جنوبيات.. وثبات الشدة سلماً وحرباً

كريترنيوز /صحيفة شقائق/ تقرير / أنسام عبدالله
سعت المرأة الجنوبية إلى الاستقرار الشامل إبان حرب 2015، وذلك إيماناً منها بضرورة استمرار الحياة والنهوض مرة أخرى، وإن كان من وسط الركام ومخلفات الحرب.
حيث كانت المرأة ممن استهدفتها هذه الحرب الظالمة كباقي الفئات من شعبنا المناضل، فهي أم الشهيد وأخته وزوجته، وتحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع بأسره.
وأكدت الأستاذة رابعة السقاف، مدير إدارة المرأة والطفل بالهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة لحج، على الأدوار المهمة التي تؤديها المرأة الجنوبية، سواء كانت أدواراً نضالية أو مدنية، ففي الجانب النضالي كانت رافداً قوياً للثورة الجنوبية وعاملاً مساعداً جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، إذ تشهد ساحات النضال لها بذلك.
كما أنها اليوم تؤدي أدواراً مدنية مهمة في المجتمع، فهي الأم والمربية الفاضلة والطبيبة والقاضية والمحامية التي جعلت من قضايا مجتمعها الجنوبي همها الأول والأخير. إن أدوارها السامية اليوم والتي تؤديها بثبات رغم ما يتعرض له الشعب الجنوبي من تضييق خدماتي واقتصادي يجعلها في خط الدفاع الأول داخلياً عن مكتسبات الوطن والثورة.
كما أردفت الأستاذة السقاف مبينة الدور الكبير الذي يقدمه المجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج للنساء، وبتوجيه مباشر من الرئيس عيدروس الزٌبيدي، فيما يتعلق بعمل المؤسسات والجمعيات النسوية، حيث أنشأت المرأة الجنوبية هذه الكيانات النسوية الخاصة بها، وفي إطار منظمات المجتمع المدني الداعمة لتمكين المرأة، إذ يتشعب عملها ليشمل مجالات حيوية عدة تتعلق بالأسر الأكثر فقراً، ورعاية الأيتام، بالإضافة إلى دعم الشباب.
كذلك استفادت المرأة الجنوبية من الدعم التعاوني الذي تقدمه هذه الجمعيات النسوية لإنشاء مشاريعها الصغيرة، والتي تكفل لها ولأسرتها حياة كريمة.
وعن تقييمها لأداء المجلس الانتقالي في احتواء المرأة مؤسسياً، أكدت رئيسة إدارة المرأة والطفل بالمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة لحج على الاهتمام الكبير الذي يوليه المجلس بالمحافظة للمرأة الجنوبية، فهو دافع لها ويدعمها بقوة من خلال قنوات كثيرة منها الجمعيات سالفة الذكر، أو عن طريق تأهيلها مهنياً بإشراكها في دورات وورش من شأنها رفع مستواها وإكسابها مهارات تمكنها من الإنخراط في سوق العمل بثقة.
كما لا ينحصر الدعم على المستوى المؤسساتي فقط، بل يدعم مشاركتها السياسية وصولاً إلى مراكز صنع القرار، إيماناً منه بمصداقيتها وجديتها.
هذا وكان قد تم إشهار مجلس اتحاد الجمعيات والمؤسسات في لحج في الشهور المنصرمة، إيذاناً بتوحيد جهود المرأة الجنوبية في إطار واحد يسعى إلى توجيه مساعي النساء في المحافظة نحو التطور والإنجاز، وبما يضمن الحصول على دعم منظماتي مستمر مما يؤمن استدامة تلك المشاريع والأنشطة النسوية.
الشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل:
بدورها سعت إدارة المرأة والطفل بالمجلس إلى شراكة حقيقية وفعالة مع مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، برئاسة الأستاذ صائب عبدالعزيز، والذي بدوره سهل عمل هذه الكيانات النسوية، لا سيما المراكز النسوية الخاصة بالمديريات، إذ يوجد في كل مديرية مركز نسوي تترأسه إحدى الكوادر النسائية الجنوبية بالمديرية، ويضم هذا المركز جميع المؤسسات والجمعيات الواقعة في إطار جغرافي واحد، مما يسهم في بلورة الجهود بصورة مؤسسية أكثر.
