهاكاً لكرامتها ولإنسانيتها وحقها الطبيعي في الحياة، وقيدت حريتها وكممت أفواها.
والجريمة الكبرى أن مليشيات الحوثي تمارس تلك الانتهاكات وتشرعنها. وكانت قصة الطفلة “جنات” مثالاً شاهداً على شناعة تلك المليشيات. اغتصاب ثم شرعنة الاغتصاب بالزواج.
شرعنة الاغتصاب للإفلات من العقاب:
وبحسب وسائل إعلام يمنية وعربية، تصدرت قصة الطفلة اليمنية (جنات طاهر) مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن الشقيق والوطن العربي، نظرًا لتفاصيلها وحيثياتها المؤلمة، وذلك بعد تعرضها للاعتداء والاغتصاب من قِبل قيادي في مليشيات الحوثي مُتزوج، وتم التستر عليه من قبل الجماعة بدلاً من رميه بالحجارة حتى الموت، وفق أحكام الشريعة الإسلامية التي يتشدقون بتطبيقها بمناطق سيطرتهم، مع أنهم بعيدين كل البعد عنها.
ووقعت الجريمة في منطقة ارتل بمديرية سنحان بمحافظة صنعاء اليمنية، حين أقدم المدعو أحمد حسين نجاد، البالغ من العمر 26 عامًا، وهو قيادي في جماعة الحوثي، باغتصاب الفتاة القاصرة “جنات” البالغة من العمر 10 سنوات، وتهديدها بالقتل في حال كشفت أمره.
وناشد والد الطفلة كل اليمنيين الوقوف إلى جانبه ومساندته في قضية اغتصاب طفلته، إلا أن انتماء الجاني لجماعة الحوثي وفر له الحماية القضائية والقانونية والقبلية, خاصة وأن عائلة الطفلة جنات تنتمي للطبقات الفقيرة.
وعلى الرغم من أن والد الضحية “جنات” سعى لتحويل قضيته إلى قضية رأي عام، إلا أن القبائل اليمنية تضغط عليه لتزويج ابنته من الجاني وإغلاق ملف القضية نهائيًا مقابل حصوله على مبلغ مالي.
ونشر والد الطفلة الضحية جنات “طاهر عبدالواحد السياغي” مقطع فيديو، ناشد فيه إنصافه وأخذ حق ابنته باعتبارها قضية شرف لكل اليمنيين. وقال: ما حصل مع طفلتي قد يحدث مع آخرين غيري.
وكشف والد الطفلة أن قيادات في جماعة الحوثي يضغطون عليه لتزويج طفلته من الجاني، وناشد الجميع الوقوف معه والانتصار لمظلوميته ومظلومية طفلته البريئة.
ووقعت حوادث مماثلة وتم التستر عليها أو إغفال ملفها بتزويج الضحية للجاني.
كما تحدثت تقارير إعلامية محلية ودولية، عن تعرض عدد كبير من السجينات لدى الحوثي للاغتصاب. فيما يتم إرغام البعض منهن للعمل لدى الحوثي كمخبرات لاستدراج الخصوم.
1800 امرأة في سجون الحوثي:
وبحسب مركز الاتحاد للأخبار، فإن الحكومة اليمنية أكدت أن جماعة الحوثي تمارس مختلف أنواع الانتهاكات الممنهجة بحق النساء اليمنيات، مشيرة إلى أن عدد النساء المحتجزات في معتقلات الحوثي منذ الانقلاب بلغن نحو 1800 امرأة من مخلف فئات المجتمع.
وقال مسؤول في الحكومة اليمنية إن النساء اليمنيات في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرة جماعة الحوثي، يتعرضن لممارسات قمعية وجرائم وانتهاكات ممنهجة منذ عام 2014، منها القتل والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب والاغتصاب والتهجير، وسياسات الإفقار والتجويع، وما فرضته الجماعة من قيود للتضييق عليهن وتقييد حرياتهن وقدرتهن على الحركة.
وأوضح المصدر، في تصريح نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن جماعة الحوثي اختطفت آلاف النساء من منازلهن ومقار أعمالهن والشوارع العامة ونقاط التفتيش، واقتادتهن للمعتقلات والسجون السرية، ولفقت لهن التهم الكيدية، ومارست بحقهن صنوف الابتزاز والتعذيب النفسي والجسدي والتحرش، على خلفية نشاطهن السياسي والإعلامي والحقوقي، بهدف الحد من حريتهن ومشاركتهن في الحياة العامة، وتقييد قدرتهن على الحركة في الشوارع والأماكن العامة وأماكن عملهن.
وكشف المصدر ان الإحصائيات التي وثقتها منظمات حقوقية متخصصة عن عدد النساء المحتجزات قسراً في معتقلات الحوثي منذ الانقلاب، بلغ نحو 1800 امرأة، بينهن حقوقيات وإعلاميات وصحفيات وناشطات، لا يزال المئات منهن قابعات خلف القضبان، حيث تم توزيعهن في السجن المركزي ومعتقلات سرية استحدثتها الجماعة في صنعاء، ومحافظات حجة وصعدة وذمار وعمران، فيما تم إطلاق المئات منهن بعد الضغط على أهاليهن وأخذ تعهدات منهن بعدم مشاركتهن في الاحتجاجات أو الكتابة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
قيود قاسية وممارسات قمعية:
وبحسب ناشطات، يتم تقييد حرية المرأة بالمناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين في الحضور العام وممارسة الحياة العامة، حيث تفرض عليها الجماعة قيوداً صارمة في اللباس والتصرفات اليومية، ولا يسمح لها بالتحرك إلا في نطاق ضيق تحدده الجماعة.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه المرأة اليمنية تمييزاً واسعاً في مجال التعليم وفرص العمل، حيث يتم منعها من الحصول على التعليم بنفس الفرص المتاحة للرجال، ويتم تحديد أدوارها بشكل تقليدي داخل البيت، دون احترام لرغباتها الشخصية أو طموحاتها المهنية. الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى نبذ وعزل المرأة عن محيطها ومجتمعها.
ختامًا..
إن ما ورد آنفاً نموذج بسيط من معاناة المرأة اليمنية بمناطق سيطرة الحوثيين، وما خفي كان أعظم، ولن تزول معاناة اليمنيين إلا بزوال تلك الجماعة الإرهابية، وأنه يتعين على المجتمع العربي والدولي المحب للحرية والإنسانية مد يد العون، والعمل على إنقاذ المرأة اليمنية وانتشالها من الوضع المزري الذي وصلت إليه.