تقارير وحوارات

الموت المنتظر.. “الأدوية المهربة” من المسوؤل، وأين دور السلطات في الجنوب..؟

كريترنيوز / تقرير / محمود أنيس

مازال الجنوب يعاني من تعدد الحروب والأزمات وأعمال التهريب والتي تزايدت بعد الحرب والاجتياح الحوثي لمحافظات الجنوب، فقد شهدت الجنوب أبشع الجرائم التي جرّمها ديننا الإسلامي ويُعاقب عليها القانون.

ومن تلك الجرائم التي ترتكبها أيادي وضعفاء النفوس عديمي الإنسانية، تهريب الأدوية التي تأتي من جهات مجهولة دون مراقبة من الجهات المختصة في وزارة الصحة، حيث تتعرض تلك الأدوية إلى سوء تخزين كما يجعلها عرضة للإتلاف وغير صالحة للاستخدام الإنساني بشكل عام،حيث تتسبب تلك الأدوية المهربة في وفاة الكثير من المرضى نتيجة استخدامهم لتلك الأدوية المهربة التي غزت معظم المستشفيات والصيدليات والعيادات الطبية،والتي تزايدت في الآونة الاخيرة.

الأدوية المهربة التي غزت معظم المستشفيات والصيدليات الطبية تأتي بطريقة مزورة وغير مطابقة للمواصفات والمعايير الصحية، ومنها منتهي الصلاحية وبعضها تالف بسبب سوء وانعدام طرق التخزين والنقل والشحن اللازمة.

حيث شهد الجنوب والعاصمة عدن خاصة انتشاراً لعشرات الأصناف من الأدوية المُهربة والمزورة على رفوف الصيدليات ، وبحسب أرقام وبيانات عشوائية والتي تم الحصول عليها من قبل مسؤولين وتجار أدوية اشارا إلى انتشار نسبة كبيرة من الأدوية المُهربة، والأدوية المنتهية، ضمن السوق الدوائية في العاصمة عدن. ومن الطبيعي في ظل انهيار الدولة ألا تتوفر إحصائيات دقيقة وحديثة عن حجم الأدوية المهربة في البلاد؛ لكن التقديرات الرسمية لوزارة الصحة قبل عام 2015، تشير إلى أن الدواء المهرب يشكّل ما يفوق 50% من الأدوية المتوفرة في الأسواق.

ومع الوضع الحالي زادت عملية التهريب بشكل كبير جدا أضعافا مضاعفة حسب ماكان عليه الوضع السابق والدليل على ذلك كمية الأدوية التي تم ضبطها وهي قادمة من خلال المنفذ الجوي إلى جانب البحري وأيضاً البري، إلا أن عملية التهريب تشهد تزايدا من خلال المنفذ الجوي، وكانت هناك عملية إفشال عملية تهريب الأدوية في مطار العاصمة عدن الدولي.

الأدوية المهربة رصاصة قاتلة للمرضى :

تسببت الأدوية المهربة في العديد من الأمراض التي أصيب بها المتعاطي لها، حيث شكا العديد من المرضى الذين كانوا مصابين بأمراض حميدة من الإصابة بأمراض خطيرة ومنهم من فقد حياته .

يقول العم سمير مهدي الذي أصيب بجلطة بأن والده مصاب ويستخدم انسولين إلا أن ذلك الدواء لم يجر مفعوله المطلوب ويخفض السكر، بل ظل كماهو عليه. حيث تدهورت حالة الوالد حتى أصيب بالجلطة واتضح حينها مع الفحوصات والإجراءات الطبية أن الانسولين المستخدم والمتوفر بالسوق كان تقليديا ، وهذا هو السبب الرئيسي في تدهور حالة الوالد.

فيما يقول المريض سعيد عمر : أنا مريض بالفشل الكلوي ولكن قبل إصابتي بهذا المرض كنت أعاني من مشاكل بسيطة بالكلى وللأسف خلال فترة العلاج تفاجأت بإصابتي بالفشل الكلوي والسبب هو استخدامي لأنواع من الأدوية والتي اتضح موخرا أنها منتهية الصلاحية، ومنها مهرب حسب إفادة بعض الاطباء، وهذا الأمر جعلني أعمل غسل كلى مرتين في الأسبوع.

تهريب الأدوية تجارة مربحة :

أصبحت الأدوية المهربة مصدر ربح وكسب الأموال من التجار الدوائيين. فاصحاب الصيدليات وتجار الأدوية يلجؤون للأدوية المهربة التي سعرها يكون عليهم بسعر أقل بكثير من السعر الرسمي وبالمقابل يجرى بيعها وكانها رسمية وبأسعار جنونية.

وللتوضيح أن الأدوية المهربة تنقسم إلى قسمين : أدوية مهربة مزورة ومقلدة مجهولة الهوية وهي خطرة جدًا، وأدوية أخرى تكون مهربة لكنها أصلية تعود لشركات أصلية وتدخل البلاد بطرق غير قانونية.

وبحسب حديث أحد الصيدلانيين قال إن السبب الذي يدفع الصيدليات والتجار للحصول على الأدوية المهربة، هو عدم استيراد تلك الأدوية الرسمية من وكلاء للشركة الأم.

وأضاف : إن الأدوية المهربة فهي رخيصة مقارنة مع الأدوية الرسمية، ما يسمح للصيدلاني بتحقيق الأرباح الكبيرة”.

شبكة تهريب :

يبدو أن هناك شبكة متكاملة منظمة تعمل على إخراج التصاريح والسماح بدخول الأدوية المهربة إلى الجنوب بطرق غير قانونية. فهناك من يقوم بالتعاقد على شرائها والترتيب لجلبها للبلاد، ومن ثم يأتي مسؤولين النقل الذين يقومون بنقلها لداخل البلاد بالتنسيق مع شبكة التهريب والتي سوف تعمل تسهيلا لعملية التهريب عبر الجمارك أو هيئة المواصفات وغيرها من المرافق.

فجماعات التهريب ليسوا أشخاصا عاديين، بل أن هناك مسؤولين وشخصيات وجهات مشتركة تقوم بعمليات التهريب في الداخل والخارج من تجار ومسؤولين وسماسرة.

دور السلطات :

هناك دور ملموس للسلطات الأمنية فيما يخص عملية الحد من تهريب الأدوية ، حيث استطاعت الأجهزة الأمنية في مطار العاصمة عدن من إفشال وإحباط أكثر من عملية تهريب الأدوية.

ختاما ..

على وزارة الصحة والسكان في العاصمة عدن أن تقوم بواجبها المهني والمسؤول في مراقبة دخول الأدوية، والنزول الميداني إلى الشركات الدوائية والصيدليات والمستشفيات والعيادات، للكشف عن الأدوية التي انتهت صلاحيتها أو تعرضت لسوء التخزين. كما يجب على أصحاب الصيدليات والعيادات الطبية أن يخافوا الله في خلقه، وأن يحترموا المهنة التي يعملون فيها، وأن يقوموا بعملهم بأمانة وإخلاص دون ضرر أو ضرار.

زر الذهاب إلى الأعلى