تقارير وحوارات

(سد حسان) بمحافظة أبين.. حلم مزارعي الدلتا يُوشك أن يصبح حقيقة

كريترنيوز/ تقرير

توشك المرحلة الأولى من مشروع إنشاء وتشييد سد حسان بمحافظة أبين على الانتهاء، بتكلفة بلغت حوالي 78790 مليون دولار، بتمويل من صندوق أبوظبي للتنمية بدولة الإمارات العربية المتحدة.

المشروع عبارة عن إنشاء سد رئيسي في وسط مجرى وادي حسان، يصل عرض قاعدته 60 متراً وبارتفاع 18 متراً، يتكون من ثلاث فتحات جانبية وحاجز ترابي بطول 2,5 كيلومتر، إلى جانب عمل حماية بالجايبون الشبك مع الأحجار.

وتكمن أهمية سد حسان في التحكم بجريان الفيضانات وسيول الأمطار، وتنظيم الري للأراضي الزراعية في مناطق دلتا أبين وفي إطار وادي حسان. حيث ظل المزارعون في المحافظة على مدى سنوات طويلة يواجهون خطر الأضرار جراء جرف مزارعهم وتدمير محاصيلهم بفعل السيول والفيضانات، وهو ما قلل بشكل كبير المساحة الزراعية وأثر على إنتاج المحاصيل.

تتشكل من السد الواقع بوادي حسان بمديرية خنفر محافظة أبين (دلتا ابين)، وتعد أراضي الدلتا من أخصب الأراضي الزراعية في الجنوب، وتضم عدة أودية أهمها وادي حسان ووادي بناء.

مشروع استراتيجي واعد:

سد حسان مخزون مائي ومشروع استراتيجي اقتصادي هام، من المتوقع أن يحدث نهضة ونقلة نوعية في قطاعات الثروة الزراعية والحيوانية والمائية على مستوى محافظة أبين خاصة والجنوب عامة. وتوقع مختصون ومصادر رسمية أن يغذي أكثر من 14 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في دلتا أبين عقب اكتمال إنجازه.

مشيرين إلى أن منسوب جريان المياه الموسمية في الوادي تصل إلى 40 مليون متر مكعب، حيث سيبلغ مخزون السد بعد إنجاز المرحلة الأولى منه إلى 19,5 مليون متر مكعب، بمقدار 50% من منسوب المياه الموسمي.

وقدر مختصون أن يصل عدد المستفيدين من مشروع السد المستقبلي أكثر من 13 ألف مزارع، كما أنه سيغذي 75 بئراً لمياه الشرب لمحافظات (أبين، لحج، عدن)، وعامل مهم في مكافحة التصحر، وسيرفع منسوب المياه في الآبار، وهو ما سيعود بالاستقرار الكبير على قطاع الأمن المائي والزراعي في دلتا أبين والمناطق المجاورة.

تم تسليم الموقع (المرحلة الأولى) للجهة المنفذة بشكل رسمي، وهي شركة كندية تدعى (O.M) من قبل شركة (SH) للاستشارات الهندسية في فبراير 2023م، بما فيها 3 أشهر تجهيز الموقع.

تعتزم وزارة الزراعة والري والثروة السمكية بناء السد عبر وادي حسان وأربعة من هياكل السدود، مع تجديد نظام القنوات وهياكلها عند منبع السد في منطقة دلتا أبين بالقرب من عدن.

بعد إجراء دراسة الجدوى والدراسة الهندسية التفصيلية، تم تحديد مجال عمل المشروع في المرحلة الأولى، كما هو موضح أدناه:
أعمال سد وادي حسان والمنشآت الملحقة، وطريق الوصول إلى موقع السد.

تتألف الأعمال في وادي حسان من أربعة سدود، وفتحات للقنوات، وهياكل النقل ذات الصلة، والطرق على طول القنوات والسدود، وطريق الوصول، وأعمال التدريب على التشغيل والصيانة.

يقع المشروع على بعد (77) كيلومتر شمال شرق العاصمة عدن، في وادي حسان بجانب قرية الميوح بمحافظة أبين.

غاية لا تزال حلماً:

في سياق ذلك، أفاد متابعون لسير عمل المشروع أن الأمور في بداية العمل سارت على احسن ما يرام، حتى تسلل الجشع والطمع إلى القلوب فتغير المسار من تشييد السد الى تشييد وإعمار الجيوب، بالمتاجرة على حسابه، مستغلين بنود الاتفاق المبرمة بين الحكومة اليمنية ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي تنص على إعفاء الشركة المنفذة للمشروع من الجمارك، والسماح لها باستيراد المواد اللازمة لإنجازه، بحسب ما جاء في بلاغ صادر عن اللجنة التحضيرية لمبادرة (معاً لإنقاذ أبين ونجاح التنمية)، تناولته عدة وسائل إعلام.

تطرق البلاغ – الذي كان موجهاً إلى النائب العام وإلى عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عبدالرحمن المحرمي، ودولة رئيس الوزراء أحمد بن مبارك، ونائب رئيس مجلس النواب محمد الشدادي، وإدارة صندوق أبوظبي للتنمية – إلى سير العمل في المشروع، وعن فساد وتلاعب رافقا عملية تنفيذه وأديا إلى تعثر استكماله.

وفي ختام بلاغ اللجنة المطول، طالبت كافة الجهات المسؤولة المذكورة بالتحقيق الفوري والعاجل، وإعادة بناء وتشييد سد حسان كمشروع حيوي استراتيجي، وبمواصفات السدود العملاقة، ومحاسبة المقصرين.

فكرة متعثرة:

تعود فكرة إنشاء وتشييد سد حسّان إلى سبعينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين ظل مجرد فكرة مركونة في المكاتب دون اعتماد رسمي حتى العام 2008م، حيث تم الإعلان عن توقيع اتفاقية بين اليمن ودولة الإمارات العربية المتحدة، تقوم الأخيرة بتمويل بناء وتشييد السد في وادي حسّان بمديرية خنفر محافظة أبين على مراحل، وتم التعاقد مع شركة هندية لعمل الدراسات الهندسية وتقديم الخدمات الاستشارية للمشروع، بينما أُوكل لشركة صينية تنفيذ المشروع الذي بدأ العمل فيه رسمياً في العام 2010م، على أن يتم استكماله خلال مدة أربع سنوات، إلا أن تلك الفترة المحددة انقضت دون تحقيق إنجاز يذكر. وفي العام 2015م توقف العمل بالمشروع نهائياً نتيجة الحرب، وتم تجميد المنحة الإماراتية.

في فبراير 2023م تم استئناف العمل بالمشروع، بتسليم الموقع (المرحلة الأولى) للجهة المنفذة بشكل رسمي، وهي شركة كندية تدعى (O.M)، من قبل شركة (SH) للاستشارات الهندسية، ورغم ذلك لا تزال الكثير من العثرات تواجه إنجازه.

يوم 18 يناير 2025م، تعرض عدد من المهندسين التابعين للمشروع لهجوم مسلح (محاولة اغتيال فاشلة)، بمنطقة الكود مديرية خنفر محافظة أبين، ولاقت الحادثة استنكاراً وإدانة واسعين من قبل جميع شرائح المجتمع بالمحافظة خاصة والجنوب عامة.

رغم كل ذلك لا يزال الأمل والتفاؤل حاضرَين بأوساط الأهالي والمزارعين، في أن يتم إنجاز واستكمال المشروع قريباً.

ختامًا..
سد حسان بمحافظة أبين مشروع اقتصادي واعد، من المتوقع أن يعم خيره كافة مناطق الجنوب. ولقد أوشكت أيادي الخير الإماراتية أن تسقي أهالي الدلتا، وتحقق للمزارعين حلماً طال انتظاره، إلا أن الأنانية والجشع حالا دون إنجازه، وأنه يتعين على الجميع استنهاض الهمم والاستشعار بأهمية السد والتصدي للفاسدين، وبذل قصارى الجهود لاستئناف العمل بالمشروع حتى استكماله.

زر الذهاب إلى الأعلى