تقارير وحوارات

قمع (طموح الطفل) سلوك تربوي خاطئ له تبعات خطيرة.. كيف نحد منه؟

كريترنيوز /صحيفة شقائق/ فتحية علي

 

العنف الأسري وإساءة معاملة الطفل وقمع طموحه وإجباره على التخلي عن أحلامه، والانصياع لرغباتنا وطموحاتنا بالقوة أو بالترهيب والترغيب يراه مختصون سلوكاً تربوياً خاطئاً غير سليم، له تبعات سلبية على الطفل والأسرة والمجتمع، قد يؤدي مستقبلاً إلى نشوء جيل غير سليم، جيل عدواني متعطش للانتقام، إرهاب وشيطنة وانحراف، وفي بعض الحالات فقدان الثقة بالنفس وأعراض نفسية وسلوكية سلبية قد تظهر باوساط الجيل المعنف.

 

وبحسب مختصين، يعاني الأطفال في الوطن العربي أنواعًا عديدة من العنف والقمع الأسري في المنزل، وصنوفا مختلفة من العنف والتحرش والتنمر في المدرسة والشارع. وغالباً تكون البداية أساسها المنزل، حيث العنف واحتكار الرأي وفرضه عنوة على الطفل، وكبح رغباته والمبالغة في رفض اختياراته، مثلاً عدم السماح له باختيار لون ملابسه أو الحذاء أو الحقيبة المدرسية، بالسيطرة التامة على جميع تفاصيل حياته صغيرها وكبيرها، (المبالغة في الدلال السلبي) يصبح مكبل فكرياً وسلوكياً (نحن نفكر بدلاً عنك، نحن نختار ما يناسبك، نحن نحدد ماهية مستقبلك). أصبحوا هم من يرسمون له مستقبله متجاهلين رغبة الطفل وطموحه في تحقيق أهدافه..

الأمر الذي يسهم بشكل كبير في تشكيل مستقبل يكتنفه الغموض والضبابية، ويسهم في اهتزاز شخصيته وتمييع مواقفه، وعدم القدرة على التمييز والاختيار عند المواقف التي تحتاج رأياً واضحاً ومسلكاً صريحاً، وكل ذلك ينعكس على مستقبله وحياته، ما يجعل منه شخصاً غير قادر على تحمل المسئوولية الملقاة على عاتقه أياً كان حجمها.

 

مليار طفل عرضة للعنف

 

قالت مصادر دولية إنه على الرغم من اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على حق الأطفال في الحماية من العنف، إلا أن مليار طفل يتعرضون إلى نوع من العنف العاطفي أو البدني أو الجنسي كل عام، ويموت طفل واحد نتيجة العنف كل خمس دقائق.

 

أسباب اقتصادية تجبر بعض الأسر على تعنيف أطفالها:

 

في مقابل قمع طموح الطفل عبر المبالغة في (الدلال السلبي)، توجد حالات عنف أخرى تفرضها أسباب موضوعية وذاتية، أهمها الفقر الناجم عن العيش في بلد يشهد صراعاً مسلحاً طويل الأمد، أو فساد مالي وإداري مسيطر على مفاصل البلد يصعب إزالته نتح عنه دولة فاشلة.

 

احتياج الأسرة للمال خصوصًا في حاله موت أو عجز رب الأسرة عن القيام بواجبه تجاه من يعول.

الاوضاع الاقتصادية أجبرت بعض الأسر على الدفع بأطفالها إلى سوق العمل وتحميلهم مسؤوليات أكبر من طاقاتهم وإمكانياتهم، وقد يكون بالإجبار والإكراه، وأحياناً باستخدام القوة من قبل أحد الوالدين، (المبالغة في العنف)، هكذا سلوك من شأنه أن يدمر أحلام وطموحات الطفل، إلى جانب ما يواجه الأطفال من مضايقات وتحرش من قبل أرباب العمل، وتنمر واستحقار من قبل أقرانهم،

ففي هكذا حالات يُفرض على الطفل التخلي عن طموحه وتغيير مسار حياته إجبارياً ليتماشى مع الوضع العام والبحث عن بدائل لتلبية احتياجات أسرته.

 

المشكلة أن هذه الحالة تكون معقدة ويرتبط حلها بحل مشكلة البلد بشكل عام. كما يتعين على الجهات الإنسانية المحلية والدولية سرعة التحرك لاحتوى أولئك الأطفال قبل انحرافهم وسقوطهم في مستنقع الإرهاب أو الجريمة الفردية أو المنظمة، بإعادتهم إلى المدرسة ودعم وتشجيع الموهوبين حتى تتحقق طموحاتهم وأهدافهم التي كان الفقر سبباً في قمعها.

 

ختاماً..

لقمع الطفل أسباب أسرية بحتة (مبالغة في الدلال السلبي)، وأخرى أسباب تتعلق بالوضع العام القائم في البلد وانعكاسه على الأسرة (مبالغة في العنف).. فالصراع المسلح والفساد بكافة أشكاله يؤديان إلى تفشي البطالة والفقر، ويصبح الطفل في هذه الحالة هو الضحية.

ولكن، في الحالة الأولى المبالغ فيها أو الإفراط في (الدلال السلبي) الناجمة عن سوء تصرف الأسرة مع الطفل، يتطلب تصويب الأخطاء وتوجيه وإرشاد الأسرة حتى تعطي الطفل فرصة لاختيار ما يناسبه وما لا يناسبه في الحدود المعقولة، لاسيما والمبالغة في الدلال تفسد أخلاق الطفل.

زر الذهاب إلى الأعلى