تقارير وحوارات

الحرف اليدوية.. هل مازالت تؤدي دورها؟

كريترنيوز /شقائق /تقرير/ أنسام عبدالله

لطالما كانت الحرف اليدوية مصدر دخل مهم للكثير من أسر مناطق الجنوب، لا سيما المناطق الريفية، حيث تعتاش المرأة من خلالها وتؤمّن احتياجات أسرتها.
إلا أنه ومع اتساع رقعة الاقتصاد السريع منذ ما يقارب الثلاثين عاماً، ومع ارتفاع نسب التحاق الفتيات في الريف بالمدارس، وكذلك مع تزايد قنوات الاقتصاد المنزلي والمعتمد بدرجة أولى على المنتوجات الغذائية، أصبحت هذه الحرف في ذيل القائمة كصناعة ومصدر رزق لكثير من الأسر المنتجة، على الرغم من أهميتها الصحية والتراثية والجمالية.

ورغم ذلك، ما زالت هناك بعض النسوة يحتفظن بحرفهن اليدوية ويتوارثنها جيلاً بعد جيل. إذ أكدت أم محمد من قرية الشقعة بمحافظة لحج، والتي تعمل بصنع ( المسارف، والجعاب، والمشاجب، والمكانس) على أنه لم يعد الإقبال على هذه الصناعة كثيراً، حيث استبدل الناس الأواني المنزلية البلاستيكية المضرة بهذه المصنوعة من الخزف والتي تعتبر صحية أكثر.

من جانبها، أوضحت الأستاذة سماح علي، إحدى الناشطات المجتمعيات بمدينة الحوطة، أن هذه الحرف أصبحت مكلفة، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام، والتي أغلبها من منتوجات (سعف أشجار النخيل). وأرجعت أسباب هذا الارتفاع إلى تراجع الزراعة، وبالتالي ندرة هذه الأشجار وارتفاع تكاليف استخراج هذه المواد الخام. على العكس من المعروضات الأخرى في السوق من أدوات منزلية استهلاكية تعتمد على البلاستيك بالدرجة الأولى في صناعتها، والتي تُباع بسعر أقل تكلفة مقارنة بالصناعات الخزفية.

إلا أنه برزت في الآونة الأخيرة أدوار مجتمعية داعمة قدمتها بعض المؤسسات النسوية والمنظمات العاملة، وذلك لدعم النساء العاملات بهذه الحرف اليدوية الأصيلة، حيث تعطى لهن مبالغ معينة كرأس مال مبدئي، وصولاً إلى جني الأرباح والتكسب.

بدورها، نوّهت نور منصور – إحدى الحرفيات – إلى أنه تبقى هذه الحلول الإسعافية والإنعاشية مؤقتة، وليست ذات تأثير مستدام على المدى البعيد، إذ أن الحل الأمثل يكمن في عودة الزراعة لسابق عهدها، والتي تعتمد هذه الحرف عليها بدرجة أساسية في توفير احتياجاتها. كما أشارت إلى أن التسويق يشكل عائقاً كبيراً أمام تلك المنتجات الخزفية، إذ أنها لا تجد ترويجاً ملائماً، ويقتصر فقط على العرض في زوايا محددة في الأسواق.

إن هذه المنتجات الحرفية الصحية على ندرتها إلا أنها مازالت تلقى اهتمام عدد من المحبين للمقتنيات التراثية، وذلك لما تحمله من لمسات جمالية بألوانها الزاهية،ط.. لذا يعمدون إلى شرائها بل والبحث عنها إيماناً منهم بجودتها كمنتج وجماليتها كتحف ذات مناظر مميزة، تضفي جوّاً من العودة لماضي الأجداد وإرثهم الحرفي، كذلك لكونها صحية كما أسلفنا.

وفي كلمة لها، طالبت أم سارة، من قرية الحمراء، كل ذوي الاختصاص بتقديم المزيد من الدعم لهذه الحرف وممتهنيها، لضمان استمرارها ولمساعدة النساء المحترفات لهذه المهن ودعمهن، كونها ليست مجرد مصدر دخل فقط، وإنما من الموروث الشعبي الجنوبي الذي يعبر عنا والواجب الحفاظ عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى