تقارير وحوارات

تغيير قناع الإرهاب.. كيف تعيد الجماعات المسلحة صياغة نفسها؟

كريترنيوز /تقرير /مريم سليم

في عالمنا اليوم، أصبح تغيير الهوية البصرية أو المفاهيمية أداة قوية للتأثير على الرأي العام. تستخدم الشركات والمنظمات وحتى الجماعات المختلفة هذه الأداة لجذب الجماهير أو تحسين صورتها العامة. تُعرف هذه العملية بـ إعادة التصنيف (ري‌براندينغ)، وغالباً ما تكون مرتبطة بأهداف إيجابية مثل التحديث والتكيف مع الاحتياجات الجديدة. على سبيل المثال، قامت شركة “فيسبوك” في عام 2021 بتغيير اسمها إلى “ميتا” لتتماشى مع رؤيتها المستقبلية.

لكن هذه الأداة ليست دائماً إيجابية. أحياناً يتم استخدامها لغسل السمعة وتطهير الماضي الأسود. في هذا السياق، تستغل الجماعات المسلحة والإرهابية هذه التقنية كأداة استراتيجية لإخفاء وجهها العنيف وإعادة تقديم نفسها بشكل مختلف على الصعيدين الإقليمي والدولي.

أهداف إعادة تصنيف الجماعات الإرهابية
على عكس المؤسسات التجارية التي تسعى لجذب العملاء، تستخدم الجماعات الإرهابية هذه العملية لتحقيق أهداف مثل:

– تعزيز الشرعية السياسية
– جذب أعضاء وداعمين جدد
– تخفيف الضغوط الدولية
– التستر على الجرائم الماضية
– إعادة الهيكلة الداخلية

تعتمد هذه الجماعات بشكل كبير على وسائل الإعلام والاتصالات الاستراتيجية لإعادة تقديم نفسها. ورغم أن هذه التغييرات قد تساعدها في كسب النفوذ وقبول الرأي العام، إلا أن الفارق بين التغييرات الشكلية والتحولات الحقيقية في أفعالها يجب أن يخضع لتحليل دقيق.

من داعش إلى الجماعات المسلحة في إدلب: تغيير الأسماء لا يغير الحقائق
أحد أبرز الأمثلة على هذه الظاهرة يمكن ملاحظته في الجماعات المسلحة في إدلب، سوريا. هذه الجماعات التي كانت سابقاً على صلة وثيقة بداعش وغيرها من الجماعات التكفيرية، تحاول اليوم تغيير أسمائها وأعلامها وخطابها للتخلص من وصمة العنف التي التصقت بها، وتقديم نفسها كـ “معارضة معتدلة”.

الهدف الرئيسي من هذا التحول هو كسب الدعم الدولي، والتهرب من العقوبات، والاستمرار في السيطرة على المنطقة. ولكن السؤال الجوهري هو: هل يمكن لتغيير الأسماء والخطاب أن يمحو الجرائم ويغير الطبيعة الحقيقية لهذه الجماعات؟

أهمية تجنب ازدواجية المعايير
على المجتمع الدولي أن يكون حذراً من الوقوع في فخ ازدواجية المعايير. إذا كانت داعش قد أُدينت بشكل صحيح كتهديد عالمي، فإن الجماعات الأخرى التي تتبع نفس الأيديولوجيا والسلوكيات العنيفة يجب أن تخضع لنفس الحكم، بغض النظر عن محاولاتها لتغيير صورتها.

مكافحة الإرهاب تتطلب الشفافية والالتزام بالمبادئ والثبات على المواقف. الجماعات الإرهابية، حتى لو غيرت أسماءها أو مظاهرها، تظل بنفس الطبيعة المدمرة، ولا ينبغي أن ننخدع بأقنعة جديدة تحمل نفس الأهداف والأساليب القديمة.

زر الذهاب إلى الأعلى