تقارير وحوارات

من الطبشور إلى التسويق..«المعلمة سمر» نموذج ناجح للمرأة الجنوبية في لحج

شقائق/صحيفة تقرير/ أنسام عبدالله

لا يخفى على أحد مقدار الظلم الذي لحق بشريحة المعلمين في السنين الأخيرة، إذ ومع ارتفاع صرف العملة الأجنبية مقارنة بالعملة المحلية انهارت القيمة الفعلية لرواتب موظفي الدولة، لاسيما المعلمين منهم. وفي سبيل ذلك نفذ المعلمون عدداً من الحركات الاحتجاجية القانونية للمطالبة بإنصافهم من قبل الحكومة، تمثلت في تنفيذ الإضراب والوقفات الإحتجاجية أمام المقرات الحكومية، لكن دون جدوى. فلم تعرهم الحكومة أي اهتمام، ولم تنفذ أدنى مطلب من مطالب هيكلة الأجور، إذ أصبح متوسط راتب المعلم في الغالب ما يقارب مائة ريال سعودي فقط.

لم يتوقف المعلمون والمعلمات عند هذا المقدار، ولم يكتفوا بالشكوى، بل لقد توجهوا إلى مهن أخرى لعلهم يعيلون بها أسرهم في ظل هذه الظروف الاقتصادية الغاية في الصعوبة.

المعلمة سمر نموذج:

منذ سنة من الآن، ومع تصاعد حدة الأزمات الاقتصادية في البلاد وضعف مرتب المعلم، توجهت الأستاذة “سمر أحمد سالم”، وهي معلمة في إحدى المدارس بمحافظة لحج، إلى فتح مشروع خاص بها وكلها أمل في نجاحه، متجاوزة كمية كبيرة من الإحباط لدى كثير من المعلمات، فهي لم تستسلم بل جعلت من مطبخها صفها الثاني ومن عملائها طلابها الجدد، انطلاقاً من إيمانها بأن المكسب الحلال مثمر وإن تعددت أوجهه.

المشروع في تنامٍ:

تقول سمر: أسميت مشروعي “عالم مزن للمعجنات والتحليات”، حيث كنت قد بدأت تنفيذه هذا العام، كما سبقته مرحلة تحضير وإعداد منذ العام الماضي.. بدأت العمل بطلبيات بسيطة لعدد محدود من الأفراد، ومستمرة في عملي إلى الآن.
وأردفت: ومع تطور المشروع ذاع صيتي بين الناس نتيجة جودة الطلبيات والالتزام بالمواعيد، وأصبحت الآن أوفر طلبيات أعراس ولله الحمد.
وأضافت سمر قائلة: ومن ضمن توسع مشروعي أنه لم يعد يقتصر على محافظة لحج فقط، بل شملت الطلبيات العاصمة عدن أيضاً.

طموح بالتوسع:

وفي سعيها لتوسيع مشروعها، قالت سمر إنها بصدد إدخال أصناف أخرى من المعجنات ضمن العروض المقبلة، كما تطمح إلى شراء فرن ذي رفوف أكثر ليساعدها في سرعة الإنجاز والعمل.

المرأة أساس النجاح:

تقول الناشطة “سعدية صالح” إنه وبسبب التغيرات الاقتصادية المتعبة على كاهل الناس، ولا سيما النساء منهم وخصوصاً المعيلات، فقد أصبحت المشاريع المنزلية حلولاً ناحجة للاستمرار والكسب المشروع.
داعيةً منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية الداعمة إلى عدم حصر مشاريعها في مناطق معينة فقط، بل يجب تحديث قاعدة بياناتهم على أسس واقعية حقيقية ليشمل كل الأسر المنتجة ذات المشاريع الجديدة، والتي هي في أمس الحاجة للدعم، وما المعلمة “سمر” إلا نموذج عن عشرات النساء الناجحات في لحج، واللاتي هن بحاجة عاجلة وماسة للدعم بالأدوات اللازمة.

ووجهت الناشطة سعدية تحاياها إلى كافة النساء ربات المشاريع المنزلية، داعية إياهن إلى توسيع أعمالهن وعدم التوقف، وطرق أبواب الجمعيات والمنظمات الداعمة للاستفادة من المنح والقروض الميسرة.
وأضافت قائلة: لا تخلو أي مهنة من المخاطر، ومن أبرز التحديات والمخاطر التي تواجه ربات هذه المشاريع هو الحجز ثم الإلغاء، وقد تكون طلبيات كبيرة. كما يجب حماية حقوقهن بتشريعات في هذا الخصوص.

كما نوهت الناشطة سعدية صالح إلى أن النساء في محافظة لحج، كن ومازلن يمثلن قاعدة متينة للعمل الحر، الذي له دور كبير في إنعاش السوق الاقتصادية الراكدة بين الفينة والأخرى.

توصيات:

تبقى شريحة النساء العاملات من أهم الشرائح في مجتمعنا، نتيجة مسوؤليتهن وجديتهن في سوق العمل، بالإضافة إلى وجود رؤية لديهن للاستمرار تحركها رغبتهن في العيش بكرامة، إذ يدرن مشاريعهن في الغالب من داخل بيوتهن، حيث لا يخضعن لشروط أرباب العمل المجحفة..
كما تعد منتجاتهن ذات جودة عالية تتسم بالنظافة والترتيب، مما يكسبهن ثقة العملاء وبالتالي نجاح مشاريعهن.. لذا، يجب أن لا تُترك هذه النساء وحدهن بدون داعم يؤطر أعمالهن ويطورها، إذ بات من الواجب إشراكهن في برامج ريادة الأعمال، بما يسهم في تمكين مجتمعي حقيقي للمرأة.

زر الذهاب إلى الأعلى