تقارير وحوارات

قراءة في إدارة المشهد اليمني من معاشيق.. “العليمي” كيف اختزل الشرعية وأفرغها من مضمونها .. ؟

كريترنيوز / تقرير

يرى محللون ومراقبون للشأن اليمني والجنوبي أن الحرب على الحوثي واستعادة الدولة اليمنية، والعودة إلى الديار في صنعاء وتعز باليمن الشقيق، كانت سبباً في وصول الدكتور رشاد العليمي إلى أعلى هرم السلطة في ما يسمى بالشرعية اليمنية، بحسب ما نص اتفاق الرياض الذي بموجبه انتقلت السلطة من عبد ربه منصور هادي إلى مجلس القيادة في 7 ابريل 2022م، وكان الهدف آنذاك توحيد الجهود وتوجيهها صوب محاربة الحوثي واستعادة الدولة اليمنية، إلا أنها لم تعد ضمن أولويات واهتمامات العليمي في الوقت الراهن، حد وصفهم.

مشيرين إلى أن العليمي اختزل الشرعية في شخصه وأفرغها من مضمونها وغيّر مسار المعركة نحو الجنوب. أبقى الجنوب رهن الأزمات والتراقيع، بعيداً عن الحلول المستدامة بهدف قمع الإرادة الشعبية الجنوبية ومنع الجنوبيين من استعادة دولتهم، غير مبالٍ بالتبعات المؤلمة التي يتجرعها شعب الجنوب جراء الأزمات المفتعلة الظالمة، التي كان أخطرها قطع المياه والكهرباء عن العاصمة عدن، تزامناً مع دخول فصل الصيف واشتداد درجات الحرارة والرطوبة. تعذيب وعقاب جماعي لم يسلم منه الطفل والمرأة والمريض والشيخ الكبير.

توظيف إمكانيات الشرعية لبناء منظومة خاصة به:

وكشف نشطاء أن العليمي وظف إمكانيات الشرعية اليمنية لصالح بناء منظومة مناطقية جهوية تابعة له في أروقة الرئاسي، وفي مفاصل الحكومة وفي القطاعات الإيرادية الهامة، حيث يسعى لتمكين نجله عبد الحافظ من حقول النفط في الجنوب.

ويُتهم العليمي ونجله عبد الحافظ بالتركيز على التوسع والسيطرة على الموارد النفطية في الجنوب.
وذكرت مصادر إعلامية أن العليمي أقصى أبناء شبوة، وقام بإيفاد نائب مدير شركة (OMV) عز الدين الحكيمي ونجله عبد الحافظ و(6) موظفين من أبناء محافظة تعز اليمنية إلى دولة مصر، للمشاركة في المفاوضات حول حقول نفط شبوة،
بالإضافة إلى سعيه الدؤوب للاستفراد بالقرار السياسي، بدلًا من معالجة القضايا التي أوصلتهم إلى السلطة، وعلى رأسها استعادة الدولة من سيطرة الحوثيين وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين.

ويرى مراقبون أن هذه التحركات تمثل استغلالًا سافرًا للسلطة، وسباقاً على النفوذ والسيطرة على قطاعات حيوي مثل النفط الذي يُعد العمود الفقري للاقتصاد اليمني، في حين يتم تجاهل الاحتياجات العاجلة لإعادة بناء المؤسسات الوطنية ودعم الجبهات العسكرية والسياسية ضد الحوثيين.

وتزايدت الانتقادات في الشارع اليمني والجنوبي تجاه هذه السياسات، مؤكدين أن الشرعية اليمنية أصبحت مظلة للفساد وتبعاته من التدهور الاقتصادي والخدمي.

ويتهم ناشطون القيادة الحالية بأنها تعطي الأولوية لمصالحها الشخصية والعائلية، في حين يواجه الشعب معاناة متفاقمة بسبب ارتفاع الأسعار وانعدام الخدمات الأساسية.

تورط نجل العليمي في صفقات مشبوهة:

وكانت مصادر إعلامية نقلت عن مصدر نفطي مطلع قوله: إن نجل رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، استولى على اثنين من الحقول النفطية في محافظة شبوة.
وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن عبدالحافظ نجل الرئيس العليمي استولى على قطاع 4 وقطاع 20 النفطيين في محافظة شبوة.
وأوضح المصدر أن وزير النفط والمعادن، الدكتور سعيد الشماسي، وافق على بيع القطاعين في محافظة شبوة لشركة PICO المصرية المغمورة، التي يملكها من الباطن عبدالحافظ رشاد العليمي.
وأضاف أن توقيع عقود البيع تم في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، من قبل الدكتور عبدالله عمير مدير شركة الاستثمارات النفطية، ونائبه الحمادي.

وأشار المصدر إلى أنه تم الاتفاق مع شركة حفر الآبار النفطية JOECO الصينية للبدء بحفر الآبار في قطاع 4 وقطاع 20 بشبوة، مؤكداً أن عبدالحافظ رشاد هو وكيل شركة الحفر الصينية JOECO في اليمن.

وكانت مصادر أخرى أفادت بأن شركة OMV S2 التي تعمل في قطاع العقلة بمحافظة شبوة، قررت الخروج رسميًا من العمل في القطاع بتاريخ 31 ديسمبر 2024.
وأوضحت المصادر أن تحركات حثيثة يقودها عبد الحافظ العليمي، نجل رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، بالتنسيق مع وزير النفط سعيد الشماسي، بدأت للبحث عن مشغل بديل للقطاع النفطي S2 بعد انسحاب الشركة.

