تحليل: هل تستغل القوات الموالية للشرعية الغارات الأمريكية لتحرير صنعاء؟

كريترنيوز/ تحليل / محمود أنيس
تشن الولايات المتحدة الأمريكية، منذ ديسمبر 2024، حملة عسكرية لاستهداف مواقع ومعسكرات وقيادات مليشيات الحوثي الإرهابية، بعد رفض الجماعة إيقاف تهديداتها المتكررة للملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، واستهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وزدات الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين ضراوة منذ 15 مارس الماضي، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن حملة عسكرية شرسة تستهدف مليشيات الحوثي تستمر مائة يوم، متوعداً إياها باستخدام “قوة مميتة” و”القضاء الكامل” على قدراتها.
واستهدف الطيران الأمريكي بعدة ضربات دقيقة، خلال الأيام الماضية، منشآت لتخزين الصواريخ ومرافق القيادة والسيطرة التي يديرها الحوثيون في صنعاء وصعدة وغيرها من المدن اليمنية الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، بحسب إفادة القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم).
وتزامناً مع الغارات الجوية الأمريكية المكثفة ضد مليشيات الحوثي، والتي أفقدتها الكثير من قدراتها العسكرية، وقضت على العديد من قياداتها البارزين، فإن بعض التقارير تشير إلى أن هناك استعدادات لتحركات برية أمريكية تستهدف الحوثيين في اليمن، وبالتحديد في محافظة الحديدة لتحريرها منهم، والتي تعتبر شريان الجماعة الحيوي، إلا أنه حتى الآن ليس هناك أي تصريحات رسمية واضحة أو استعدادات من قبل الحكومة اليمنية الشرعية، تؤكد استغلالها للحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين للتحرك ميدانياً نحو تحرير صنعاء، وبقية المدن اليمنية من قبضة مليشيا الحوثي. وقد يكون هناك تعاون بين الطرفين، ولكن التفاصيل الدقيقة لهذا التعاون ليست واضحة تمامًا.
وفي مقابل ذلك، اكتفت الحكومة اليمنية (المعترف بها دولياً) بالترحيب بالتحركات الأمريكية ضد الحوثيين، معتبرة إياها دعمًا لجهودها في استعادة السيطرة على الأراضي اليمنية.
وبخصوص استغلال الحكومة اليمنية الشرعية للتحرك الأمريكي والغربي للتخلص من الحوثي لتحرير صنعاء، فإننا نستعرض ذلك وفق تقارير متعددة الجهات. حيث أن هناك تحركات محتملة للقوات اليمنية الموالية للشرعية صوب صنعاء، لكن لا يوجد تأكيد رسمي على تزامن هذه التحركات مع الضربات الأمريكية.
وعلى الرغم من أن القوات التابعة لطارق صالح في الساحل الغربي، شنت خلال الأيام القليلة الماضية هجومًا بريًا في الساحل الغربي، استهدف مواقع لقوات الحوثي جنوب محافظة الحديدة الساحلية، والتي جاءت تزامنًا مع بدء الضربات الأمريكية على المليشيات. الا أنه لا يوجد أي تحرك مماثل للقوات الموالية للحكومة الشرعية في باقي الجبهات، رغم أن رئيس المجلس الرئاسي د. رشاد العليمي قد دعا لتوحيد الصفوف لمواجهة الحوثي في كلمة له بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك المنصرم.
هذا بالإضافة إلى أن وزير الدفاع اليمني الفريق محسن الداعري، أكد في تصريح له على جاهزية القوات المسلحة اليمنية للتحرك نحو العاصمة صنعاء، مشيرًا إلى وجود خطط استراتيجية كاملة لاستخدام القوات بشكل عام. إلا أنه شدد على أن القرار يعتمد على تطورات الوضع السياسي والعسكري في البلاد.
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن الحوثيين يدركون تمامًا أن أي حرب برية ستؤدي إلى هزيمتهم الساحقة، وأنهم يلجأون إلى سياسة التهديدات والتصعيد الكلامي لتأجيل المواجهة الحتمية.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن التحركات العسكرية البرية قد تكون هي الحل الوحيد لإنهاء إنقلاب مليشيا الحوثي، وتحرير العاصمة اليمنية صنعاء وبقية المحافظات الشمالية الأخرى واستعادة الدولة اليمنية من قبضتها.