ومن النماذج المشرفة هو مركز صبر النسوي الذي تترأسه الأستاذة سبأ العزيبي، بالإضافة إلى جمعيتها الفعالة. يضم المركز مختلف الجمعيات والمؤسسات بتبن، حيث تبذل الأستاذة سبأ جهوداً كبرى ماثلة للعيان، حيث يخدم المركز النساء المنتجات من ذوات الصناعات الحرفية المختلفة، بمنحها دعماً مبدئياً لمشروعها الصغير ومن ثم اكتفاءها ذاتياً.
مازال الدعم مستمراً:
وبسؤالها هل ستكتفون بالدعم الإشرافي أم أن هناك توجهات لتدخلات مباشرة؟ أكدت الأستاذة رابعة أنه في العام القادم 2025 سيكون الدعم منهم مباشراً للمراكز النسوية، والتي يعولون عليها بشكل كبير، وعلى الجمعيات والمؤسسات التي يضمها كل مركز، وذلك لمساعدة النساء خاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
تحديات تواجه العمل النسوي:
وإذا تطرقنا إلى أهم التحديات التي تواجه العمل المجتمعي النسوي الجنوبي، فإننا نستطيع القول إن الوضع الاقتصادي المُر الذي يعيشه المجتمع الجنوبي، يعتبر أكبر عائق في طريق المرأة الجنوبية المنتجة، وفي ظل شحة الإمكانات المادية التي يتطلبها سوق العمل، فأسعار خامات تلك المنتجات ترتفع قيمتها يوماً بعد يوم، بالإضافة إلى ضعف تمثيل المرأة في السلطة المحلية، وبالتالي الاكتفاء بوجوه معينة يتم تكرارها في أغلب المناصب الإدارية التي تخص شؤون المرأة، رغم أن هناك نماذج نسائية جنوبية مشرفة قد برزت في العمل المجتمعي، مما جعل مختلف المنظمات والكيانات الأخرى تسعى للشراكة معها، وذلك للاستفادة من خبراتها والبناء عليها، لتسهيل تدخلاتها الملحّة سعياً منها للوصول إلى السلم والاستقرار الاجتماعي، فالمرأة الجنوبية قادرة على العطاء والنجاح بشكل ملفت في مختلف الظروف، ولا تقف عند حد معين من الإنجاز، فهي مؤثرة بشكل مباشر في المجتمع.
وفي سياق دعمها للأطفال المبدعين، لا سيما ما يتعلق بالحساب الذهني، تستمر دائرة المرأة والطفل في تبني الأطفال الموهوبين في هذا المجال ودعمهم بتذاكر سفر لتمثيل لحج في المحافل الإقليمية والدولية.
دورها الريادي مدنياً مازال مؤثراً:
في الشأن ذاته، مازالت المرأة الجنوبية تناضل في الميدان كوسيط تجاري بين المواطن البسيط وأصحاب رؤوس الأموال من مختلف التجار. ورغم تراجع تجارة (الدلالات) بشكل ملحوظ عما كانت عليه في السنين السابقة، إلا أنها لم تستسلم ومازالت تحارب لأجل تحريك مياه السوق الراكدة بفعل الغلاء الموجه ضد شعبنا، آملة في الوقت ذاته استقرار الأوضاع اقتصادياً لصالح الجميع.
مما تقدم نستطيع القول إن المرأة الجنوبية حائط الصد الأول للجبهة الداخلية الجنوبية بثباتها وتحملها مسؤوليتها تجاه عائلتها ومجتمعها، فهي لم تستسلم على مختلف الأصعدة، متكئة في ذلك على تاريخ طويل من النضال والذي أهلها لتكون اليوم بهذه الصورة المشرفة.