وأكدت وثيقة رسمية موجهة من رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط، مبارك بحميش، إلى وزير النفط، عن التوجه نحو اختيار شركة “بلو سكاي” لتكون المشغل الجديد للقطاع. وتظهر المذكرة طلب الهيئة توضيحات إضافية حول مدى جاهزية الشركة للعمل، مع مرفق يتضمن معلومات عنها باللغة الإنجليزية..
بالإضافة الى ورود معلومات عن تورط نجل العليمي عبد الحافظ في فضيحة مصفاة حضرموت.

ووجه الكاتب والمحلل العسكري البارز، العميد خالد النسي، اتهامات مباشرة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، بالوقوف وراء ملفات فساد في قطاع النفط، وتورط نجله عبد الحافظ.

وفي تدوينة نشرها العميد النسي عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” اتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، بـ”ممارسة الضغوط المباشرة على النائب العام، قاهر مصطفى، بهدف إيقاف التحقيقات الجارية في ملف الفساد المتعلق بشركات النفط في حضرموت”.

وأكد النسي، استنادًا إلى معلومة وصفها بالمؤكدة، أن السبب الرئيسي وراء هذه الضغوط هو تورط نجل العليمي عبدالحافظ، في قضايا فساد لا يستطيع إنكارها.

وقال النسي في تغريدة أخرى إن رشاد العليمي يركز على نفط الجنوب ويهمل تحرير صنعاء. وكشف أن العليمي شكّل لجنة لتقييم القطاع النفطي الجنوبي واختيار مشغلين جدد، بإشراف نجله عبد الحافظ المقيم في القاهرة.

إفراغ القطاعات الاقتصادية والخدمية من مضمونها الإنساني:

في سياق التحركات المشبوهة للعليمي في الجنوب، كشف نشطاء وإعلاميون أن العليمي أفرغ قطاعات الدولة الاقتصادية والخدمية من مضمونها الخدمي الإنساني، وحولها إلى سلاح استخدمه في عدة اتجاهات لتوسيع نفوذ سلطته العائلية الجهوية، وإزاحة كل من يراه عقبة في طريقه. مثل ما حصل مع الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئيس الوزراء السابق، حول خلاف الطرفين على تعيينات في الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية “وايكوم”.
بالإضافة إلى التدابير التي اتخذها بن مبارك لمحاربة الفساد والإصلاح المالي والإداري، وإعادة بناء مؤسسات الدولة في العاصمة عدن، وغيرها من الخطوات الإيجابية التي لا تتوافق مع سياسة العليمي في الجنوب، الذي بدوره باشر إلى تعطيل قرارات بن مبارك وتقييد صلاحياته الدستورية، والحلول دون إجراء التعديل الحكومي المستحق، وإلى افتعال أزمات خدمية في العاصمة عدن.
وعبر ذبابه الإلكتروني ووسائل إعلامه، قاد العليمي حملة إعلامية ضد بن مبارك، محملاً إياه مسؤولية تلك الأزمات.

إبقاء الجنوبيين في دائرة الأزمات والتراقيع لإجبارهم على رفع الراية البيضاء:

كما استخدم العليمي القطاعات الاقتصادية والخدمية سلاحاً ضد شعب الجنوب، بحسب النشطاء السياسيين والإعلاميين، لقمع إرادته وثنيه عن قضيته السياسية وعن مشروعه في استعادة دولته، وإبقاء الجنوب حبيس دائرة الأزمات المتجددة والتراقيع المؤقتة، بعيداً عن الحلول المستدامة، وممارسة أقصى الضغوط حتى يرفع الجنوبيون الراية البيضاء، لتحقيق أهداف سياسية مرفوضة مسبقاً تتمثل في إعادة إنتاج الوحدة اليمنية، ولمنع شعب الجنوب من فك ارتباطه عن صنعاء، في عملية انتهاك واضحة للحقوق والحريات وللنهج الديمقراطي العالمي الذي اعطى الشعوب حرية الاختيار وتقرير مصيرها.

وأكد مختصون أن السياسة التي يتبعها العليمي في الجنوب تقوم على ابتزاز وإنهاك المواطن الجنوبي لإجباره على القبول بحلول لا تلبي طموحاته،
تتنافى مع القانون الدولي الإنساني، وتندرج في خانة الإرهاب والقمع والعقاب الجماعي تحت غطاء سياسي، مع عدم مراعاة التبعات الإنسانية الخطيرة. إضافة إلى اتباعه سياسة خبيثة تجاه المجلس الانتقالي الجنوبي تتعارض مع نصوص الشراكة.

ختامًا..
وصف جنوبيون العليمي بالوافد الخبيث اللئيم، مطالبين بإقالته، ومشيرين إلى وقوفه خلف الأزمات الحاصلة في الجنوب..
مناشدين الانتقالي الجنوبي وجميع القوى والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وشرائح المجتمع الجنوبي عامة، ممارسة شتى الضغوط حتى تتم إزاحته عن المشهد..
مؤكدين أن العليمي رأس الفساد، وفي ظل وجوده لن يحدث أي إصلاح جذري اقتصادي أو خدمي، وستبقى الجنوب أسيرة سياسة الترغيب والترهيب إلى ما لا نهاية.

زر الذهاب إلى الأعلى