أبقت الشهادات الجامعية في ركن مهجور .. الحرف المهنية تستحوذ على أسواق العمل.
كريترنيوز / تقرير / سامية المنصوري
انتشرت ظاهرة اجتماعية بين الشباب الجنوبيين في المناطق الجنوبية خاصة العاصمة عدن ألا وهي ظاهرة البطالة ، برغم من سعي الشباب وبحثهم الجاد عن الوظيفة ، ومن أسباب صعوبة الحصول على وظيفة هو أن عدد الباحثين عن عمل أكثر من عدد الوظائف الشاغرة.
وتُعرف ظاهرة البطالة (بأنها تعطل الأشخاص الراغبين بالعمل والقادرين عليه) وتعد البطالة من أهم القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تعكر صفو الاستقرار الاجتماعي من جيل إلى آخر، وهذه الظاهرة تشير إلى تعطل الكثير من العاملين في مختلف المجالات مما يترتب عليه قلة الإنتاج وأنخفاض الاستثمار وهذا بدوره يؤدي
إلى ارتفاع الأسعار وإلحاق الضرر الكبير بالمجتمع وخاصة العاطلين عن العمل، كما تؤدي البطالة إلى التخلف الاقتصادي لأنها سببا في بطئ النمو الاقتصادي ولاسيما في الدول النامية إذ أنها تعني وجود فئة من المجتمع قادرة على العمل وراغبة فيه بالأجر السائد ولكن لا تجد طريقها إلى سوق العمل.
الأمر المؤثر في هذه الظاهرة أن كثيرا من الشباب والشابات لا يجدوا الوظيفة رغم أنهم من خريجي دراسات عليا
وبكالوريا ومطلعين على الثقافات كما عرفوا أهالي الجنوب منذ القدم ، ما يجعلهم يضطروا إلى العمل بوظائف غير تخصصهم الدراسي، لتوفير لقمة العيش لاستمرار الحياة ولمساعدة أسرهم.
كما يلاحظ أن اتجاهات التوظيف في العاصمة عدن ومحافظة حضرموت “المكلا” ومحافظة لحج ” من أن
الشباب يواجهون “رياحًا معاكسة” أخرى في تحقيق النجاح في عالم العمل. ويشير هذا الأمر إلى أن الكثير من
الشباب في جميع أنحاء الجنوب هم من الشباب الذين لا يجدون فرص عمل، وفرص الحصول على وظائف لائقة لا تزال محدودة في الاقتصادات الناشئة والنامية.
فواحد من كل خمسة شباب، أو 20.4 في المائة، هو من الشباب الذين لم يلتحقوا بوظائف لائقة في عام2020 حتى 2024 .
وتبرز البطالة مشكلة كبيرة تفوق القدرة على مواجهتها والتعامل معها مع تمددها وارتفاع مستويات تفشيها بنسب قياسية، إذ تقدر تقارير اقتصادية تساوي مستويات الفقر والبطالة في الجنوب، حيث تتجاوز معدلاتهما
أكثر من 70%.
ومن غير المبالغة هناك شباب يعملون ببيع الوجبات السريعة في الشوارع وأمام المدارس والجامعات لكسب لقمة
العيش رغم تخرجهم من الجامعات.
فريق صحيفة “سمانيوز” نزل في جولة داخل شوارع مديرية الشيخ عثمان بالعاصمة عدن واستمع إلى أراء بعض العاملين والعاطلين ، منهم الشاب المكافح “عمار محمد” من سكان المديرية حيث شارك بحديثه قائلا : الحياة مؤلمة ولو كان بيدي لعملت في مجال تخصصي الجامعي ولكن لم أجد مكتب يقبلني للعمل معه فقد
ضاع وقتي وتعبي بالدارسة بالكلية لمدة أربع سنوات سدى ، وقد كان تخصصي قسم القانون فقد كنت أحلم منذ طفولتي أن اكون محاميا بارعا ، ولكن الظروف حكمت علي أن أترك شهادتي بركن مهجور وأبدأ بأخذ قرض من “بنك التضامن” وفتحت مشروعي لبيع الوجبات الخفيفة والعمل به أفضل من البحث بكل المكاتب عن وظيفة”.
رواتب بخيسة :
وبنفس القدر من القلق ، أشارت أُمنية قائد وهي خريجة اللغة العربية بالقول : لقد كنت من المتفوقين بالدراسة
وكنت احلم أن أعمل معلمة في المدرسة ، ولكن كما تعرف المدارس الخاصة برواتبها البخيسة ، لذلك أصرت علي أمي بمساعدتها بالعمل بجانبها بمشروعها ، وهو العمل ببوفية بأحد المدارس في لحج حيث نطبخ البطاط الشيبس والساندويش بأنواعه والعصائر وبعض المأكولات المعلبة”.
وأضافت مبتسمة : لا يهم نوع عملي على الأقل أنني بالمدرسة سواء معلمة أو بائعة ، على الأقل سوف يزيد دخل أمي قليلاً بمساعدتي لها، فهي تعاني من السكري والقلب وتحتاج أحد من أبنائها بجانبها”.
الفساد المالي الإداري :
المدرس علاء الدين صالح مدرس مادة الفيزياء” عن الفساد المالي والإداري شاركنا برأيه قائلاً : أهم أسباب البطالة لكونه يؤثر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وكذلك تأثيره على تطبيق وتنفيذ القوانين واتخاذ القرارات السليمة وبالتالي يؤثر على جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية”.
الغــــــــربة :
من جانبه، قال ماجد قاسم أحد سكان الأرياف بمحافظة الضالع : لا يزال معظم العمال الشباب يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية ويظلون في وظائف مؤقتة تجعل من الصعب عليهم المضي قدمًا في حياتهم كبالغين مستقلين ، وهذا ماجعل أغلب الشباب بالتفكير بالهروب من وضع البلاد المتعب والتوجه إلى الغربة، حيث أنه في الغربة يستطيع فتح بيت والزواج ومساعدة أسرته بسبل العيش”.
الجوع والفقر :
فيما يقول أحمد صالح عامل بالأجر اليومي : كل يوم بعد صلاة الفجر اتجه إلى جولة القاهرة بالشيخ عثمان وأجد هناك الكثير من الأشخاص غيري ينتظرون على أمل الحصول على ساعات من العمل تمكنهم من تغطية احتياجاتهم لعدة أيام إلى حين الحصول على فرصة عمل أخرى، حيث أنه يوم اجد عمل وعشرات الأيام لا يجد ما زاد ديوني في البقالات والصيدليات ، وفي الأيام الذي اجد عمل يعد يوم سعدي أنا وأسرتي ، حيث أعود إلى المنزل وبيدي بعض الخضروات والحليب لطفلي الرضيع البالغ من العمر6 اشهر”.
ويضيف صالح : اتمنى أن استقر بعمل وراتب حتى لا اجعل أسرتي وأبنائي تكره الفقر وتنجرف وراء الأعمال الخاطئة،
نتيجة الجوع والحاجة”.