في ظل الانهيار الاقتصادي وتردي الخدمات.. معاناة أصحاب المشاريع الصغيرة بلا حدود.

كريترنيوز /تقرير / محمود أنيس
شهدت العاصمة عدن وغيرها من محافظات الجنوب بعد حرب 2015م، حركة نشطة من المشاريع الصغيرة والمتوسطة لشباب وشابات وبعض ربات المنازل، الذين لجأوا لعمل مشاريع صغيرة لمساعدة أنفسهم وأسرهم.
لذا يقف أصحاب المشاريع الصغيرة في مدينة عدن أمام واقع اقتصادي متدهور، يكاد يخنق أحلامهم اليومية بالبقاء ناهيك عن التوسع أو التطور. وفي ظل انهيار العملة المحلية، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، بات الحفاظ على استمرارية المشروع نفسه إنجازًا يوميًا.
أزمات متعددة تواجه أصحاب المشاريع:
الانهيار الاقتصادي:
يشكو كثير من أصحاب المشاريع الصغيرة، مثل البقالين، وأصحاب الورش، والمطاعم، والحرفيين وأصحاب محلات التحف، بالإضافة لبائعي المعجنات والوجبات المنزلية وغيرهم، من ارتفاع التكاليف التشغيلية، خصوصًا بعد انهيار العملة والارتفاع الكبير في أسعار الوقود وتردي خدمة الكهرباء. هذا الارتفاع أثر بشكل مباشر على أسعار المنتجات، مما جعل المستهلكين يعزفون عن الشراء، وأدى إلى انخفاض حاد في الأرباح.
إضافة إلى ذلك، يعاني أصحاب المشاريع من ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، مما يفرض عليهم تقديم منتجاتهم بأسعار منخفضة رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج، فقط لتجنب الخسارة الكاملة.
وفي هذه الإطار قال عزام ابرهيم، أحد ملاك محلات بيع الهدايا والشيش والمعسلات: خلال العامين الماضية أصبحنا نعاني جداً من الانهيار الاقتصادي الذي تسبب في انهيار العملة المحلية “الريال”.
وأضاف: أصبحت كل يوم أعمل تغيير للأسعار نظراً لما نعيشه من عدم استقرار للريال مقابل العملات الأجنبية، مما سبب لنا إحراجاً مع الزبائن، حتى صار البعض يشكك في مصداقية المحل.
وختم عزام حديثه قائلاً: في حال عدم مقدرة الحكومة على إيقاف هذا الانهيار، فإني أرى أنه من الأفضل أن أوقف عمل المحل، لأن هذا الوضع غير مناسب للعمل للأسف، ولكن أملنا في الله تعالى.
تردي الخدمات:
في ظل ما تشهده مدينة عدن من انعدام شبه كلي للكهرباء منذ عامين أو أكثر، وأصبحت المدينة تعيش في معاناة ما يقارب 14 ساعة انقطاع للكهرباء مقابل ساعتين، وأحياناً تصل ساعات الانقطاع إلى 16 ساعة في اليوم مقابل ساعتين، أدى هذا الوضع المنهار لخدمة الكهرباء إلى تعطيل وإيقاف مشاريع عديدة خاصة المعتمدة على التيار الكهربائي.
وفي ذلك قال إبراهيم عزيم، صاحب ورشة لحام: بسبب غياب الكهرباء أصبحنا نؤخر عمل الكثير من الزبائن، ولهذا انخفضت نسبة العمل إلى 50٪.
وأضاف إبراهيم قائلاً: كنا بالأول نقوم بتشغيل مولد كهربائي لإنجاز العمل، ولكن بعد ارتفاع سعر البترول أصبحنا لا نستطيع عمل ذلك، لهذا فإننا نعتذر عن بعض الأعمال.
انعدام التمويل:
أصبح الوصول إلى التمويل أحد أكبر التحديات، فالمصارف شبه معطّلة، والقروض نادرة، وغالبًا ما تكون بفوائد مرتفعة لا تتناسب مع طبيعة المشاريع الصغيرة.
ونتيجة لذلك، فإن الكثير من أصحاب المشاريع يعتمدون على مدخراتهم الشخصية أو على قروض عائلية، ما يضعهم تحت ضغط دائم، ويزيد من هشاشة مشاريعهم.
دور السلطات والحكومة:
في ظل الأوضاع المتردية التي تعيشها البلاد، فإن دور السلطات والحكومة شبه غائب، على الرغم من محاولات السلطة المحلية في عدن تسهيل العمل لأصحاب المشاريع الصغيرة.
وفي هذه الإطار، قال أحمد حيدان، أحد ملاك المطاعم في عدن: تسعى السلطة المحلية في عدن لتسهيل عملنا، وهذه شهادة حق، ولكن مثل ما يقول المثل يد وحدة ما تصفق.
وأضاف قائلاً: نحن كأصحاب مطاعم فإننا نحتاج بشكل كبير للكهرباء، وهذه أمر يخص الحكومة، فاستخدام المولد الكهربائي لساعات طويلة أمر مستحيل خاصة في ظل ارتفاع البترول.
وختم حيدان قائلاً: يتوجب على الحكومة مساندة مثل هكذا مشاريع تصنف صغيرة أو متوسطة، نظراً لما تقوم به من دور في تخفيف البطالة.
وتحدث مهتمون بهذا الشأن، مشيرين إلى أن معاناة أصحاب المشاريع الصغيرة في عدن ليست مجرد صعوبات مؤقتة، بل هي أزمة متجذرة تحتاج إلى تدخل حقيقي من الدولة، والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص، بتوفير تمويل ميسر، وتأهيل فني، ودعم لوجستي وإداري يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا، ويحول هذه المشاريع من عبء هش إلى ركيزة لإنعاش الاقتصاد المحلي.
ختاماً..
أصحاب المشاريع الصغيرة في عدن من أكثر الفئات تضررًا من الانهيار الاقتصادي، لأنهم يفتقرون إلى الاحتياطات المالية الكبيرة، ولا يملكون قدرة على تحمل الصدمات لفترات طويلة. استمرار الأزمة بدون تدخلات حقيقية قد يؤدي إلى زوال شريحة واسعة من هذه المشاريع، مما قد يؤثر سلبًا على فرص العمل المحلية والاقتصاد المجتمعي.