إلا أن هناك عدة أسباب قد تفسر عدم تحرك القوات اليمنية الموالية للشرعية صوب صنعاء، تزامنًا مع الضربات الأمريكية على مواقع الحوثيين، ومن تلك الأسباب انتظار نتائج الضربات الأمريكية، ومن تلك الأسباب:
انتظار تقييم الضربات
فقد تكون القيادة اليمنية تنتظر تقييم نتائج الضربات الأمريكية على الحوثيين، قبل اتخاذ أي خطوات عسكرية برية، لتحديد أفضل السبل للاستفادة من هذه الضربات.
تجنب التصعيد
من جانب آخر، قد يكون سبب عدم تحرك قوات الحكومة اليمنية الشرعية ميدانياً، هو تجنب التصعيد العسكري الواسع النطاق، خاصة مع وجود مخاوف من أن تؤدي المواجهات البرية إلى تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي في اليمن.
التركيز على المفاوضات
كما أن الشرعية قد تركز على المفاوضات والجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار، والوصول إلى حل سياسي بدلاً من الدخول في مواجهات عسكرية مباشرة.
الاستفادة من الضغط الدولي
وفي إطار آخر، يمكن أن تستفيد الحكومة اليمنية من الضغط الدولي المتزايد على الحوثيين، بما في ذلك الضربات الأمريكية، لتعزيز موقفها التفاوضي وتحقيق مكاسب سياسية دون الدخول في حرب برية واسعة.
إلا أن مقابل ما استعرضناه، فإن هناك قيادي عسكري في وزارة الدفاع اليمنية أوضح بأن التحرك العسكري يتطلب تخطيطًا دقيقًا. حيث أكد أن التحرك العسكري نحو صنعاء يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا دقيقًا وتنسيقًا مع القوى الإقليمية والدولية. وهو ما يشير ربما إلى أن الحكومة اليمنية قد تكون بصدد إعداد هذه الخطط والتنسيقات اللازمة.
وأشار القائد العسكري إلى أن الوضع في اليمن معقد ومتعدد الأوجه، وقد تتأثر القرارات العسكرية والسياسية بمجموعة واسعة من العوامل الداخلية والخارجية.
وبحسب مراقبين عسكريين مهتمين بالشأن اليمن، فإن هناك عدة سيناريوهات محتملة حول ما إذا كانت الشرعية ستستغل التحرك الأمريكي والغربي لتحرير صنعاء والتخلص من الحوثي، وهي:
1- التعاون العسكري
قد تتعاون الشرعية مع الجهود الأمريكية والغربية لتنفيذ عمليات عسكرية مشتركة تستهدف الحوثيين في صنعاء ومناطق أخرى.
2- الدعم اللوجستي والاستخباراتي
قد تتلقى الشرعية دعمًا لوجستيًا واستخباراتيًا من الولايات المتحدة والغرب، مما يمكنها من تعزيز قدراتها العسكرية وتحسين استهدافها للحوثيين.
وفي هذا الجانب، أوضحت قيادات عسكرية يمنية أمراً هاماً حول إمكانية تحرك قوات الشرعية والقوات الموالية، وهو أنه لا توجد ثقة كافية ببعض القوات المدرجة تحت مسمى الجيش الوطني.
وأكدت تلك القيادات أنه كان هناك إمكانية لقوات الجيش اليمني للتقدم صوب صنعاء، في الوقت الذي كانت الحرب مشتعلة ين الشرعية والحوثي.
وعلى الرغم من الحكومة اليمنية الشرعية تتلقى دعماً كبيراً من التحالف العربي لمواجهة الحوثي وتحرير الأراضي اليمنية من قبضتهم، إلا أنه للأسف لم تستغل ذلك الدعم أو تستفيد منه، مما تسبب بخذلان دول التحالف العربي وأيضاً الشعب اليمني الذي ينتظر بفارغ الصبر الخلاص من تلك المليشيات الحوثية الإرهابية السلالية.
ختامًا..
تبقى موضوع تحرك أو استغلال قوات الشرعية الأحداث الجارية والتحرك الأمريكي، مجهولاً حتى هذه اللحظة، رغم أن الفرصة مناسبة جداً لتضافر الجهود للقضاء على مليشيا الحوثي، التي أوغلت في جرائمها بحق الشعب اليمني.